كييف (أوكرانيا): تراشقت أوكرانيا وروسيا مجدّدا الاتهامات بقصف محطة زابوريجيا النووية السبت، في حين حذّرت الشركة المشغّلة للمنشأة من مخاطر انتشار مواد مشعة.

وتحتلّ القوات الروسية هذه المحطة الواقعة في الجنوب الأوكراني منذ أوائل آذار/مارس.

وتبادلت كييف وموسكو مراراً الاتهامات بشنّ هجمات جوية على محيط المحطة، وهي أكبر منشأة نووية في أوروبا تقع في مدينة إنرغودار.

وكشفت شركة "إنرغوأتوم" الأوكرانية المشغّلة لها السبت أن القوات الروسية "قصفتها مرّات عدّة" في اليوم السابق.

وأصدرت وزارة الدفاع الروسية من جانبها بياناً يدحض هذه المزاعم جاء فيه أن القوات الأوكرانية هي المسؤولة عن وابل من 17 قذيفة استهدفت الموقع.

وكتبت "إنرغوأتوم" على "تلغرام" إن "البنى التحتية للمحطة تضرّرت بفعل القصف المتوالي. وهناك خطر في تسرّب الهيدروجين وانتشار مواد مشعّة، فضلاً عن ارتفاع خطر اندلاع حريق".

وقالت الشركة إن المصنع، ومنذ ظهر السبت (9,00 ت غ) "يعمل في ظلّ خطر انتهاك معايير السلامة من الإشعاع والحرائق".

"إرهاب نووي"

وصرّحت وزارة الدفاع الروسية من جهتها أن القوات الأوكرانية "قصفت موقع المحطة ثلاث مرّات" من محيط بلدة مرهانيت المواجهة للمحطة على الضفة المقابلة لنهر دنيبر.

واتّهمت الوزارة في بيانها كييف بممارسة "إرهاب نووي"، مشيرة إلى أن القذائف سقطت بالقرب من مواقع يخزّن فيها وقود نووي ومخلّفات إشعاعية.

لكنّها شدّدت على أن مستويات الإشعاع في المحطة "تبقى طبيعية".

والثلاثاء، تلقّى سكان في منطقة خورتيتسكيي، على بعد 45 كيلومتراً من شمال شرق المحطة حبوب يود لاستخدامها في حال طرأ أيّ تسرّب إشعاعي.

وفي قت سابق من الشهر، كشف أشخاص يقطنون على مسافة أقرب من المنشأة النووية لمراسلي وكالة فرانس برس أنهم تسلّموا حبوب يود في بداية الحرب.

الخميس، فُصلت المحطة عن شبكة الكهرباء الأوكرانية لأول مرة منذ بدء تشغيلها قبل أربعة عقود. وألقت شركة "إنرغوأتوم" باللوم على "تصرفات الغزاة".

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن انقطاع التيار الكهربائي نتج عن القصف الروسي لآخر خطّ كهرباء نشط يربط المحطة بالشبكة.

وأعيد المصنع إلى الخدمة بعد ظهر الجمعة، لكن زيلينسكي حذّر من أن "ما تفعله القوات الروسية... يستدعي دوما التأهب للسيناريو الأسوأ".

وحضّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إرسال بعثة إلى المحطة "في أقرب وقت ممكن للمساعدة في استقرار الأمن النووي والوضع الأمني في الموقع".

وأعرب مدير الوكالة رافاييل غروسي عن رغبته في زيارة الموقع في خلال أيّام، محذّراً من خطر وقوع كارثة.

بعثة تفتيش

وقالت لانا زيركال مستشارة وزير الطاقة الخميس إنّ بعثة تفتيش تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية ستصل إلى المحطة "الأسبوع المقبل".

لكنها كشفت عبر أثير "راديو ان في" أنها تشكّك في قدرة الوفد على المضي قدماً في مهمّته، بالرغم من الالتزامات الروسية، إذ إن موسكو "تختلق كلّ الظروف كي لا تصل البعثة إلى الموقع".

أفادت وزارة الدفاع البريطانية أن صوراً لأقمار اصطناعية أظهرت وجودًا متزايدًا للقوات الروسية في المحطة مع ناقلات جند مدرّعة على مسافة 60 متراً من أحد المفاعلات.

وتشتبه كييف في أن موسكو تنوي تحويل الكهرباء من محطة زابوريجيا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا إلى أراضيها بقرار أحادي في 2014. وقد حذّرت موسكو من مغبّة الإقدام على خطوة كهذه.

وقال فيدانت باتل الناطق باسم الخارجية الأميركية أمام صحافيين إن "الكهرباء التي تنتجها المحطة هي ملك لأوكرانيا عن حقّ"، واصفاً محاولات تحويل الكهرباء إلى مناطق محتلة "بغير المقبولة".

أزمة طاقة عالمية

وقد تسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي دخل هذا الأسبوع شهره السابع بأزمة طاقة عالمية، مع ارتفاع أسعار النفط والغاز ارتفاعاً شديداً.

وتعهّد الاتحاد الأوروبي الذي يجاهر بدعمه لأوكرانيا بجعل أعضائه السبعة والعشرين يتخلّون تدريجًا عن إمدادات الطاقة الروسية، تنديداً بغزو روسيا لجارتها.

وكشفت ألمانيا وفرنسا الجمعة عن أسعار قياسية ستفرضها على الكهرباء في 2023، هي أعلى بأكثر من 10 مرّات من تلك المعمول بها هذه السنة.

وأعلنت رئاسة الاتحاد الجمعة عن عقد قمّة طارئة للتطرّق إلى أزمة الطاقة مع اقتراب الشتاء.

وأصدرت السلطات الروسية السبت مرسوما يسهّل على الأوكرانيين العيش والعمل في روسيا من خلال منحهم إقامات لآجال غير محدّدة.

وبحسب موسكو، انتقل 3,6 ملايين أوكراني، بمن فيهم 587 ألف طفل، إلى روسيا منذ بدء العملية العسكرية في أواخر شباط/فبراير.