ريو دي جانيرو: خفضت وكالة "ستاندرد اند بورز" للتصنيف الائتماني الاربعاء تصنيف الديون السيادية للبرازيل الى فئة استثمارات "المضاربة" في خطوة يمكن ان تثير تحفظ المستثمرين بينما تواجه حكومة ديلما روسيف صعوبات ميزانية وسياسية متزايدة.

وقالت الوكالة انها خفضت تصنيف الدين السيادي البرازيلي من "بي بي بي-" الى "بي بي+" مع افق سلبي اي امكانية خفضه مجددا، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه حكومة سابع اقتصاد في العالم صعوبة في اقرار اجراءات تقشف ضرورية في اجواء من الانكماش الاقتصادي.

وقالت ستاندرد اند بورز في بيان ان "التحديات السياسية التي تواجهها البرازيل لا تنفك تتزايد، الامر الذي يرخي بثقله على قدرة الحكومة وإرادتها في ان تقدم الى البرلمان موازنة للعام 2016 تتفق والتصحيح السياسي اللافت الذي سجل في القسم الاول من الولاية الثانية للرئيس ديلما روسيف".

واضافة وكالة التصنيف الائتماني ان "هناك احتمالا بنسبة 30 بالمئة لخفض جديد (في التصنيف) بسبب تدهور الوضع الميزاني في البرازيل". وقال وزير التخطيط البرازيلي نلسون باربوزا مساء الاربعاء ان هذا الاجراء "ليس نبأ سارا لكن يمكننا عكس التوجه وسنعمل على ذلك"، مؤكدا ان "الحكومة البرازيلية تملك كل الادوات لحل الازمة الميزانية في البلاد".

وبعدما وصف اعلان الوكالة "بالمفاجأة"، قال باربوزا "نعمل على ابقاء تصنيفنا لدى الاسواق بمستوى مماثل او اعلى". اما وزير المالية يواكيم ليفي فقد دافع في بيان عن التزام حكومته تعزيز الميزانية واعلن عن اصلاحات جديدة ستعرض على البرلمان في الاسابيع المقبلة.

وقال ان "هذا الجهد يكمل اجراءات الاقتصاد الكبري التي اتخذت منذ بداية العام وتترجم اصلا بعملية اعادة التوازن للحسابات الخارجية وتراجع مؤشرات عدة بينها تقديرات التضخم ل2016 و2017".

وما زالت الوكالتان الاخريان للتصنيف الائتماني موديز وفيتش تبقيان البرازيل في مئة الاستثمار في مؤشر يثير ارتياح المستثمرين ويستبعد فرص تخلف البلاد عن دفع مستحقاتها. لكن المحلل اندري ليتي الاقتصادي في مجموعة تاغ اينفيتيمنتوس قال انهما قد تحذوان حذو ستاندرد اند بورز.

وصرح ليتي لوكالة فرانس برس "اذا خفضت وكالة اخرى تصنيف البرازيل فان المؤسسات الاستثمارية ستضطر على الارجح لاخراج اموالها من البلاد". وكانت الحكومة البرازيلية فاجأت الجميع في نهاية آب/اغسطس حين ارسلت الى البرلمان مشروع موازنة العام 2016 تضمن للمرة الاولى في تاريخ البلاد عجزا اوليا. وتبلغ نسبة هذا العجز 0,5% من اجمالي الناتج المحلي اي 30,5 مليار ريال (8,4 مليار دولار).

ودخل الاقتصاد البرازيلي في مرحلة انكماش في الربع الثاني من العام، في الوقت الذي تشهد فيه اقتصادات دول اخرى ناشئة مثل روسيا والصين تباطؤا في نموها او حتى انكماشا في اجمالي الناتج المحلي.

ويرجح المحللون ان لا يكون المستقبل القريب افضل حالا، اذ انهم يتوقعون استمرار الانكماش لعامين على الاقل حتى نهاية 2016. واذا صدقت هذه التوقعات ستكون هذه هي المرة الثانية منذ 85 عاما (1930-1931) التي يسجل فيها الاقتصاد البرازيلي انكماشا على مدى عامين متتاليين.

ولا تبدو بقية المؤشرات الاقتصادية لعملاق اميركا اللاتينية افضل حالا، فالبرازيل تواجه تضخما بلغ معدله 9,56% على 12 شهرا، ونسبة بطالة متزايدة تبلغ حاليا 7,5%، وهي مؤشرات انعكست تراجعا في شعبية الرئيسة روسيف.

وتحاول الحكومة ان تمرر في البرلمان اجراءات لاصلاح الميزانية في البرلمان مما يمكن ان يسمح لها بخفض العجز عن طريق تقليص النفقات العامة. لكن المهمة تبدو صعبة بسبب ازمة سياسية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حيث يخضع عشرات البرلمانيين لتحقيقات بتهم فساد في فضيحة بتروبراس.

وقالت ستاندرد اند بورز "نعتبر ان التحقيقات الحالية بتهم الفساد التي تستهدف مسؤولين كبارا وشركات في القطاعين العام والخاص (...) تؤدي الى اجواء من عدم اليقين السياسي". واخيرا تتوقع الوكالة تراجع اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2,5 بالمئة لهذه السنة و0,5 بالمئة للعام المقبل، ثم "نموا متواضعا" في 2017.