يبدو أن عض الأصابع بين أوبك والبترول الأميركي يميل لصالح أوبك، فالديون والخسائر تهدد شركات استخراج النفط الصخري بالوصول إلى الافلاس.
&
حيان الهاجري: هل وصل النفط الصخري إلى نهاية الطريق؟ هل انقلب سحر النفط الأميركي على الساحر؟ أسئلة مشروعة اليوم يطرحها محللون نفطيون يرون أن الاستثمار في الوقود الصخري لم يعد مجديًا راهنًا في ظل انخفاض سعر برميل النفط وترجع الإنتاج الأميركي من 9.4 ملايين برميل في 2015 إلى 8.7 ملايين يوميًا في 2016، إلى 8.5 ملايين برميل يوميًا في 2017، مع حاجته إلى استثمارات ضخمة تحفظ وتيرة الإنتاج العالية.&
&
زمن التراجع
&
أنتجت الشركات الأميركية نفطًا صخريًا بسرعة وبكثافة مشهودتين، بشكل قض مضاجع دول نفطية كبرى وهدد حصتها في إمداد سوق النفط العالمية. والجدير بالذكر هنا أن إنتاج النفط الصخري في أميركا ارتفع بنحو أربعة ملايين برميل يوميًا منذ 2008، رافعًا الولايات المتحدة إلى دولة نفطية كبرى تنافس كبار المنتجين العالميين أمثال روسيا والسعودية، وفي آب (أغسطس) الماضي، وصل الإنتاج النفطي الأميركي إلى 8.6 ملايين برميل يوميًا، مع استخدام تقنيتي التكسير الهايدرولكي والحفر الأفقي.
&
إلا أن هذا النجاح احتوى على بذور تراجعه. فعلى الرغم من نجاح الشركات في العام الماضي في توفير السيولة النقدية يبيع سندات وأسهما تعويضًا لخسائر انخفاض أسعار النفط، فإن هذه البيوعات بدأت تتراجع بحدة، فصارت الشركات رهينة الخسائر المتزايدة والديون المتراكمة. وقال "ستاندرد أند بورز" إن 16 شركة عجزت في 2015 عن سداد ديونها، فيما تعاني 8 شركات أخرى من تراجع كبير في تصنيفها الائتماني، موشكة على الإفلاس في أقل من عام.
&
اختبار حقيقي
&
قال تقرير أخير إن تضرر أسعار النفط التقليدي ليس العلامة الوحيدة التي ميزت أسواق الطاقة أخيرًا، مع تراجع نفط أوبك 40 في المئة منذ حزيران (يونيو)، فشركات إنتاج النفط الصخري، تكافح بدورها لتفادي مزيد من التراجع الذي يمكن أن ينتهي بها للإفلاس، خصوصًا أن صناعة النفط الصخري الأميركية "تعيش اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على تحمل الأعباء، ومع تصاعد الضغط على منتجي النفط، تواجه الشركات الضعيفة تهديدًا بتضاؤل الاستثمار وتعثر الإنتاج والاضطرار إلى بيع الأصول... واحتمال الإفلاس".
&
وبحسب التقرير، قلصت كونوكو فيليبس، أكبر شركة تنقيب وإنتاج للنفط الصخري في الولايات المتحدة، إنفاقها الرأسمالي 20 في 2015 إلى 13.5 مليار دولار، وأجلت برامج الحفر في مناطق عدة في أميركا الشمالية، مع توقع بتقليص إضافي هذا العام.
&
وفي العام الماضي، انخفض عدد الحفارات في تشكيل باكين الصخري وما يتصل به من تشكيلات داكوتا الشمالية بواقع 10 حفارات إلى 188 حفارة.
&
الديون القاتلة
&
لا شك في أن الديون من العوامل التي ستؤثر في مستقبل النفط الصخري. في الطفرة، كان الاقتراض العمود الفقري لصناعة النفط الصخري، وأنفقت الشركات الكثير على الحفر واستكمال الآبار، أكثر من التدفقات النقدية التي تولدها.
&
وفي العقد الماضي، أصدرت شركات النفط والغاز الأميركية زهاء 163 مليار دولار من سندات مرتفعة العائد، واعتمد كثير منها بشكل مباشر على القروض والديون.
&
وبحسب الخبراء، إذ انخفض متوسط سعر الخام الأميركي تحت 50 دولاراً للبرميل، سيتراكم على شركات النفط ديون تعادل تقريبًا أرباحها السنوية قبل حسم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء، وهذا لن يضر بها كثيرًا. أما الشركات العاملة في النفط الصخري، فستضطر لمواجهة ديون تعادل 4 أضعاف أرباحها، قبل حسم الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الديون.
&
شطرنج أوبك
&
ويبدو أن أوبك تلاعب الأميركيين لعبة شطرنج عنيفة، فنرى ثورة النفط الصخري الوليدة أول اختبار حقيقي لقدرتها على المنافسة، خصوصًا أن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" آثرت عدم التدخل في السوق، وترك أسعار النفط في مهب العرض والطلب، وهو ما سمّاه محللون "سياسة كسر عظم شركات التنقيب عن النفط الأميركي، تقودها السعودية ودول الخليج التي ترفض رفع سقف الانتاج النفطي، مفضلةً تحمل خسائر مقبولة على المدى القصير، والوقوع تحت عجز مالي في موازناتها، من أجل أن تستعيد هيمنةً على سوق النفط العالمي، لطالما تمتعت بها، على المدى الطويل.
&
ويرى محللون آخرون أن السعودية تضرب عصفورين بحجر واحد: النفط الصخري والنفط الإيراني، وهي قد حددت مسبقًا خسائرها، ورسمت خطتها لاستخدام أرصدة مدخرة في صناديق سيادية مركونة جانبًا، علمًا أن هذا الاستعداد الخليجي مستند إلى أن كلفة استخراج برميل النفط لا تفوق 25 دولاراً للبرميل في أعلى التقديرات، بينما لا تتجاوز هذه الكلفة دولارين إلى ستة دولارات للبرميل الحقول الكبرى بتقدير أقصى، فلا خسائر من استخراج النفط، إن هبطت أسعار النفط إلى 30 دولارًا للبرميل.

&