في خطوة تؤشر على زيادة توتر العلاقات بين مصر وتركيا، قررت الحكومة المصرية إلغاء إتفاقية تجارية بين البلدين باسم "الرورو"، فيما رحب خبراء اقتصاديون وتجاريون بالقرار، معتبرين أن مصر لم تستفد من الإتفاقية التي أبرمت عام 2012 في عهد الرئيس السابق محمد مرسي.
&
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أعلنت الحكومة المصرية إيقاف العمل بإتفاقية "الرورو" التجارية مع تركيا، وقال أيمن الشريعي، المتحدث باسم وزارة النقل، إن مصر أبلغت تركيا عن طريق وزارة الخارجية، بعدم تجديد اتفاقية الخط الملاحي ''الرورو''، مشيراً إلى أن أي شحنات قادمة ستعبر من خلال قناة السويس.
&
وأوضح الشريعي في تصريحات له أن "إبلاغ مصر لتركيا بعدم تجديد هذه الاتفاقية حدث منذ 6 أشهر بموجب الاتفاقية التي تنص على الإبلاغ بعدم تجديد العقد قبل 6 أشهر"، مشيرا إلى أن "آخر شحنة سيتم نقلها بموجب اتفاقية الخط الملاحي ''الرورو'' ستكون يوم 24 أبريل الجاري". ولفت إلى أن "أي شحنات قادمة بعد ذلك ستمر من خلال قناة السويس لحماية الطرق والسولار المصري".
&
وأبرمت الإتفاقية التجارية بين مصر وتركيا في أثناء حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، في العام 2012، وتمنح الشاحنات التركية التي تنقل البضائع إمتيازات واسعة، ويربط الخط الملاحي "الرورو" بين مينائي اسكندرونة التركي ودمياط المصري، وشكل الخط الملاحي شرياناً حيوياً للبضائع التركية، لاسيما في أعقاب تدهور الأوضاع في سوريا.
&
وتخصص مصر بموجب الإتفاقية للشاحنات التركية رصيف بميناء دمياط، ومساحات كافية لتخزين الشاحنات الواردة والمنتظرة في طريق العودة على أن تتبع إجراءات الإفراج برسم الترانزيت بقانون الجمارك دون تفتيش وبضمان دفاتر المرور الدولية بتركيا.
&
ويرى اقتصاديون مصريون أن الاتفاقية سهلت لتركيا أن تدخل بضائعها برسوم هزيلة جداً، ولم تستفد منه مصر شيئا باستثناء رسوم العبور التي لا تتجاوز 5 ملايين دولار طيلة عام كامل مقابل إهلاك الطرق البرية في مصر.
&
وقال محمد مسعود، عضو ائتلاف تجار دمياط، لـ"إيلاف" إن الاتفاقية كانت تمثل تهديداً للأمن القومي المصري بعد أن فتحت تقنين توطين ما يتخطى مليوني شخص سوري، بالإضافة إلى تهريب آلاف الجهاديين والتكفيريين التابعين لتنظيم القاعدة وإخفائهم في الشاحنات التركية.
&
ولفت إلى أن الإتفاقية ساهمت في انتشار تهريب البضائع والإضرار بالإقتصاد المصري، &مشيراً إلى أن تركيا حققت مكاسب من الإتفاقية التي تقدر بـ26 مليار دولار، بينما لم تحقق مصر سوى 13.5 مليون دولار فقط.
&
ونبه إلى أن الإتفاقية أدت إلى إغراق الأسواق المصرية بالبضائع، وساهمت في إغلاق عدة آلاف من المصانع، وتشريد نحو مائة ألف أسرة مصرية، وتدمير المنطقة الحرة ببورسعيد.
&
فيما قال رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، أحمد الوكيل، لـ"إيلاف" الإتفاقية التي أبرمها الرئيس السابق محمد مرسي في مارس/ آذار من العام 2012، &لم تحقق أية عائدات إقتصادية لمصر، مشيراً إلى أن الإتفاقية تصب في صالح تركيا بالأساس. ولفت إلى أنها أعطت مزايا ضخمة للشركات التركية، وسمحت للشاحنات التركية أن تنقل البضائع عبر مصر وتمر من الطرق بدون تفتيش، على أن تنقل البضائع المصرية إلى السوق التركية ومنها إلى السوق الأوروبية في طريق العودة، إلا أنها لم تكن تفعل، وكانت تعود إلى تركيا فارغة. ونبه إلى أن الإتفاقية شكلت ضرراً على مصر إقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً.&
&
رفض مصر تجديد الإتفاقية التجارية مع تركيا، يرجع بالأساس إلى توتر العلاقات السياسية بين البلدين، وقال الدكتور مصطفى سمير، الخبير الاقتصادي، لـ"إيلاف" إن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وبالتالي كلما تحسنت العلاقات السياسية بين الدول وبعضها تحسن الوضع الاقتصادي. وأضاف أن العلاقات المتوترة بين مصر وتركيا ساهمت في وقف نمو العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين.
&
ولفت إلى أن الميزان التجاري بين البلدين يصب في صالح الجانب التركي، موضحاً أن تركيا تستفيد من السوق المصري أكثر مما تستفيد مصر من السوق التركي. وذكر أنه في حالة استمرار الموقف التركي الرافض للإعتراف بالسلطة الشرعية في مصر، وإستمرار دعم جماعة الإخوان المسلمون، فسوف تخسر تركيا الكثير اقتصادياً.
&
ونبه إلى أن هناك اتفاقيات مهمة بين الدولتين منها: اتفاقية الكويز واتفاقية المنطقة الخاصة بقناة السويس والسياحة، مشيرا إلى أن إيقاف العمل بإتفاقية الرورو خطوة أولى من جانب مصر تجاه تركيا، متوقعاً إتخاذ المزيد من الإجراءات الإقتصادية من جانب الحكومة المصرية. وأفاد بأن المصريون يشكلون رقماً مهماً في السياحة التركية، وحذر من أن إستمرار العداء التركي لمصر أدى إلى إحجام المصريين عن السفر إلى تركيا للسياحة، فضلاً عن مقاطعة المصريين للمنتجات التركية، ولفت إلى إن رجال الأعمال الأتراك لهم وجود قوي في قطاع صناعة الغزل والنسيج وصناعة الملابس في السوق المصرية.
&
وأشار إلى أن السوق المصرية من أهم واكبر الأسواق في الوطن العربي كدولة مستوردة وليس مصدرة، مشيرا إلى أن الجانب المصري سوف يقوم باعادة النظر في الاتفاقيات التجارية التي عقدها معهم الرئيس المعزول محمد مرسي والتي تعطى للجانب التركي ميزات نسبية.