من المتوقع أن يرفع التفاهم السعودي الروسي من احتمالات نجاح تثبيت الانتاج النفطي، والذي سيتم بحثه في الجزائر على هامش منتدى الطاقة الدولي نهاية الشهر الجاري.

إيلاف من لندن: وقعت السعودية وروسيا مذكرة مشتركة حول سوق النفط، تنص على تشكيل لجنة سعودية روسية تتولى تحديد الخطوات المطلوبة لاستقرار السوق، ومجموعة عمل مشتركة لتحديد الإجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك. الهدف الرئيسي من هذه التفاهمات هو ارتفاع الأسعار لمستويات مقبولة لا تقل عن النطاق السعري 50 – 60 دولارا للبرميل وهذا ما قاله ايضا وزير الطاقة الجزائري إن «منظمة أوبك تريد سعرا للنفط يتراوح بين خمسين وستين دولارا للبرميل».

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك الاثنين، إن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرار بالتعاون بين البلدين، مشيراً إلى أن السعودية وروسيا أقرتا بما يواجههما من مشاكل وأنه يجب عليهما التعاون.

ونقلت وسائل الاعلام أن السعودية وروسيا اتفقتا، على هامش اجتماع قمة العشرين المنعقدة في الصين، على العمل معا لتحقيق وضمان استقرار أسواق النفط. الأسواق سترحب بالاشارات الايجابية الواردة من الصين وسنرى ذلك في التعاملات وردود فعل الأسواق في الساعات والأيام القليلة المقبلة.

إجماع

ولكن تحقيق توازن في السوق على المدى الطويل يحتاج الى اجماع من قبل غالبية المنتجين البارزين في اوبك وخارجها. وفي هذا السياق أشار وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إلى أنه ليس بمقدور دولتين فقط إعادة التوازن لسوق النفط، بل لا بد من تضافر جهود جميع الأطراف، ومن هنا تظهر أهمية التعاون لضمان استقرار أسواق النفط على المدى البعيد.

لدواعٍ سياسية رفضت روسيا في السابق الدخول بأي اتفاقات رسمية لكبح الإنتاج ولكن الأزمة الاقتصادية في روسيا والتكلفة الباهظة لحملتها الجوية في سوريا والتي تكلف ما لايقل عن 10 ملايين دولار يوميا أجبرت روسيا على الانصياع لمتطلبات السوق ووافقت في النهاية على التعاون الجدّي مع السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم.

وقال المفلح أيضا إن هذه الخطوة مهمة لتحقيق التوازن في الأسواق واستقرار العرض والطلب، بما يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين، آملا في العمل عن قرب مع نظيره الروسي خلال الفترة القادمة.

من جانبه، قال وزير الطاقة الروسي: «نتطلع لفتح صفحة جديدة في التعاون مع السعودية، ونتلهف لإقامة علاقات تعاون وشراكة». أضاف: «تمكنا من بناء علاقة مبنية على الثقة المتبادلة مع المملكة السعودية، ولروسيا والمملكة أكبر ثقل على الأسواق العالمية لذلك فهذا التعاون له أهمية كبيرة».

وأوضح نوفاك أن الجانبين اتفقا على عدة نقاط هامة من أجل خلق حالة الاستقرار في أسواق النفط، وناقشا أيضا مسائل متعلقة بهذا الهدف، فضلاً عن السبل اللازمة لتحقيق هذا الاستقرار بالإضافة إلى مسائل تتعلق بالإنتاج.

أضاف: "اتفقنا على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لوضع أسس للسوق ولاحلال الإستقرار، واتفقنا على أن تبدأ مجموعة العمل السعودية الروسية جهودها من أجل مراقبة أسواق النفط".

تابع: "من المهم أن نشير إلى أننا ناقشنا مجالات التعاون الأخرى مثل التكنولوجيا والطاقة البديلة".

يشار إلى أن أعضاء منظمة أوبك سيجتمعون أواخر هذا الشهر في الجزائر وقد أكد وزير النفط الإيراني أنه سيحضر الاجتماع.

مواقف سلبية

من ناحيتها لم تتوقف ايران عن رفضها تجميد الانتاج وتبرر ذلك بالقول إنها ستساعد في إعادة التوازن إلى أسواق النفط عند استرجاع حصتها في السوق حيث تصر ايران ان يصل انتاجها اليومي الى 4 ملايين برميل وعند ذلك ستبحث مسألة تجميد الانتاج/ في هذا السياق، كما وأعلنت أواخر الشهر الماضي أنها لن تتعاون في المحادثات المقبلة التي يعقدها المنتجون في سبتمبر، إلا إذا اعترف المصدرون بحق طهران في استعادة حصتها في السوق، والتي فقدتها خلال العقوبات الدولية التي لم تُرفع عنها إلا في يناير. 

وتشدد طهران على أنها لن تكون مستعدة لدعم أي إجراء مشترك، إلا بعد وصولها إلى مستوى الإنتاج قبل العقوبات، والبالغ أربعة ملايين برميل يوميًا. وتشير بيانات «أوبك» إلى أن إيران ضخت 3.6 ملايين برميل يوميًا في يوليو.

أما الموقف العراقي، فلا يطمئن، وخصوصا أنه يتشابه مع الموقف الايراني، حيث كان أول إجراء اتخذه وزير البترول العراقي الجديد هو أنه طلب من شركات النفط، مثل بي بي البريطانية ولاك أويل الروسية وسي.إن. بي. سي الصينية العاملة في جنوب العراق إعادة إحياء برامج الاستثمار المجمدة سابقًا من أجل رفع الإنتاج.

واضح جليًا من تصريحات وزير النفط العراقي جبار اللعيبي أن العراق لن يلتزم باتفاقات تثبيت الإنتاج، حيث قال اواخر شهر أغسطس الماضي إن لدى وزارته خططًا طموحة واستراتيجية لرفع إنتاج النفط والغاز إلى حين الوصول إلى حصة العراق في منظمة أوبك، مؤكدًا أن "المرحلة المقبلة لكل نشاطات قطاع النفط والغاز في العراق ستشهد تطورًا كبيرًا وقفزات عالية في مجالات فتح الأبواب أمام الاستثمارات المحلية والخارجية، ومن خلال قنوات المشاركة والاستثمار الجزئي أو الكلي". وقال اللعيبي الذي أصبح وزيرًا للنفط الشهر الماضي إن العراق يريد "تقوية دور أوبك في تحقيق توازن في سوق النفط"، لكن تعليقاته عن مواصلة زيادة الإنتاج تشير إلى أنه لا يتطلع إلى المشاركة في اتفاق محتمل لتجميد الإنتاج.

السؤال المطروح الآن: هل يمكن تثبيت الانتاج اواخر هذا الشهر دون مشاركة إيران والعراق؟ وهل ستتجاهل الأسواق مواقف بغداد وطهران السلبية وتركز على ايجابيات التفاهم الروسي السعودي؟