أمجد الشريف من برلين: يعرف من يحجز على طائرات الشركات الرخيصة سلفًا أن السعر الذي يراه يختلف تمامًا عن العرض المقدم له. فهناك أجور المطار، والضريبة على الوقود، وحصة البنك...إلخ. تضاف إلى ذلك كلفة حجز مقعدين مقدمًا كي يستطيع الجلوس قرب زوجته، وكلفة شحن حقيبة اضافية، ثم كلفة تناول سندويش صغير مع مرطب، أو قنينة ماء تعينه على تجنب ظاهرة "جيت ليغ" الناجمة عن الجلوس الطويل.

لكن، ما لا يعرفه المسافر على خطوط الشركات الرخيصة هو أهمية هذه الكلف الإضافية "غير المحسوسة" لهذه الشركات، إذ قاست شركة المشاورات "آيديا ووركز" أن الكلف الاضافية في شركات الطيران الرخيصة وفرت لهذه الشركات أرباحًا قدرها 40,5 مليار دولار في عام 2015. وهذا الرقم لم يشمل إلا نصف الشركات التي شملتها الدراسة، كما سنرى.

أرباح كبيرة

شملت الدراسة، التي أجريت بتكليف من شركة "كارتراولر" للنقل، 135 شركة للطيران الرخيص على المستوى العالمي. ولم يرد بالتفاصيل والأرقام على استفسارات "كارتراولر" سوى 67 شركة، قالت انها حققت في العام 2015 أرباحًا ترتفع إلى 40,5 مليار دولار من الكلف الاضافية (الاكستراز).

شكلت هذه الأرباح 8,7 في المئة من كامل مداخيلها في العام المذكور. وتحسب الشركات الأوروبية مبلغ 3 يوروات كمعدل لقنينة أو مرطب، و3 يورو لسندويش بسيط لايغني ولايسمن من جوع، إضافة إلى 30 يورو كمعدل لحقيبة اضافية و10 يورو اضافية لحجز المقعد مقدمًا. ويكون المسافر تعيسًا لو انه نسى طباعة "البوردنغ باس" في البيت، لأن غرامة ذلك عند"راين اير" ترتفع إلى 40 يورو يجب أن يدفعها المسافر ببطاقة مصرفية. ولايبدو أن كل مسافر مستعد لدفع هذه الكلفة الاضافية، لكن الحقيقة غير ذلك وتكشفها الأرباح الهائلة.

كلفة إضافية&

وبحسب الدراسة التي نشرتها "كارتراولر"، كانت شركة "سبيريت"، الأميركية المحسوبة على شركات الطيران الرخيصة، بطل العالم في أرباح الكلفة الاضافية في عام 2015. واتضح من بياناتها انها تحقق 52 دولارًا من الأرباح لقاء "الخدمات" الاضافية لتي تقدمها للمسافرين.

الأدهى من ذلك أن الأرباح من الخدمات الأضافية في شركة "سبيريت" تشكل 43 في المئة من مجموع الأرباح التي حققتها في ذلك العام، وهذا يقترب من نسبة نصف الأرباح.
ومعروف أن هذه الشركة تلزم المسافر حجز مقعد مقدمًا، وتفرض رسومها على الحقائب اليدوية أيضًا. ويبدو أن ذلك لا يزعج المسافرين من شروط هذه الشركة في فلوريدا، لأن عدد المسافرين على متون طائرات "سبيريت" ارتفع من 2,5 ملايين في عام2008 إلى 18 مليونًا في عام 2015.

وحلت في المرتبة الثانية من الأرباح الاضافية شركة طيران"جيت-2" البريطانية، التي شكلت "الاكستراز" 29.4 في المئة من مجموع مداخيلها في عام 2015. وسجلت هذه الشركة 50,84 دولارًا من أرباح الكلف الإضافية لكل مسافر كمعدل في ذلك العام. وكان عدد المسافرين على طائراتها "الرخيصة" يرتفع إلى 6 ملايين في السنة.

أرقام أخرى

ولا يخلو تقرير"كاركراولر" من أرقام أخرى مثيرة للفضول في عالم الطيران "الرخيص". فشركة طيران"اليغيانت" الاميركية توسطت في تأجير 450 ألف غرفة فندق بمثابة أرباح إضافية بالاتفاق مع الفنادق المختلفة، وتوسطت مع شركات السيارات في تأجير 1,2 مليون سيارة للمسافرين على طائراتها.

ونقل التقرير عن الخطوط الجوية القطرية، التي لا تصنف ضمن شركات الطيران الرخيصة، أن القطرية حققت ارباحًا قدرها 500 مليون دولار من مبيعات البضائع المحررة من الضرائب على طائرات خطوطها الجوية في عام 2015، بل أن شركة عالمية مثل لوفتهانزا الالمانية صارت تعتمد على الكلفة الإضافية في شركاتها الصغيرة، مثل "يورووينغز"، لزيادة أرباحها.

ويشير التقرير إلى أن شركة لوفتهانزا الأم تنوي رفع مداخيلها من"الاكستراز" إلى 300 مليون يورو في عام 2016.

وتحصل "يوروونغز" حاليًا على 13,87 دولارًا من كل مسافر كمعدل بمثابة كلفة إضافية، وهذا يشكل 5,5 في المئة من مجموع مداخيلها.

كلفة تواليت

تكتسح شركة "راين اير" السوق الأوربية منذ عام 1997، لكن عدد المسافرين على خطوطها تجاوز عدد المسافرين على خطوط لوفتهانزا في عام 2015 أول مرة. وتربح الشركة الإيرلندية من كل مسافر 16,34 دولارًا في المعدل بصفة كلفة اضافية، ما يشكل 24 في المئة من مجموع وارداتها.

وعلى الرغم من المبالغة في هذه الكلف الاضافية، وانزعاج المسافرين منها، يخطط رئيس الشركة مايكل أوليري إلى فرض كلفة على المسافرين لقاء استخدام المراحيض على متن طائرات الشركة. وذكر اوليري انه يود بيع بطاقات وقوف أيضًا، عند امتلاء مقاعد الطائرة، لو أن شركات أمن الطيران سمحت بذلك.

وتوقع جاي سورنسون، الذي ترأس فريق العمل الذي أعد الدراسة في "كاركراولر"، أن تتفتق إدارت شركات "الطيران الرخيصة" في السنوات القادمة عن المزيد من الأفكار الرامية لرفع أرباحها من خدمات الحقائب والطعام والشراب.

وأشار كمثل إلى الخطوط الجوية"النرويجية" التي تخطط لإلغاء خدمة الطعام والشراب، وفرض الضرائب على الحقائب، في رحلة طويلة أمدها 11 ساعة بين ستوكهولم ولوس انجلس.