.quot;رمضان الصيفquot; بنكهة مصرية
.كورنيش .. مقاهى .. خيام .. وسهر حتى مطلع الفجر !


أحمدعبد المنعم :كشرت شمس رمضان هذا العام عن أنيابها لتخترق السحب المتناثرة فى السماء وصولا الى هواء مصر الذي ازداد حرارة وسخونة .. ومع كل درجة حرارة كانت تصعد فى مؤشر الطقس كان المصريون يزدادون اقبالا على هجر المنازل وقضاء سهرة رمضانية بعيدا عن البرامج والدراما التى تشبعوا بها خلال السنوات الماضية حيث كان quot;رمضان الشتويquot; الذى يضطر فيه الجميع الى البقاء فى المنازل هربا من برودة الطقس تارة وأمطار السماء تارة اخرى .

هذا العام استعاد المصريون ذكريات السهرات الرمضانية التي كانوا على وشك نسيانها من كثرة ما تصادف قدوم الشهر الكريم فى الشتاء . فخلت المقاهي من روادها الا قليلا والشيء نفسه حدث على كورنيش القاهرة الذي هجره العشاق والباحثين عن نسمة هواء ممزوجة بمياه النهر .. أما الخيام الرمضانية فقد قاربت على الاندثار من شوارع القاهرة لكثرة ما عانته من تجاهل المصريين لها .

الآن اختلف الوضع تماما وعاد رمضان في ثوبه الصيفي الذي أشعل السهرات في كل مكان . مقاهي الحسين عجت بالرواد الذين يستمتعون بدخان الشيشة الممزوج بعبق التاريخ في حي يعد الأشهر في الشرق الاوسط من حيث مايحويه من آثار اسلامية . كورنيش القاهرة استعاد عافيته وبات يستقبل الساهرين في ليالي رمضان عقب الافطار مباشرة ولا يأذن لهم بالانصراف قبل أن يعلن مدفع الامساك نهاية يوم وبداية آخر .


خيم رمضان التى كانت قد أوشكت على السقوط من ذاكرة المصريين شهدت عودة الروح اليها بفضل قبلة الحياة التي منحتها اياها شمس رمضان هذا العام .. عادت الخيم القديمة لتفتح أبوابها, ضاقت بزبائنها فكان الحل فى افتتاح العديد منها لتملأ خيام رمضان شوارع القاهرة من جديد.

وكما كان طقس رمضان الحار هذا العام قد ساهم فى اشعال السهرات الرمضانية ساهمت الصدفة وحدها فى منح تلك السهرات نكهة خاصة وسحر لا يقاوم .. فقدوم رمضان هذا العام متزامنا مع بداية العام الدراسى ساهم بلا شك فى مضاعفة أعداد طلاب الجامعات الساهرين فى ليالى رمضان خاصة وأن معظمهم كان قد حرم من تلك المتعة خلال السنوات الماضية ليس بسبب قدوم رمضان فى فصل الشتاء فقط ولكن أيضا لتصادف قدومه مع موسم الامتحانات فى الجامعات والمدارس وتحديدا فى سنوات النقل التى تعتمد نظام الفصول الدراسية .

نسبة كبيرة من طلاب المدارس والجماعات حاليا حرموا من السهرات الرمضانية التى سمعوا عنها ممن يكبرهم ببضع سنوات .. لطالما ارادوا ان يعيشوا ليلة من هذه الليالى الساحرة الى أن تحقق هذا الحلم خلال رمضان الحالي وكان القدر أكثر كرما عندما تصادف الشهر الكريم مع بداية العام الدراسي حيث ما زالت الجامعات والمدارس تسودها حالة من الهدوء ولم يدخل الدارسين فى معركة المذاكرة والامتحانات بعد.

مقاهى وسط القاهرة ايضا كان لها نصيب من كعكة quot;رمضان الصيفىquot; حيث عجت بالساهرين القادمين من كل حدب وصوب في أحياء القاهرة المتشعبة باحثين عن سهرة رمضانية رائعة وبسعر بسيط قد لا يتعدى بضعة جنيهات تشمل سعر المشروب الذي يحتسونه على المقهى والموصلات التي يستقلونها ذهابا وايابا.

شرطة البلدية- والموكل اليها ازالة الانتهاكات التي يقوم بها اصحاب المقاهى بافتراش الشوارع والخروج بالكراسي عن المساحة المخصصة لها -عادة ماتغض الطرف عن مثل تلك المخالفات في الشهر الكريم تقديرا منها لما تتعرض المقاهي من اقبال شديد من المصريين تدفعهم للخروج بالكراسي الى الشوارع لبضعة أمتار واحيانا اكثر من ذلك بكثير .

quot;رمضان الصيفيquot; ليس مختلفا فى سهراته ولياليه الساحرة ولكن مختلف ايضا في مشروباته التى كادت تختفى فى الشهر الكريم خلال السنوات الماضية لارتباطها بالحرارة التي تدفع العطشى الى الارتواء بتلك المشروبات المثلجة مثل التمر والعرقسوس والسوبيا وقمر الدين وغيرها من المشروبات التي تحولت خلال رمضان الى مصدر رزق لمئات الشباب الذين اختاروا بيع تلك المشروبات على ناصية الشوارع التى يقطونها فكان الاقبال مفاجاة والمكسب المادي مفاجاة أكبر.

بقدر ما يحمله نهار quot;رمضان الصيفيquot; من عطش وجوع للصائمين الذين يبذلون جهدا مضاعفا وصولا الى مدفع الافطار بقدر مايحمله من ليل ساحر وسهرات منعشة هي بالتاكيد كفيلة بنسيان ذلك النهار الشاق حتى وان كان مدفع الامساك سيضع حدا لذلك النسيان معلنا عن بدء يوم شاق من الصيام في رمضان الصيفي !

[email protected]