رحب خبراء اقتصاديون بتوقيع مصر عبر مصرفها المركزي اتفاقية مع الصين لاعتماد اليوان كعملة تبادل تجاري مع الجنيه المصري، متوقعين أن يساهم القرار في جذب السياح الصينيين لمصر وإنعاش قطاع السياحة المتعثر تاليًا.&

إيلاف من القاهرة: في خطوة بالغة الأهمية، أعلن البنك المركزي عن توقيع اتفاق مع الصين، يتم بمقتضاه تبادل العملات بـ18 مليار يوان صيني مقابل ما يعادله بالجنيه المصري، لمدة 3 سنوات، ويمكن تمديده بموافقة الطرفين.&

وقال البنك إن هذه الاتفاقية تحقق منفعة لكلا البلدين، وتؤكد على قوة العلاقة الممتدة بين الدولتين، وتظهر دعم الصين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري. في السياق نفسه، أعلنت هيئة قناة السويس عن قبول عملة اليوان الصيني ضمن العملات المسموح باستخدامها في سداد رسوم العبور.

من جهتهم، رحب خبراء اقتصاديون باعتماد اليوان كعملة تبادل تجاري مع الجنيه المصري بدلًا من الدولار الأميركي، من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية، مما يجعله يساهم بشكل كبير في خفض الطلب على الدولار في البنوك المصرية، والذي وصل إلى 19 جنيه في بعض البنوك أخيرًا، كما سيعمل على توفير الدولار لشراء سلع أخرى مهمة، مثل الأدوية.&

كما إن اتفاقية تبادل العملات سوف تساعد - بحسب الخبراء - على جذب السياحة الصينية إلى مصر. وأشار الخبراء إلى أن آخر إحصائية لحجم التبادل التجاري بين مصر والصين بلغت 12.9 مليار دولار، 80% منها لمصلحة الصين، ولو تم التعامل باليوان فهذا يعني أن مصر ستوفر أكثر من 8 مليارات دولار تقريبًا كل عام.

يذكر أن هناك عددًا من الدول العربية، وخاصة الخليجية، تبحث اعتماد اليوان الصيني كعملة تبادل تجاري بدلًا من الدولار الأميركي، وهناك اتفاق تم بالفعل في هذا الشأن بين الصين والسعودية، وهو ما قد يؤدي في حال اعتماد تلك الدول اليوان الصيني إلى وصول الدولار إلى أدنى انخفاض عالميًا، حيث يتوقع أن تصل الخسائر الأميركية من إدراج اليوان الصيني في التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج إلى أكثر من 9 تريليونات دولار سنويًا.

حجم التبادل التجاري&
تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لمصر منذ عام 2013، حيث يتزايد إجمالي المعاملات التجارية بنحو 30% منذ ذلك الحين إلى 10 مليارات دولار في عام 2015 وفقًا لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، من بينها 9.1 مليارات قيمة البضائع الصينية التي تتدفق إلى مصر.

كما تشير التقارير الاقتصادية الدولية إلى أن حجم المعروض النقدي من اليوان في العالم وصل إلى ما يزيد على 150 تريليون يوان، ما يعادل 200% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، ونحو 22 من البنوك المركزية في العالم تحتفظ باليوان كعملة "احتياطي نقدي"، في حين بلغ حجم المبادلات بين الصين والاتحاد الأوروبي باليوان 400 مليار يوان.
&
كما إن التجارة الدولية للصين تحتل 11 % من حجم التجارة العالمية بإجمالي صادرات بلغ 4 تريليونات دولار سنويًا، في حين يبلغ إجمالي الاحتياطي النقدي الأجنبي 3.5 تريليونات دولار (60 % فقط من حجم الدولار).&

كما تشير بيانات لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية إلى أن العجز في الميزان التجاري بين مصر والصين يتسع بشكل مستمر، حيث إن صادرات مصر إلى الصين تقلّ سنويًا، في الوقت الذي تزيد فيه الواردات المصرية من الصين، وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين في 2015 نحو 221 مليون دولار، مقارنة بـ 291 مليون دولار في عام 2014.

بينما زادت الواردات من الصين إلى نحو 8.589 مليارات دولار مقابل 6.688 مليارات دولار عن الأعوام نفسها. وجاء في صدارة الصادرات المصرية إلى الصين، قطاع مواد البناء بقيمة 106 ملايين دولار في عام 2015، ثم المنتجات الكيميائية والأسمدة 33 مليون دولار.

بينما جاءت السلع الهندسية والإلكترونيات على رأس المنتجات التي يتم استيرادها من الصين، بقيمة 3.3 مليارات دولار في عام 2014، ثم المنتجات الكيميائية والأسمدة، ومواد البناء، والملابس الجاهزة بنحو مليار دولار لكل منها.
وتشير الإحصائيات أيضًا إلى أنه في عام 2015 بلغ عدد السيّاح الصينيين الذين زاروا مصر إلى 115 ألف سائح، وبلغت فترة الإقامة في الفنادق 637 ألف يوم.&

ترحيب برلماني&
اتفاق تبادل العملات بين مصر والصين لقي ترحيبًا كبيرًا داخل اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، حيث أكد النائب عمر الجوهري وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري، أن اللجنة عقدت أكثر من اجتماع لمناقشة العائد من توقيع الاتفاقية، وتم عقد لقاءات مع وزراء المجموعة الاقتصادية. وفي النهاية تأكدنا بما لا يدع مجالًا للشك أن اتفاقية تبادل العملات بين مصر والصين مهمة جدًا في دعم الاقتصاد المصري، وستحقق منفعة كبيرة لمصر اقتصاديًا خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وأضاف الجوهري أن منح الصين لمصر 18 مليار يوان صيني سيوفر لمصر العملة التي يمكن التبادل بها مع الصين، مما سيساعد على تقليل الضغط على الدولار بشكل كبير، بحيث يتم توفيره لشراء سلع أخرى من الدول الأجنبية، لأن كل الاحتياجات المصرية من الصين سيتم استيرادها بالجنيه، بالتالي يتم تقليل ضغط الطلب على الدولار من الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي المصري.

زيادة التصدير

في السياق عينه، يرى الدكتور أكرم بسطاوي الخبير الاقتصادي أن التوقع بنجاح اتفاق تبادل العملات بين مصر والصين في انتعاش الاقتصاد المصري وضرب ارتفاع الدولار في البنوك متوقف على إجراءات عدة يجب على الحكومة اتخاذها بسرعة خلال مدة سريان الاتفاق، والمقدرة بثلاث سنوات، ومن أبرز تلك الإجراءات زيادة حجم الصادرات المصرية للصين من السلع الثقيلة والخفيفة، حيث إن صادرات مصر إلى الصين تقلّ سنويًا في الوقت الذي تزيد فيه الواردات المصرية من الصين، وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين في 2015 نحو 221 مليون دولار، مقارنة بـ 291 مليون دولار في عام 2014، بينما زادت الواردات من الصين إلى مصر بنحو 8.589 مليارات دولار مقابل &6.688 مليارات دولار عن الأعوام نفسها.

وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بزيادة الإنتاج من الحاصلات الزراعية والصناعية والمواد الخام وغيرها، بحيث يكون عائد التصدير لا يقل عن 9 مليارات دولار للصين، ما دون ذلك فإن الاتفاق لن يحقق مردودًا اقتصاديًا واضحًا، كما أعلن البنك المركزي.&

رواج سياحي&
وقال الدكتور محمود عبد الله، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية: "إن ضم اليوان الصيني ضمن سلة العملات المعتمدة في البنك المركزي المصري سيكون له أثر إيجابي مباشر في تحقيق رواج سياحي عن طريق تشجيع السائح الصيني على زيارة مصر، &حيث سيتمكن السيّاح الصينيون أن يتعاملوا في مصر بالجنيه المصري، وبالتالي تستطيع مصر كسر الجمود في سوق السياحة المضروب منذ سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ".

وطالب الحكومة بضرورة عمل دراسات على احتياجات السوق الصينية، وأهم المواد التي يمكن تصديرها إليهم، حتى يمكن تقليل الفجوة بين حجم الواردات الصينية لمصر وحجم المصدر إليها، خاصة وأن هناك بيانات خرجت من البنك المركزي الصيني تؤكد القيام بدراسة السوق المصرية جيدًا عقب اندلاع أزمة السوق السوداء للدولار، وقرار تعويم الجنيه، وفقًا لبيان المركزي الصيني فإن المكاسب من الاتفاق كبيرة جدًا بالنسبة إلى المستثمر والمصدر الصيني.