يتقاسم آلاف المستثمرين المجتمعين في مدينة ليفربول التجارية الكبرى في بريطانيا، في المهرجان الدولي للشركات، هاجس معرفة ما قد يحدث إن قرر البريطانيون مغادرة الاتحاد الأوروبي.

إيلاف من لندن: يستضيف المهرجان الدولي للشركات الأكبر من نوعه في المملكة المتحدة أكثر من 30 ألف رجل وسيدة أعمال من المنتج البريطاني الصغير للحليب إلى الصانع الهندي الضخم لتوربينات كهربائية، ويستمر حتى الشهر المقبل.

انتحار سياسي
فيما يهدف هذا الحدث المقرر منذ عامين إلى تحفيز العقود والصادرات البريطانية، بدا الاستفتاء بشأن بقاء البلد في الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو الشغل الشاغل لدى المشاركين، لا سيما وأنه زعزع الأسواق. بعيد افتتاح المهرجان، الذي يستمر إلى الأول من يوليو، قال مدير المهرجان أيان مكارثي الاثنين، "لنأمل استئناف الأعمال بعد صدور النتائج".

لم تهدأ الحركة المحمومة طوال الأسبوع في قاعة المعارض الهائلة على الضفة الشرقية لنهر ميرسي في شمال شرق انكلترا، الذي يعبر ليفربول، قبل أن يصب في بحر إيرلندا. فمن عرض منتجات محلية وتنظيم مؤتمرات دولية ومفاوضات مغلقة وغيرها، يتوقع المنظمون إبرام عقود بقيمة إجمالية تبلغ 265 مليون جنيه إسترليني (333 مليون يورو).

لكن كل فترة استراحة تحتلها الأحاديث بشأن الاستفتاء للتطرق إلى مخاطر الخروج من الاتحاد (بريكسيت) في ما يعتبر رهانًا قد يشكل في النهاية انتحارًا سياسيًا لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون أو انتقاد بيروقراطية يقولون إنها لا تطاق في بروكسل. ورغم تعبير كبار لاعبي الصناعة والمالية العلني عن تأييدهم المغامرة الأوروبية، تبدو اللوحة أكثر تباينًا لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة.

تحذير مؤسسات دولية
قال بول ليندلي مؤسس شركة "إيلاز كيتشن" (مطبخ إيلا) لأطعمة الأطفال المتوافرة في مختلف أنحاء أوروبا إن "الخروج سيضر بالمملكة المتحدة وصناعتها الغذائية"، لأنه سيؤدي إلى حواجز ضريبية، وسيضاعف البيروقراطية، ويهدد جهودًا لقيت الترحيب لتوحيد معايير المنتجات.

لكن ويل باتلر أدامز، الذي أتى ليعرض بكل فخر دراجاته الهوائية المصنعة في لندن، والمصدرة إلى العالم أجمع، اعتبر أن البلاد ستخرج من الأزمة رغم بعض الاضطرابات. وقال إن "الذين يحاولون إغراقنا بتوقعات بالأرقام يهدرون وقتهم، فتوقع ما سيحدث بدقة مستحيل".

غير أن وزارة المالية البريطانية والمنظمات المتعددة الأطراف على غرار صندوق النقد الدولي ومنظمة الأمن والتعاون الاقتصادي حذرت مدعومة بالرسوم البيانية من إبطاء حاد لنشاط البلاد في حال إقرار الخروج.

نفع مستقبلي
لا يبدو حرفي صناعة الجلود الكبير كيث هانشو خائفًا، فيما عرض بفخر آلته للخياطة، التي تعود إلى مئة عام. فشركته الصغيرة ليذر ساتشل تصدر من مشغل في هايتن في ضاحية ليفربول حقائب يد تصل إلى اليابان وأستراليا.

قال هانشو: "على المدى القصير لن ينتج من الخروج أي نفع. لكنه على المدى الأطول قد يسهم في إبرام اتفاقات للتبادل الحر". وأوضح أن المملكة المتحدة آنذاك ستتمتع بحرية القرار للتفاوض على صفقات تختارها، فيما تبقى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثقلة بمصالح شديدة التباعد. وينوي هانشو التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد، لكنه يلفت إلى خوف موظفيه، ويتوقع أن يفضل بعضه الوضع الراهن.

يبقى تطوير ليفربول ومنطقتها عرضة للاضطرابات العاصفة. فمنذ فتح منشآتها المرفأية الأولى في 1715 إلى ستينات القرن الماضي شهدت المدينة عقدين ونصف عقد من الازدهار.

ميناء جديد&
ومع أن المدينة شكلت بوابة سلع الإمبراطورية البريطانية ومركز انطلاق المهاجرين الإيرلنديين أو الأوروبيين الشماليين نحو القارة الأميركية أو أوقيانيا سعيًا إلى حياة أفضل، تدهورت أوضاعها لاحقًا لنقص الاستثمارات قبل أن تحاول انطلاقة جديدة في السنوات العشرين الأخيرة.

وتم تحويل الأرصفة القريبة من وسط المدينة بعد إغلاقها تدريجيًا إلى فضاء ثقافي وسياحي، بتمويل جزئي أوروبي، شمل مشاريع عدة في ليفربول بقيمة إجمالية قدرتها السلطات المحلية بحوالى 1.5 مليارات جنيه (1.9 مليار يورو). كما تجري حاليًا استعدادات الافتتاح الوشيك لميناء جديد قادر على استقبال الجيل الجديد من السفن الناقلة للحاويات.

أما رئيس بلدية المدينة جو أندرسن فقال إن "مؤيدي الخروج يؤكدون لنا أن العشب سيكون أكثر اخضرارًا على الضفة الأخرى. لكنني أعتقد أن مملكة متحدة وسط العزلة لن تجد إلا الصحراء"، معربًا عن الخوف من عودة الأزمة في حال فوز معسكر الخروج في الاستفتاء.