تبدو دول مجموعة شنغن مختلفة حول فترة تجديد العمل بقرار تشديد الرقابة على الحدود الداخلية، الذي اتخذ قبل أشهر لكن معظم هذه البلدان، وخصوصاً ألمانيا، ميالة إلى تمديد العمل به من أجل فرض السيطرة على "أزمة اللاجئين" التي بدأت تتسرب من بين أيديهم، وهذا يُغضب التجار والشركات التي تضررت كثيرا من هذه الرقابة.


ماجد الخطيب: حذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر من"ان مَن يقتُل شنغن، سيدفن السوق الأوروبية الداخلية في نهاية المطاف".

لكن وزراء داخلية دول الاتحاد الأوربي، الذين يجتمعون اليوم في امستردام بهدف فرض المزيد من السيطرة على الحدود الداخلية للاتحاد، تهمهم قضية الأمن الداخلي ضد الإرهاب وضبط الحدود بوجه اللاجئين، أكثر مما تهمهم صيحات التحذير التي أطلقها ممثلو الصناعة والتجارة الألمانية. بل أن وزير الداخلية الألماني توماس ديميزيير ينوي فرض السيطرة على الحدود إلى أجل غير محدد، وتحدث مرة عن سنة ونصف&على الأقل، رغم تحذيرات وزير المالية الألماني، من ذات حزب المستشارة انجيلا ميركل.

وكان فولفغانغ شويبله قد حذر من على صفحات "دير شبيغل" قائلاً "إن تحطيم نظام شينغن سيعرض الاتحاد الأوربي إلى أخطار اقتصادية وسياسية".

وتبدو دول مجموعة شنغن الـ26 مختلفة إلى حد ما حول فترة تجديد العمل بقرار تشديد الرقابة على الحدود الداخلية، الذي اتخذ قبل أشهر من الآن، وتنهي فترة العمل يوم 13 فبراير/شباط القادم. لكن معظم هذه البلدان، وخصوصاً ألمانيا، ميالة إلى تمديد العمل به من أجل فرض السيطرة على"أزمة اللاجئين" التي بدأت تتسرب من بين أيديهم.

يرتفع حجم التبادل التجاري بين بلدان شنغن إلى 1200 مليار يورو سنوياً، بحسب إحصائيات المفوضية الأوروبية. وتشكل التجارة الألمانية الخارجية مع بلدان الاتحاد الأوروبي (مجموعة شنغن) 76% من مجمل التجارة الألمانية. وان فرض السيطرة والتفتيش على الحدود لا يعني، بالنسبة لممثلي الاقتصاد الألماني، غير المزيد من الوقت، والمزيد من الحاجة لخزن المواد، والكثير من النفقات الأخرى التي تتعلق بسرعة ايصال المواد المطلوبة.

خسائر ترتفع إلى 10 مليارات يورو

وذكر مارتن فارنزليبن، المدير العام لغرفة التجارة والصناعة الألمانية، ان الزحام على الحدود، وبيروقراطية الدوائر الجمركية، والحاجة إلى الخزن، ستكلف التجارة الألمانية نحو 10 مليارات سنوياً. وكان رئيس الاتحاد يونكر قد قدر الخسائر المالية لدول الاتحاد حالياً، بسبب التشدد على الحدود خلال الاشهر الماضية، بنحو 3 مليارات يورو.

وشاركه في قلقه انغو كرامر، رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، الذي تحدث عن "نهاية غير سارة" قد ينتهي إليها الاقتصاد الألماني.

وقال كرامر ان المشكلة بحاجة إلى حل استراتيجي أوروبي وليس إلى المساس بالحدود المفتوحة بين بلدان الاتحاد.

وأضاف ان على دول الاتحاد حماية الحدود الخارجية للاتحاد وليس وضع الحواجز على الحدود الداخلية. ووصف رئيس اتحاد أرباب العمل تعزيز الحدود على الحدود الداخلية بأنه سيكون"جنوناً".

ورغم الخلافات الدائمة بين اتحاد ارباب العمل وبين اتحاد النقابات العمالية الألمانية، إلا ان رئيس النقابات راينر هوفمان وصف الحدود المفتوحة بين بلدان شنغن "بشريان الحياة الاقتصادية في أوروبا رافضاً أي قرار يرمي لحشر "الجلطة" في هذا الشريان.

تغيير كامل نمط التجارة الألماني

وكان انتون بورنر، رئيس اتحاد تجارة الجملة الألماني، أكثر دراماتيكية في تصويره تأثيرات التخلي عن اتفاقية شنغن حينما قال ان ذلك "سيفرض تغيير كامل نمط التجارة الألماني".

وقال بورنر لوكالة الانباء الألمانية انه يشارك رئيس الاتحاد يونكر خشيته من أن يؤدي نظام السيطرة على الحدود إلى انهيار اليورو.

وتنظر الشركات الكبرى بعين القلق إلى مؤتمر وزراء الداخلية في امستردام بسبب النمط الاقتصادي الليبرالي الجديد الذي فرضته اتفاقية شنغن.

وكمثل فان& تشديد الرقابة والتفتيش على الدانوب بين مدينة جور الهنغارية ومصانع السيارات في انغولشتادت الألمانية، لن يعجب شركة "اودي" التي تنتج 20 مليون محركاً في جور، وتنقلها نهرًا إلى مصانعها.

مثال آخر هو مجموعة أسواق "آلدي" التي تنتشر في معظم دول أوروبا، بل وفي أرجاء العالم.

إذ تملك مجموعة آلدي 888 فرعاً في فرنسا، و435 فرعاً في النمسا، و 450 فرعاً في بلجيكا، وتنقل آلاف الشاحنات بضائع آلدي بين هذه البلدان يومياً. ولو أن كل شاحنة تأخرت لمدة ربع ساعة لتكلفت الشركة خسائر تقدر بعشرات الملايين سنوياً.

ويقول مارك فيجينر، من شرطة الحدود مع فرنسا، ان نحو 80 ألف فرنسي يعملون في ألمانيا ويخترقون الحدود صباحاً إلى المدن الألمانية القريبة. وربما ان 60 ألفأ منهم سيعبرون صباحاً من ذات النقاط الحدودية على الطريق السريع، وهذا سيخلق مشكلة كبيرة.

الخطر الاجتماعي أكبر

وفي حين عبر 57% من الألمان، في استفتاء أجرته "دير شبيغل"، عن موافقتهم على عودة الرقابة على الحدود الداخلية للاتحاد (مقابل 43% ضد)، خفف العالم الاقتصادي كليمنس فويست، من معهد الدراسات الاقتصادية الأوروبي، من تشاؤم الاقتصاد الألماني، داعياً إلى تقليل الضرر على الاقتصاد من خلال فرض الرقابة الحدودية على الأفراد والسيارات الشخصية، لا على شاحنات النقل.

وقال فويست ان المجتمع الألماني قادر على استيعاب الكثير من اللاجئين، لكن المجتمع قد يبدأ بالتداعي مع تجاوز عدد اللاجئين الثلاثة ملايين، لأن القدرة على التنظيم والرعاية ستتجاوز حدودها. وأضاف ان الجميع ينظر إلى الأمر من ناحية اقتصادية، لكن الجانب الاجتماعي سيتأثر أيضاً مثل "لعبة الدومينو".

وأعرب بعض النواب الألمان عن قلقهم من أن تؤدي أعداد اللاجئين، وتأهيل المتعلمين منهم، إلى اشتداد الصراع الاجتماعي.

وحذر هوبرتوس هايل، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، أرباب العمل من استغلال قضية اللاجئين لفرض تقليل الأجور على العمال.

وشاركه في التحذير ماركوز زودر، وزير مالية بافاريا، من الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي توقع ان يشتد الصراع في ألمانيا بين ضعيفي الدخول حول مواقع العمل والاجور والشقق والمساعدات الاجتماعية.