بعد استفتاء 16 آذار (مارس) الجاري حول انضمام القرم إلى روسيا، يدور سؤال أساسي: هل ستكون شبه جزيرة القرم دولة قابلة للحياة إن قررت الانفصال عن اوكرانيا؟


أفاد نائب روسي أن روسيا مستعدة لتوفير أكثر من مليار دولار للمنطقة الاستراتيجية على البحر الاسود، التي تخضع حاليًا للسيطرة الروسية بحكم الامر الواقع. غير أن اولكسندر شلاباك، وزير مالية اوكرانيا، تعهد باستمرار كييف في تغطية جميع نفقات الميزانية في القرم.

غير قادرة

يعكس هذا الحديث اعتماد جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي على الخارج للاستمرار. وتعد شبه الجزيرة مليوني شخص في جنوب اوكرانيا على مساحة أصغر من بلجيكا. وتحصل على 82% من كهربائها من اوكرانيا، بحسب ميهايلو غونشار، خبير الطاقة في مركز نوموس في كييف.

وتستخرج شركة شورنومورنفتوغاز 1,6 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي من البحر الاسود سنويًا، لكن هذا يكاد لا يغطي حاجات القرم، ما سيطرح مشكلة كبرى في حال سيطرة روسيا على المنطقة الاستراتيجية، بحسب غونشار.

قال: quot;لن تكون روسيا قادرة على توفير تعويض في مهلة قصيرة للقرم عن الموارد الاوكرانية، لأن الاتصال بالبنى التحتية ليس متوافرًا بين روسيا والقرم، وستكون هناك عواقب وخيمة لسكان القرم في جميع الاحوال، في حال ضم روسيا لشبه الجزيرةquot;.

لا سياحة

وعلى ساحل البحر الاسود الذي شكل وجهة رئيسية للسياحة في فترة الاتحاد السوفياتي، ما زال اقتصاد القرم يعتمد بشكل كبير على السياحة، عبر منتجعات على غرار يالطا وافباتوريا، التي تجذب الحشود صيفًا. لكن مع وجود الجنود الروس وسفنهم مكان السيّاح وسفن الرحلات، بدأت المنتجعات ترتقب موسمًا يشهد خسائر فادحة.

وقالت الصحافية الاقتصادية الاوكرانية الشهيرة سفغيل موساييفا: quot;قرر الكثيرون عدم التوجه إلى القرم في عطلهم، لأن المنطقة ليست آمنة، لذلك سيتجه الكثيرون إلى تركيا او سوتشي، المنتجع الروسي الذي يستضيف حاليًا الالعاب الاولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة، فيما يحدق خطر الحرب بمنطقة البحر الاسود برمتهاquot;.

وإذ أتى في العام الفائت أكثر من مليوني سائح إلى القرم، تقول موساييفا: quot;قد تخسر الشركات السياحية زبائنها، إن لم يكن عملها برمته، في حال انضمت القرم إلى روسيا، وهي تشعر بالذعرquot;. أضافت: quot;بالامس، كانت المنطقة ارضًا اوكرانية، اليوم هناك الكثير من الجنود قرب المكاتب والكثير من الاعلام الروسية على جدران المدن وفوق المدارسquot;.

مخاوف كبرى

اولكسي سكوريك، رئيس صندوق تنمية القرم، اكثر تشاؤمًا، ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية تحذيره من أن الوضع الاقتصادي الصعب اصلًا في المنطقة سيتفاقم مع تصعيد الازمة. فإلى جانب السياحة، تشكل الزراعة محركًا كبيرًا للاقتصاد المحلي، quot;لكنها تعتمد كثيرًا على مخزون المياه، وكل موارد المياه متصلة باوكرانيا، لذلك هناك مخاوف كبرى من قطعها إن ساءت الاوضاعquot;، كما قال. واضاف: quot;من السخافة القول باستمرار الاستثمارات في القرم في حال تواصل التوترquot;.

وحذر قادة القرم الاربعاء من أنهم سيبدأون بالسيطرة على الشركات التابعة للدولة الاوكرانية، لكنهم طمأنوا الشركات الخاصة بأنهم لن يتعرضوا لها. ونقلت وكالة انترفاكس الروسية عن رستم تميرغالييف، نائب رئيس الوزراء المحلي، أن شركات على غرار شورنومورنفتوغاز والفروع المحلية من شركات وطنية كشركة اوكرزاليزنيتسيا لسكك الحديد ستنتقل إلى ملكية القرم قريبًا جدًا.

لا يكفي

تؤمن اوكرانيا 2,8 مليارات هريفنيا (300 مليون دولار) لشبه الجزيرة على البحر الاسود سنويًا، بحسب فاليري شالي، نائبة مدير مركز رازومكوف للابحاث في كييف، ونائبة وزير خارجية اوكرانية سابقًا.
وصرح النائب الروسي بافيل دوروخين، من لجنة الدوما للصناعة، أن موسكو مستعدة لتقديم 1,1 مليار دولار لدعم تطور البنية التحتية الصناعية والاقتصادية في القرم، quot;لكن هذا لا يكفي لحفظ نظام جديد، واعادة تأكيد جميع الضمانات الاجتماعية لمواطني القرم، بما فيها التقاعد والرواتب، وفق ما قالته شالي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وفيما ستعاني القرم، في حال قررت قطع العلاقات مع اوكرانيا للانضمام إلى روسيا، فإن ذلك لن يحدث فرقًا كبيرًا لدى كييف، أقله على المدى القصير. تقول شالي: quot;نسبة الاقتصاد المحلي للقرم في اجمالي الناتج المحلي الاوكراني لا تتجاوز 3%، لذلك ليست هناك خسارة كبرى حتى الآن، لكن العواقب على المدى الطويل أكثر حساسيةquot;.