ربيع ديركي : لعل أحد أبرز معالم الإنتصار على العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان هو عودة التلامذة والطلاب، رغم تأخر العام الدراسي وهو تأخر مبرر، الى المدارس والجامعات. حيث بدأت معهم عودة معالم الحياة الى الشوارع .عودة التلامذة الى المدارس ترافقت هذا العام مع هبة من دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تقديم الكتب الى تلامذة المدارس الرسمية مجانا . أي حق جميع التلامذة بالحصول، هذا العام، على كتب جديدة فالأهالي ، نظرا للاوضاع الإجتماعية والإقتصادية، كانوا يبحثون عن كتب مستعملة تخفف عن كاهلهم كلفة شراء كتب جديدة ، وتحقق ، في الوقت نفسه ، لأصحاب المكتبات فرصة شراء كتب مستعملة بثمن بخس ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة تلامس في بعض الأحيان نصف ثمن الكتاب الجديد.

بدأ العام الدراسي الجديد وبدأ معه كما يقال شهر المآسي ، ولكن هذا العام كان عاما دراسيا مميزا لتلامذة المدارس الرسمية في لبنان، ليس بسبب العدوان الإسرائيلي بل بسبب حقهم بالحصول على كتب جديدة. حيث دخل التلامذة الى المدارس الرسمية ودولة الباب العالي لا علم لها بأن عدد نسخ الكتاب الرسمي المتوفرة في الأسواق لا تكفي عدد تلامذة التعليم الرسمي، هنا بدأت مأساة الأهالي والتلامذة ... مأساة الجري وراء الحصول على كتاب مدرسي رسمي وبالتالي تمكين التلامذة من الذهاب الى المدارس دون سماع توبيخ من الأساتذة حول ضرورة الحصول على جميع الكتب المطلوبة، أساتذة يبدو أنهم أتوا من المريخ للتدريس في مدارس لبنان الرسمية، هذا الجري كلف الأهالي من المال والجهد ما يفوق بمرات ومرات ثمن الكتب في حال توافرها في الأسواق ، وبدأ في الوقت نفسه موسم المكتبات ولكن هذا العام بدأ بطريقة جديدة وهي عرض إما إستبدال قسيمة ثمن الكتب بقرطاسية من المكتبة طبعا بعد حسم ما يقارب 20% من ثمن الكتب و زيادة ما يقارب 5% على ثمن القرطاسية ، وإما أخذ ما يتوفر من كتب وما تبقى منهايستبدل بقرطاسية والنتيجة خسارة التلميذ فرحة حقه بالحصول على كتب جديدة يبدأ معها عامه الدراسي الجديد ، وفي هذه الحالة يكون على الأهالي إما إرسال أولادهم الى المدرسة بدون كتب ، أو في أحسن الأحوال إرسالهم بكتب غير مكتملة ، وما يترتب على ذلك من سماع توبيخات أساتذة المريخ ، وإما أخذ قرطاسية على حساب حق أولادهم بالحصول على كتب جديدة .

دولة الباب العالي أعلنت بداية العام الدراسي ، خطوة الى الأمام ولكنها خطوتان الى الوراء لأنها بدأت العام الدراسي بدون كتب رغم وجود المساعدة المذكورة أعلاه ، ترى كيف كان الحال لو لم تتوفر المساعدة ؟.
وعليه ، أثبتت دولة الباب العالي ، مرة جديدة ، مدى إهتمامها بتلبية حقوق جيل بناة الغد ، فمأساة الأهالي والتلامذة هذا العام تؤشر على قدرة هكذا دولة على بناء ما هدمه العدوان الإسرائيلي .... على بناء وطن للجميع .... فلو تعلق الأمر بمظاهرة أو بمهرجان للطرف الحاكم أو للطرف اللابس لبوس المعارضة لرأينا مدى جهوزية وقدرة دولة الباب العالي على تأمين جميع الإمكانات والقدرات المالية والبشرية واللوجستية ، أما عندما يتعلق الأمر بحق التلامذة بالحصول على كتاب مدرسي جديد فالأمر لا يستأهل أكثر من الكلام والتنظير والمزايدة أما على أرض الفعل فيغيب الفعل ولا يبقى سوى الكلام .