بروكسل: يتناول قادة الاتحاد الاوروبي مسألة العولمة الشائكة خلال قمتهم الجمعة وسط انقسامات عميقة بين المدافعين عن الأسواق الحرة والداعين إلى مزيد من الحمائية، في مقدمتهم فرنسا.
أثار انتخاب الرئيس الأميركي الذي رفع شعار "أميركا أولا" حالة من الارتباك في اوروبا، حيث يطالب المدافعون عن التجارة الحرة الاتحاد الأوروبي بتسلم القيادة وتوقيع اتفاقات تجارية جديدة مع اليابان والمكسيك وأميركا الجنوبية.
إلا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دعا نظراءه إلى اعطاء أولوية لحماية الأوروبيين القلقين من العولمة أو مخاطر زيادة منسوب المشاعر الشعبوية التي أوصلت ترمب إلى الرئاسة وأنتجت بريكست.
وأفاد دبلوماسي أوروبي قبل القمة "ليس سرا أنه لا توجد رؤية موحدة عن الكيفية التي يمكن من خلالها ضبط العولمة بشكل أفضل".
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته "هناك عدد من الفروقات الدقيقة بين أولئك الأكثر تحررا حيال مسألة التجارة وغيرهم ممن يرغبون بوجود مزيد من الضوابط".
والمسألة الأكثر إثارة للانقسام هو مقترح يقوده ماكرون، المؤيد للاتحاد الاوروبي، يمنح بروكسل مزيدا من السلطات للسيطرة على الاستثمارات الصينية في الصناعات الأوروبية الرئيسية.
وعقب انقضاء أول جلسة محادثات الخميس، أكد ماكرون "أنا أفضل حمائية عادلة (...) وتجارة حرة، وليس السذاجة".
ويطالب الرئيس الفرنسي الذي فاز على المرشحة اليمينية المتشددة مارين لوبن في الجولة الثانية من انتخابات العام الماضي، بأن تطلق القمة اجراءات للتدقيق في استثمارات الصين في أوروبا.
دفاعات ضد الإغراق
ولكن بحسب مسودة قرارات القمة التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، نجحت جهود معارضي ماكرون حتى الآن في عرقلة محاولته وهو ما سيؤخر فعليا النقاش إلى تاريخ لاحق غير محدد.
وبحسب المسودة، سيطلب القادة من المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، "دراسة الحاجة" للتدقيق في الاستثمارات التي تقوم بها دول خارج الاتحاد الأوروبي، مع كون الصين الهدف الأول.
وسيدعون كذلك إلى الدفاع عن "التجارة الحرة ومتعددة الأطراف، وسط دور مركزي لمنظمة التجارة العالمية" و"محاربة الحمائية".
وأصر ماكرون الخميس أن "تحديث أدواتنا التجارية هو شيء أوليه الاهتمام بالفعل".
وواجهت فكرة ماكرون الاعتراضات الأشد من السويد وفنلندا والتشيك، إضافة إلى المفوضة الاوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، الذين توجسوا من طريقة تدخل فرنسا في السوق المفتوحة.
وأفادت مالمستروم هذا الأسبوع أنها "مسألة غاية في الحساسية،" مدافعة عن اتحاد أوروبي منفتح على التبادل التجاري في وجه تنامي النزعة الحمائية في الولايات المتحدة. "لا نريد أن نؤذي الاستثمارات" التي كانت "جيدة بالنسبة لأوروبا".
وابتعدت ألمانيا، التي تعتبر الصادرات دعامة اقتصادها، تاريخيا عن الحمائية إلا أنها تخوفت مؤخرا من استحواذ شركة "ميديا" الصينية على "كيوكا" الألمانية لصناعة الروبوتات، في عملية شرائية أثارت الجدل محليا.
ودعمت برلين حتى الآن ماكرون في سعيه إلى التدقيق في الاستثمارات الصينية وستؤثر بشكل كبير على النتيجة النهائية للنقاش في هذا الشأن.
ومن جهة أخرى، هناك انقسام أقل بكثير بين المشاركين في القمة بشأن ايجاد وسائل لتعزيز دفاعات الاتحاد الأوروبي ضد الإغراق الذي تمارسه الصين وغيرها من الدول.
وواجهت بكين إدانات دولية لإغراقها العالم بفولاذ وألواح شمسية وغيرها من المنتجات الرخيصة للغاية، ما ينعكس بشكل سلبي على منافسيها الدوليين.
ويتوقع أن يحث القادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي على سرعة تنفيذ إجراءات لمناهضة الإغراق يتم حاليا التفاوض عليها في بروكسل.
التعليقات