إلغاء العقوبات التي قلصت صادرات إيران من النفط أثار مخاوف من انهيار الأسعار إلى دون الثلاثين دولارًا للبرميل. وبالفعل هبط سعر الخام الأميركي 58 سنتًا إلى 28.84 دولارًا للبرميل، بعد وصوله في وقت سابق من الجلسة إلى 28.36 دولارًا، وهو أدنى مستوى له منذ 2003. كما هبط سعر مزيج برنت الدولي إلى 27.67 دولارًا. وعلى الرغم من هذا الهبوط إلا أن الأسواق مستعدة للتقلبات، وعودة إيران إلى السوق سوف لا تخيف السعودية بالتحديد.
&
&
نهاد إسماعيل: قبل أيام أعرب رئيس منظمة أوبك للدول المصدرة للنفط عن رغبته في عقد اجتماع طارئ للمنظمة في بداية مارس (آذار)، لمناقشة انهيار أسعار النفط.
&
هل ستجتمع أوبك؟
وأكد وزير المصادر النفطية في نيجيريا، إيمانويل إيبي كاشيكو: "قلنا إذا وصل سعر برميل النفط إلى 35 دولارًا للبرميل، سنبدأ البحث في عقد اجتماع طارئ"، على هامش منتدى للطاقة.
&
إلا أن رئيس أوبك أكد الحاجة إلى طرح هذا الموضوع على الدول الأعضاء في المنظمة، ومن أبرزها السعودية ودول خليجية أخرى، سبق لها أن رفضت خفض إنتاجها من النفط لمحاولة رفع الأسعار. وفي تطور آخر، فقد النفط أكثر من 20% من قيمته منذ بدء سنة 2016، وتراجع إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل.&
&
الضوء الأخضر لإيران نفطيًا
يبدو أن إيران حصلت على الضوء الأخضر لتصدير النفط وبيعه في الأسواق العالمية بعد قبولها بشروط تقليص برنامجها النووي. حيث قالت صحيفة نيويورك تايمز وصحف عالمية أخرى إن قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران قد يثير مخاوف من انخفاض أسعار النفط أكثر مما هو عليه، كما إنه سيزيد من حدة التوتر بشأن حصص إنتاج الدول المصدرة للنفط.
&
ويتوقع أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى زيادة صادراتها النفطية، مما سيزيد الكميات المعروضة عالميًا ويتسبب بتراجع إضافي في الأسعار. وأشارت الواشنطن بوست إلى أن رفع العقوبات عن إيران من شأنه أن يزيد من الطبيعة المتقلبة لسوق النفط، فعندما فرضت العقوبات الأميركية والدولية على إيران في عام 2012 شمل ذلك ما يقرب من 700.000 برميل يوميًا من النفط الخام من أسواق العالمية، والذي تنتجه إيران، الأمر الذي رفع متوسط سعر برميل النفط لأعضاء أوبك إلى 109.45 دولارات.
&
لكن مع رفع العقوبات، تستعد إيران لزيادة مبيعاتها من النفط في وسط وفرة هائلة، مع تراجع مؤشر أوبك بعدما وصل إلى 25 دولارًا للبرميل، أي أقل من ربع مستوى عام 2012.
&
هذا سيخيّب آمال الحكومة الإيرانية، التي تضغط على أعضاء أوبك بتخفيض الإنتاج للسماح لإيران بأن تحصل على حصة عادلة وتحقق عائدات جيدة. ومن الجدير بالذكر أن رفع العقوبات جاء كنتيجة لموافقة إيران على تقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي، حسب الاتفاق مع مجموعة الخمس زائد واحد.&
&
لكن مع تخمة النفط، فإن الصادرات الإيرانية لن تكون وفقًا لما خطط لها، وإنها يمكن أن تجعل شركات النفط العالمية أكثر حذرًا في دخول اتفاقات مع إيران لزيادة الإنتاج النفطي الإيراني في ظروف صعبة.
&
ومن المؤكد أن رفع العقوبات سيساعد إيران بإضافة نصف مليون برميل يوميًا على أدنى حد إلى السوق النفطية المتخمة. وعلى صعيد موازٍ، إذا رافق عودة إيران إلى السوق اتفاق سياسي بين الأطراف المتصارعة في ليبيا سيزداد المعروض بأكثر من مليون برميل يوميًا، مما سيسارع في تدهور الأسعار إلى 25 دولاراً للبرميل أو أقل.
&
وهناك شبه إجماع بين المراقبين على أن الأسعار لن تتوقف عن الهبوط، إلا بعد أن يتقلص الفائض في السوق. وهذا غير وارد الآن في الوقت الذي تواصل فيه الكويت والسعودية والعراق ضخ النفط كالسابق دفاعًا عن حصصها، ولهذا سوف لا نرى انفراجة سريعة في تعافي الأسعار.&
&
إجبار أميركا وروسيا على تغيير مواقفهما
من المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة بدأت ببطء وهدوء في تقليص إنتاجها النفطي، حيث أفلست العشرات من الشركات الصغيرة المنتجة للنفط بسبب الخسائر الفادحة، وعدم مقدرتها على تحمل أعباء السعر المنخفض.&
&
وتم توقيف العديد من الحفارات ومنصات الانتاج. ورغم ذلك ليس من السهل اغلاق مشاريع الانتاج النفطي البحري الكبيرة في خليج المكسيك بسبب الالتزامات المالية الضخمة. لذا ستستمر بعض الشركات في الإنتاج، حتى لو نزل السعر إلى 10 دولارات، بهدف تغطية نفقات التشغيل. حتى إن شركات الزيت الصخري لا تستطيع أن تغلق تمامًا، فهي بحاجة إلى كل دولار، لكي تسدد الديون الضخمة التي ترزح تحت وطأتها.
&
عناصر تساعد على وقف نزيف الأسعار
في الوقت عينه، ثمة عناصر أخرى تلعب دورًا في التأثير على تحركات الأسعار والحيلولة دون انهيار كامل للأسعار، وهي أن المخزونات النفطية الاستراتيجية تواصل ارتفاعها بزيادة 700 ألف برميل يوميًا، حسب تقارير نيوىيورك تايمز في نهاية الأسبوع الماضي.&
&
إضافة إلى الولايات المتحدة باشرت الهند والصين ودول أخرى أيضاً في بناء مخزونات نفطية ضخمة، مستغلة الأسعار المنخفضة، وتوقعات بالنمو الاقتصادي في المستقبل غير البعيد.
&
على مستوى آخر، فإن التوترات السعودية - الإيرانية قد تلعب دورًا في إيقاف نزيف الأسعار، ولو موقتًا، وكذلك الحرب ضد الإرهاب في العراق، وفشل الحكومة العراقية في دفع مستحقات الشركات الدولية الأجنبية العاملة في إنتاج النفط العراقي وتناقص الماء اللازم لتنشيط الآبار النفطية المنهكة... كل هذه العوامل قد تقلل الإنتاج العراقي، وتساعد قليلًا على إنعاش الأسعار.&
&
وهناك تنبؤ بأن لوك أويل وروس نفت الروسيتين أوقفتا بعض المشاريع الإنتاجية بسبب تدهور أسعار النفط. هذه العناصر مجتمعة قد تقلل من أهمية دخول إيران إلى حلبة الصراع النفطية.&
&
ورغم أن الصورة غير واضحة تمامًا، ورغم كل الاحتمالات والتوقعات التشاؤمية، إلا أن دخول إيران على الساحة بقوة سيعقد الأمور، وسيساهم في انخفاض الأسعار على المدى المنظور.
&
تفاؤل سعودي
من جهة أخرى، عبّر وزير البترول السعودي علي النعيمي الأحد 17 كانون الثاني (يناير) الحالي عن تفاؤله باستقرار سوق النفط العالمية، إلا أنه قال إن ذلك "سيستغرق بعض الوقت". من جانب آخر، نقلت "رويترز" عن النعيمي قوله إنه سيوقع اتفاقًا للتعاون النفطي مع المكسيك يغطي تبادل الخبرات وإقامة مشاريع مشتركة واستثمارات متبادلة.
&
وقال الوزير في كلمة ألقاها خلال مؤتمر في الرياض حضره الرئيس المكسيكي ووزير طاقته إن سوق النفط شهدت خلال تاريخها الطويل فترات من عدم الاستقرار والتقلبات الحادة للأسعار والدورات الاقتصادية النفطية. وأضاف أن الوقت الراهن أحد هذه الفترات، وأن قوى السوق والتعاون بين الدول المنتجة دائمًا ما يؤديان إلى استعادة الاستقرار الذي قد يستغرق بعض الوقت. وأكد أنه متفائل بالمستقبل والعودة إلى استقرار أسواق النفط العالمية وتحسن الأسعار والتعاون بين كبرى الدول المنتجة.
&
التعليقات