التعديل الوزاري وكرة القدم في مصر
أحمد عبدالمنعم :عندما انقطع إرسال التلفاز ليعلن المذيع عن نبأ التعديل الوزاري في حكومة نظيف كان المصريون منشغلون في قضية أخرى اعتبروها أكثر أهمية بالنسبة لهم أو ربما أكثر جدوى.. سرعان ما حركوا مؤشر التلفاز بعيداً عن تلك القنوات الاخبارية متجهين الي القنوات الرياضية. فقد كان الاحتفال بالفوز الكبير الذي حققه فريق النادي الأهلي على كوتوكو في بطولة دوري أبطال افريقيا على أشده، فالنتيجة لم تكن متوقعة على الاطلاق خاصة وأن صاحب الشعبية الأكبر في مصر كان قد تعثر في لقاء المقاولين العرب في الدوري المصري ليفقد نقطتين في بداية الموسم وهو ما أدخل القلق الى نفوس الملايين من محبيه.
نحى المصريون التعديل الوزاري جانباً ولم يعره اي منهم أدنى اهتمام اللهم الا بإطلاق عبارات السخرية والتندر على ما آلت إليه بلادهم.
لم يكن هذا الموقف الذي اتخذه المصريين من نبأ التعديل نابعاً من محدوديته- حيث لم يتعدى أعداد الوزراء والمحافظين الجدد أصابع اليد الواحدة- ولكن لأن المصريين بالفعل ملوا الحديث في السياسة وباتوا على يقين من أن الخوض فيها ليس سوى مضيعة للوقت بينما يختلف الأمر تماماً بالنسبة للخوض في كرة القدم.
فهم في السياسة مجرد رقم على الشمال ليس لآرائهم ومواقفهم أدنى أهمية بالنسبة لصانع القرار الذي يحدد موقفه سلفاً دون أن يكلف نفسه عناء إجراء استطلاع للرأي بينما يمثلوا قوة الضغط الكبرى في كرة القدم. فهم يملكون رفع أسهم لاعب الى السماء والهبوط بأسهم اللاعب نفسه الى أسفل سافلين.. ملوا الوجوه المكررة في عالم السياسة بينما وجوه اللاعبين في حالة تجدد مستمر.
التعديل الوزاري ليس أكثر من مسرحية هزلية ستمنح البعض لقب وزير وتحرم آخرين منه.. تلك هي أقصى نتيجة متوقعة من هذا التعديل الذي سبقه عشرات التعديلات على مدى العقود الثلاثة الماضية. في عالم الرياضة الموضوع مناقض تماما ، فتعديل بسيط في صفوف الفريق بإضافة لاعب والتخلص من آخر يمكن أن يقلب النتيجة رأساً على عقب ويجعل ترتيب النادي يتقدم ليعتلي قمة الدوري العام خلال بضعة أسابيع.. دائماً تكون تحليلا تهم في عالم السياسة ليست بالقدر المقبول في دقتها لأنها عادة ما تفتقد الى المعلومات المطلوبة والتي تحتكرها الحكومات المصرية المتعاقبة باعتبارها نوعاً من الأسرار العسكرية.
الأمر أيضاً مناقض تماماً في كرة القدم فتحليلاتهم دائماً صائبة لأنها مبنية على معلومات دقيقة ومتوافرة بالقدر المقبول في الصحف الرياضية.
بالفعل لا مجال للمقارنة بين تأثير الرأي العام المصري في السياسة وتأثيره في كرة القدم.. فبينما يعاني من التجاهل التام في المجال الأول نجده يحتل مكانة متميزة في المجال الثاني. هم اذا محقين عندما يفعلون الشيء نفسه ويتجاهلون السياسة بينما يمنحوا كرة القدم كل هذا القدر من الاهتمام.. هم ليسوا بالسطحيين، كما قد يتصور البعض فموقفهم يكرس الجملة الشهيرة التي قالها زعيمهم الراحل سعد زغلول معبراً عن الحالة السياسية في مصر quot;مفيش فايدةquot;.
التعليقات