أسعار التعادل المنخفضة، والميزانيات العمومية القوية، والاحتياطيات المالية الوافرة، هي التي تعزز مناعة الاقتصاد الخليجي إزاء التراجع النفطي.

إيلاف - متابعة: رجح مختصون وخبراء اقتصاديون انتظام إمدادات النفط الخام في الأشهر المقبلة، رغم الانخفاض في الأسعار، وتوقعوا تعافي الأسعار في المستقبل مع تحقيق التوازن في العرض والطلب، مؤكدين في الوقت نفسه أن فترة قصيرة إلى متوسطة الأجل من انخفاض أسعار النفط ستكون ذات تأثير محدود على المنطقة.

3 عوامل

وورد في تقرير نشرته "الشرق الأوسط" أن محيي الدين قرنفل، مدير الاستثمار في الصكوك العالمية وأدوات الدخل الثابت فرانكلين تمبلتون للاستثمار بالشرق الأوسط، قال: "هناك 3 عوامل رئيسية كفيلة بأن تمرر حالة انخفاض أسعار النفط القائمة بردًا وسلامًا على الدول الخليجية، تتمثل في أسعار التعادل المنخفضة، والميزانيات العمومية القوية، والاحتياطيات المالية الوافرة".

أضاف: "نجحت دول مجلس التعاون الخليجي على نحو أفضل في إدارة فوائضها التي نجمت عن الطفرة النفطية على مدى السنوات العشر الماضية، كما أن الانخفاض الكبير في معدل الديون، وتراكم كثير من الاحتياطيات، سيسمحان للسعودية وقطر والإمارات والكويت بالتعامل بسهولة مع العجز الناجم عن الانخفاض في أسعار النفط لفترة طويلة من الزمن، ومن المرجح أن تساهم الفوائض المتراكمة في تخفيف آثار انخفاض أسعار النفط ومساعدة الحكومات لمواصلة جهودها في اتجاه التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط، وهذه الدول قادرة على رفع الديون كدليل على علو درجة تصنيفها الائتماني من الناحية الاستثمارية."

فترة من التقلبات

بنزول سعر النفط تحت 55 دولارًا للبرميل، تتوقع أوبك أن يضع ارتفاع التكلفة الكيانات المنتجة للنفط الصخري في الولايات المتحدة تحت ضغوط متزايدة تجمد قدراتها.

وقالت شركة فرانكلين تمبلتون، خلال مؤتمر عقد الأربعاء في دبي للكشف عن تقرير للتوقعات الاقتصادية، إن تصريحات الوزراء المعنيين في دول مجلس التعاون الخليجي تدفع لتوقع فترة من التقلبات المتزايدة في سوق النفط، قد تمتد حتى الربع الثاني من 2015، ليؤدي ذلك إلى انخفاض نمو الإنتاج في الولايات المتحدة وارتفاع الطلب العالمي للنفط الخام، وتباطؤ إنتاج كل من الولايات المتحدة وغيرها من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك خلال 2015.

وأكد التقرير أن شركات التنقيب والإنتاج في الولايات المتحدة وتوجيه النفقات المالية إلى آبار النفط الصخري سوف يشهد انخفاضًا في عام 2015، وهو ما يعني أن توقعات نمو الإنتاج في أميركا الشمالية ستتناقص خلال العام الجديد.

الطلب إلى ارتفاع

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزداد النمو في الطلب إلى 900 ألف برميل يوميًا في 2015، ليكون بذلك أعلى من توقعات نمو الطلب في 2014 والتي بلغت 700 ألف برميل يوميًا.

وتمر أسعار البنزين في محطات الوقود في الولايات المتحدة في الوقت الحالي بأدنى مستوياتها منذ 2010، ما دفع المشاركين إلى توقع تزايد الطلب من السائقين في الولايات المتحدة ليصل إلى 150 - 200 ألف برميل في اليوم.

وتشير بعض البيانات الأخيرة إلى عودة الطلب على النفط في الصين إلى المزيد من معدلات النمو الطبيعية على أساس سنوي، مع بيانات شهر أكتوبر (تشرين الأول) التي تؤكد نمو الطلب على النفط بنسبة 4,2 بالمئة سنة على سنة، كما نما الطلب على البنزين بنسبة 11 بالمئة سنة على سنة، وكذلك الديزل بنسبة 5 بالمئة سنة على سنة.

إصلاحات مالية

ومع توقعات أسعار أقل من ذلك، توقع المشاركون في التقرير قيام دول مجلس التعاون الخليجي بإقرار بعض الإصلاحات والتعديلات المالية، التي من الممكن أن تكون صعبة التنفيذ في ظل أسعار أعلى من النفط، ومن ذلك الإعلان عن تسعيرات للمياه والطاقة، بالإضافة إلى المزيد من التحرير لأسعار الغاز الذي يباع لكبار المنتجين الصناعيين في 2015، وأكدوا على إيجابية هذه الإصلاحات لتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.

وتوقعت فرانكلين تمبلتون أن تقوم دول مجلس التعاون الخليجي باستهداف ذات الإنفاق الحالي إلى حد ما، مع انتقال كثير منهم بالفعل للحد من تصاعد الإنفاق الحالي منذ 2013، بعد الارتفاعات الحادة في 2011، مع تداعيات الربيع العربي.

مرونة استثمارية

وقال باسل خاتون، مدير محفظة الأسهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى فرانكلين تيمبلتون إنفستمنتس الشرق الأوسط: "وجود الدول ذات التوجه الاستهلاكي والتي تعتمد على الصناعة والسياحة والزراعة من أجل النمو، يوفر التنوع والمرونة الاستثمارية الكبيرة في المنطقة".

وأضاف: "اتخذت معظم البلدان المستوردة للنفط خلال العامين الماضيين تدابير لضبط الأوضاع المالية العامة، وهو ما يمكن ملاحظته بشكل أكبر في الحالة المصرية، لكن ذلك طال أيضاً الأردن والمغرب مع استفادتها من انخفاض أسعار النفط، وهذا ما يعزز من الأوضاع المالية لهذه الدول، فوفقًا لحسابات صندوق النقد الدولي، انخفاض أسعار النفط بنسبة 20 بالمئة كفيل بتحسين الأرصدة المالية لعام 2015 بنسبة تصل إلى 1 بالمئة الناتج المحلي الإجمالي في الأردن، وإلى ما يصل إلى 0,4 بالمئة في لبنان".

توسيع آفاق النمو

وتطرق الخبراء إلى إعلان هيئة السوق المالية السعودية عن خططها فتح سوق الأسهم أمام المستثمرين الأجانب في النصف الأول من 2015، موضحين أن ذلك سيوفر فرصة للمستثمرين لتوسيع وتعميق آفاق النمو القوية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، مدعومًا بالمكون السكاني الشاب والممتد وتفهم الحكومة لضرورة تلبية الحاجة إلى التعليم والعمل والبنية التحتية والإسكان المزدهر في المملكة، وذلك لإيجاد خلفية للمناخ الاقتصاد الكلي القوي.

وأشاروا إلى أن فتح "تداول" سيوفر 45 مليار دولار من التدفقات المالية الخارجية - لافتتاحية السوق بـ10 في المائة، وفقًا للقيمة السوقية في 5 كانون الثاني (يناير) 2015.

وأكد نورمان بويرسما، الرئيس التنفيذي للاستثمار مجموعة تمبلتون للأسهم العالمية، أن أوروبا تضررت من القيود المفروضة على نظامها المصرفي والهيكلة السياسية، "لكننا نعتقد أن تشكيل اتحاد مصرفي في أوروبا تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي من الممكن أن يسهم بفاعلية في استعادة الثقة وتحسين السيولة في النظام المالي الأوروبي".