تدرس الحكومة المصرية تخفيض دعم الخبز، للحدّ من استهلاك القمح، لاسيما أن مصر تعتبر من أكبر المستوردين له في العالم، بينما حذر نواب في البرلمان من الإقدام على هذه الخطوة.
إيلاف من القاهرة: في خطوة جديدة في إطار الإصلاح الاقتصادي، تدرس الحكومة المصرية خفض الدعم على الخبز. وقالت دراسة رسمية، صادرة من وزارة التموين والتجارة الداخلية، إنها تدرس مقترحًا بـ"مضاعفة الحافز النقدي لبرنامج يستهدف الحدّ من استهلاك الخبز المدعم، مقابل خفض حصة الدعم اليومية من أرغفة الخبز بنسبة 20%".
صرف بدائل
حسب المقترح الذي تدرسه الحكومة، وأعدته الإدارة العامة للدراسات وبحوث التكاليف في وزارة التموين، فإنه سيتم "تخفيض عدد الأرغفة التي يحصل عليها المواطن من خمسة أرغفة إلى أربعة أرغفة، في مقابل مضاعفة ما يسمى بـ"نقاط الخبز" من 10 قروش إلى 20 قرشًا"، فالمواطن يحصل على 10 قروش عن كل رغيف لا يشتريه ضمن السلع المدعمة في نهاية كل شهر، ويستطيع استخدام حصيلة "نقاط الخبز" في شراء سلع تموينية عن رصيده الإجمالي هو وأسرته. ويباع الخبز المدعم بسعر خمسة قروش للرغيف.
كما تقول الدراسة الجديدة لوزارة التموين إن "معدلات استهلاك الخبز المدعم هي بين 2.5 إلى 3.8 رغيف في اليوم لكل مواطن من واقع البيانات الرقمية الصادرة من شركات تشغيل البطاقات الذكية التي يستخدمها 81 مليون مواطن في صرف حصتهم من الخبز المدعم".
وأوصت الدراسة بـ"توجيه قيمة النقاط الجديدة بعد مضاعفتها لصرف سلع غذائية، مثل الأرز والمعكرونة، باعتبارهما بديلين من الخبز يمكن الاعتماد عليهما في تغيير النمط الاستهلاكي الحالي"، مشيرة إلى أن "معدل استهلاك المواطن المصري من القمح 180 هو كيلوغرامًا في السنة، بينما المتوسط العالمي يبلغ 85 كيلوغرامًا".
وأوضح مصدر في وزارة التموين أن "68.8 مليون مواطن يستفيدون من الدعم السلعي من خلال نحو 20.8 مليون بطاقة تموين، وتخصص الحكومة 50 جنيهًا شهريًا لكل مواطن مقيّد في البطاقات التموينية لشراء عدد من السلع"، مشيرًا إلى أن نحو 30 مليون مواطن لا يستحقون الدعم.
الخامس يُرمى في القمامة
وأضاف لـ"إيلاف" أن الحكومة المصرية تهدف من وراء هذه المقترح ـ في حال تطبيقه ـ إلى الحدّ من دعم الخبز، والتقليل من استيراد القمح، وتوفير العملة الصعبة، لاسيما أن مصر تعتبر أكبر مستورد للقمح في العالم.
وأشار إلى أن البيانات الخاصة بالدعم تظهر أن المواطن يستهلك نحو أربعة أرغفة يوميًا، ما يؤشر إلى أن الرغيف الخامس يذهب إلى صناديق القمامة، أو إلى مزارع المواشي، لافتًا إلى أن الدولة أولى بتوفير قيمة هذا الرغيف.
وقال الدكتور محمود سليمان، الخبير الاقتصادي، إن مصر استوردت نحو 5.5 ملايين طن قمح في العام الماضي، مشيرًا إلى أنها تستهلك 9.5 مليون طن سنويًا من القمح لإنتاج الخبز المدعم.
وأضاف لـ"إيلاف" أن مصر عقدت اتفاقيات لاستيراد نحو 5.2 مليون طن هذا العام، متوقعًا أن ترتفع الكمية إلى نحو 6 ملايين طن في العام المقبل.
مؤذ للفقراء
ولفت إلى أن مصر تنتج نحو 3.6 ملايين طن سنويًا، وتستورد الباقي، منوهًا بأن الإجراءات التي تدرسها الحكومة حاليًا تهدف إلى خفض استهلاك القمح، وبالتالي تخفيض فاتورة الدعم والاستيراد من الخارج.
وتخشى الحكومة من إثارة غضب المواطنين الفقراء. وحذر نواب في البرلمان من تطبيق هذا المقترح، فقال النائب مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان، إن كل مواطن له خمسة أرغفة، يدفع مقابلهم خمسة قروش عن كل رغيف، في حين أن تكلفة الرغيف الواحد تصل إلى 60 قرشًا.
أضاف في تصريحات له، أن وزارة التموين تعمل حاليًا على إعطاء المواطن بدلًا ماديًا عن الرغيف الخامس يساوي 20 قرشًا بدلًا من 10 قروش والاكتفاء بـ4 أرغفة.
لم يعرض في البرلمان
وأشار إلى أن هذا الطرح توقيته غير مناسب في هذه المرحلة الصعبة، لافتًا إلى أنه يجب ألا تتلاعب الحكومة في الدعم المقدم إلى المواطن في رغيف الخبز بأي شكل من الأشكال. وذكر أنه يمكن تقبل تخفيض دعم الأرغفة بهذا الأمر، إذا كان اختياريًا. أما إن كان إجباريًا فهذا أمر صعب للغاية خلال هذه الفترة.
وقال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، إن مقترح وزارة التموين الخاص بمضاعفة الحافز النقدي لبرنامج نقاط الخبز المدعم بنسبة 100%، مقابل خفض حصة المواطن اليومية من أرغفة إلى 4 أرغفة يوميًا، لم يُعرض عليهم في البرلمان.
أضاف أنه لم يسمع عن ذلك المقترح إلا من خلال وسائل الإعلام، مؤكدًا أنه سيعترض على تنفيذ هذا المقترح إلى حين اكتمال قاعدة البيانات لمعرفة من يستحق الدعم.
بيانات غير دقيقة
وأوضح أن المعدلات التي خرجت بها الوزارة حول استهلاك الفرد من الخبز، لا يمكن أن تكون سلمية؛ لأنها مبنية على بيانات خاطئة، مستطردًا: "لا بد من اكتمال قاعدة البيانات كي نعرف عدد المستحقين للدعم".
وأشار إلى تخفيض عدد من يصرف دعم الخبز، من 81 مليون مواطنًا إلى 71 مواطنًا، لكن هذا الرقم لا يزال غير حقيقي، وبالتالي المعدلات الخاصة باستهلاك الخبز لا تتماشى مع الواقع، مشددًا على أن يكون تخفيض عدد الأرغفة أمرًا اختياريًا، وليس إجباريًا، معللًا بأن "المواطن الغلبان يأكل "العيش" حاف، فكيف أحرمه من الرغيف؟".
يأتي الإعلان رسميًا عن الاقتراح الذي تدرسه الحكومة حاليًا، في وقت كانت نفت فيه الحكومة ذلك رسميًا أيضًا في شهر مايو الماضي، وقالت وزارة التموين إن "حصة الفرد 5 أرغفة يوميًا كما هي من دون تغيير بعدد 150 رغيف شهريًا، ولا توجد خطة لدى الوزارة للاقتراب من حقوق المستفيدين من دعم الخبز المدعم كما يدّعي البعض"، مؤكدة أنه "لا صحة مطلقًا لما يتم تناوله من بعض وسائل الإعلام حول هذا الموضوع".
وقال وزير التموين على المصيلحي "إن عدد الأرغفة المقرر للمواطن سيظل كما هو من دون تغيير 5 أرغفة"، مشيرًا إلى أن الوزارة مستمرة في العمل بمنظومة الخبز الجديدة، وعدم حدوث أي خلل بها مع استمرار عملية حصول المواطنين على الخبز بشكل طبيعي وبسهولة ويسر، في أي وقت وطوال اليوم".
التعليقات