دبي: أكّد صندوق النقد الدولي أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسير بشكل عام على طريق التعافي الإقتصادي، لكنّه حذّر من تأثيرات تصاعد الاضطرابات الإجتماعية والبطالة في الدول الأقل دخلًا.

وشهدت المنطقة التي تضم الدول العربية وإيران تقلّص نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3,2 بالمئة في عام 2020 بسبب انخفاض أسعار النفط وعمليات الإغلاق الشاملة لمنع انتشار فيروس كورونا.

لكن في ظلّ حملات التطعيم السريعة خاصة في دول الخليج، يتوقّع الصندوق أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4,1 بالمئة هذا العام، في زيادة عن مستوى 4 بالمئة الذي توقّعه سابقًا.

انتعاش إقتصادي متفاوت

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور لوكالة فرانس برس "المنطقة تشهد انتعاشًا في عام 2021. منذ بداية العام، نشهد تقدمًا في الأداء الإقتصادي".

وأضاف أزعور أنّ "هذا الإنتعاش ليس هو نفسه في جميع البلدان. إنه غير مؤكّد ومتفاوت بسبب الإختلاف في التطعيم (..) والتطوّرات الجيوسياسية".

في تقريره الأخير حول التوقّعات الإقتصادية الإقليمية الذي صدر هذا الشهر، قال الصندوق إنّه في حين تحسّنت آفاق إقتصادات الدول المصدّرة للنفط مع ارتفاع أسعار الخام مؤخّرًا، فإن البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان المتضرّرة من النزاعات ما زال تعافيها هشًا.

وحذّر من "تصاعد الإضطرابات الإجتماعية" في عام 2021 الذي "يمكن أن يرتفع أكثر بسبب موجات الإنتشار المتكرّرة (لفيروس كورونا) والظروف الإقتصادية المتردّية، وارتفاع البطالة وأسعار المواد الغذائية".

إذ شهدت العديد من دول المنطقة وبينها العراق ولبنان والسودان والجزائر في الفترة الأخيرة تظاهرات وتحرّكات مناهضة للسلطات احتجاجًا على الغلاء ونقص الخدمات.

ارتفع معدّل البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي بنحو 1,4 نقطة مئوية ليصل إلى 11,6 بالمئة. وقال صندوق النقد إنّ هذا الإرتفاع يتجاوز ذلك الذي حصل خلال الأزمة المالية العالمية مع انهيار أسعار النفط بين عامي 2014 و2015.

كما حذّر الصندوق من المخاطر طويلة المدى للتعافي "غير المتكافئ" بين دول المنطقة، والذي قد يؤدّي إلى "اتساع فجوة الثروة والدخل ... ونمو أضعف ومجتمعات" أكثر انعزالية.

وتشير تقديرات الصندوق إلى أنّ حوالي 7 ملايين شخص قد دخلوا في فقر مدقع خلال عامي 2020 و2021.

ارتفاع التضخّم

ومن المتوقّع أن يرتفع مستوى التضخّم في المنطقة إلى 12,9 بالمئة في عام 2021 من 10,4 العام الماضي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في بعض البلدان، قبل أن ينخفض إلى 8,8 بالمئة في 2022.

وقال التقرير "إنّ اللّامساواة تزداد بشكل مضطرد. فقد تأثّر الأشخاص من أصحاب المهارات الأقل دخلًا والشباب والنساء والعمّال المهاجرون بالوباء، وكذلك الشركات الأصغر".

ووفقًا للصندوق، فقد عاد قطاع الشركات إلى مستويات ما قبل الوباء، لكن الشركات الأصغر ما زالت تعاني، متوقّعًا أن يحتاج نحو 15 إلى 25 بالمئة من هذه الشركات "إلى إعادة هيكلة أو تصفية".

انهيار مستمر في لبنان

وفي لبنان، بدّد الإنهيار المستمر في قيمة العملة الآمال في أنّ الحكومة التي تم تشكيلها الشهر الماضي يمكن أن تنهي أزمة إقتصادية وصفها البنك الدولي بأنّها واحدة من الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وأصبح ما يقرب من 80 بالمئة من سكان البلد ذي التركيبة السياسية الهشّة يعيشون تحت خط الفقر.

وقال أزعور إنّ الصندوق "بدأ بالفعل مناقشات تقنية مع السلطات (اللبنانية) لتطوير ما يمكن أن يكون في الواقع الإطار الذي يمكن للصندوق من خلاله مساعدة لبنان".