quot; رأيي خطأ يحتمل الصواب ، ورأيك صواب يحتمل الخطأquot; . وطبعا العكس بالعكس.
الإمام الشافعي

ربيع ديركي: إنطلاقا من إحترام الرأي الآخر وحرية التعبير ، وتأسيسا على حق النقد ، بما هو تفنيد للرأي المنقود والرد عليه حجة بحجة، لن أدخل مع الأستاذ سعيد حسنية بتمرين في الإنشاء كي لا أبتعد عن أس النقد .

رد الأستاذ حسنية الذي حمل عنوان quot; ردا على quot;عظيم يا زعيمquot; الأشجار المثمرة وحدها ترشق بالحجارة quot; على مقالتي التي عنونتها بـ quot; عظيم يا زعيم quot; يحمل ، في ظني ، حتمية إمتلاكه للحقيقة التي ، بحسب منطقه الداخلي، لا مجال لمناقشتها أو حتى مجرد الشك فيها . حيث يقول الأستاذ حسنية :quot; ... بل انه الزعيم الوحيد ] أي الأستاذ وليد جنبلاط[ الذي يمتلك الجرأة للإعتراف بأخطائه ، وقد سبق له أن كفر عنها جميعهاquot; . هكذا قول توكيدي يجافي حقيقة أن هناك زعماء إعترفوا بأخطائهم وبادروا للتنحي عن مناصبهم كالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فكيف تمكن الأستاذ حسنية قول إن الأستاذ وليد جنبلاط هو quot; الزعيم الوحيد ...quot; .

ونتابع مع قول الأستاذ حسنية بسؤال : كيف كفر الزعيم عن جميع أخطائه فصاحب القول لم يذكر لنا ولو واقعة واحدة تثبت ما يقوله. ويتابع الأستاذ quot; وقد كان لوليد جنبلاط أن يكون زعيما ، حتى لو لم يكن سليل دار المختارة، فمواصفاته وحنكته وإرادته وشجاعته في القيادة تبوئه سدة الزعامةquot;.

والقول هذا يصب ، أيضا، في خانة حتمية إيمانية ترى أن حقيقتها هي التي تقاس عليها باقي الأمور والرأي الآخر وفقا لهكذا حتمية إيمانية لا مكان له في ملكوت حقيقتها ، فالمواصفات التي يتمتع بها الأستاذ وليد جنبلاط قد يرى البعض ، ببساطة شديدة أستاذ حسنية ، أنه لا يمارسها .

من إمتلاك quot; حقيقة مطلقة إيمانيةquot; تعبر عنها لغة الأستاذ حسنية ننتقل الى الخيارين اللذين كانا أمام الأستاذ وليد جنبلاط عندما البس عباءة الزعامة وهماquot; اما أن يضع يده في يد السفاح الإسرائيلي(...) ، واما ان يصافح اليد التي ضغطت على الزناد وقتلت والده ، فعض على الجرح وتعاون مع جزار الشام وأنقذ شعبه من الفناء والخيانة ، فكيف تتوقع ]أي صاحب مقالة عظيم يا زعيم [ من شعبه أن لا يقدر له تلك التضحية وغيرها ويبايعه بروحه ودمه؟quot;.

يبدو أن الأستاذ حسنية يغيب بعض الوقائع بقول عاطفي حيث غيب حقيقة أن الأستاذ وليد جنبلاط سلم سلاحه عام 1982 للجيش الإسرائيلي وإن كان أحد أبرز أركان من أسقطوا إتفاق السابع عشر من أيار إلا أنه لم يكن وحيدا في معركة إسقاط إتفاق الخيانة والإستسلام بل كان معه مقاومون وطنيون لم يتخلوا عن سلاحهم وقاوموا الإحتلال الإسرائيلي وعملائه الذين هندسوا إتفاق السابع عشر من أيار؛ ومسيرة تغييب حقائق معروفة تتواصل مع الأستاذ حسنية في الخيار الثاني من الخيارين سالفي الذكر حيث الأستاذ وليد جنبلاط كان أحد أبرز أركان دولة الوصاية القديمة في لبنان ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، وافق الأستاذ وليد جنبلاط على تمديد ولاية رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي فأين كان يا ترى الدستور وأين كانت المحافظة عليه، وأين كانت مواقفه الحالية الرافضة لهيمنة وتدخلات دولة الوصاية القديمة. وأين هي مواقفه الحالية من نعيه لرمز دولة الوصاية القديمة في لبنان غازي كنعان الذي فصل له قانون إنتخابات عام 2000 على مقاسه . أما ما إستعصي فهمه في القول المقتبس سالف الذكر هو ماذا يقصد الأستاذ حسنية ب quot;شعبهquot; فهل هناك شعب لهذا الزعيم وشعب آخر لذاك الزعيم ، إذا كان ذلك كذلك فتصبح على وطن يا أستاذ حسنية .

ويستمر التعجب من إمكان جمع الشئ ونقيضه في قول واحد . حيث يقول الأستاذ حسنية : quot; قد تكون محقا]أي صاحب مقالة عظيم يازعيم[ اذا وصفته ] أي الأستاذ وليد جنبلاط[ بأنه ليس ديمقراطيا أو تقدميا ولكن على يقين أنه لبنانيا وليس طائفيا وان حرص بحكم زعامته الدرزية على تأمين متطلبات أبناء طائفتهquot; . كيف يمكن للواحد أن يكون لبنانيا ولكنه في الوقت نفسه زعيما لطائفة ما، يمكن أن يكون كذلك وفقا لفرادة الصيغة اللبنانية التي بموجبها يمكن أن يجمع الواحد بين الشئ ونقيضه حيث لتكون لبنانيا عليك أن تكون أولا طائفيا لأن الإنتماء الطائفي هو الذي يثبت الهوية اللبنانية ، مما يعني تعدد الإنتماءات الطائفية في كيان هجين نظام حكمه هو نظام سياسي- طائفي ، وبالتالي بحكم الإنتماء الطائفي يعمل كل زعيم طائفي على تأمين متطلبات طائفته ، عندها استاذ حسنية سلام على الدولة وعلى الوطن وأهلا وسهلا بحكم عصور العبودية والجاهلية . ويتابع الأستاذ حسنية جمع الشئ ونقيضه بقوله:quot; ولكنه لو أراد أن يكون طائفيا لكان قبل بإقامة الدولة الدرزية التي ما برح الغرب يعرضها عليه ، ولكنه يرفض ذلك بحكم عروبته ولبنانيتهquot; يرفض ذلك بحكم عروبته ولبنانيته ولكنه يحرص quot; بحكم زعامته الدرزية على تأمين متطلبات أبناء طائفتهquot; أي اللبنانية ، بحسب المنطق الداخلي لصاحب القول، تعني حق زعماء الطوائف أخذ دور الدولة والأخيرة بحكم فريدة عصرها ، الصيغة اللبنانية ، لا دور لها سوى تكريس حكم زعماء الطوائف . وقول الأستاذ حسنية بأن الأستاذ وليد جنبلاط رفض اقامة دولة درزية ينطبق عليه quot; وشهد شاهد من أهلهquot; أي وجود مشاريع تقسيمية تعمل القوى الخارجية على تنفيذها في لبنان لتحويله ، رسميا، الى دويلات طائفية ، عندها ليس من منة لأي زعيم لبناني ضد التقسيم أن يرفض ما يطلبه منه الغرب أو الشرق.

ونتابع مع الأستاذ حسنية في جمعه بين الشئ ونقيضه وإطلاقه لأحكام حتمية إيمانية ووأده للرأي الآخر بقولهquot;(...) ان لبنان كما يعرفه الجميع كيان مخلوق ومحكوم بالتوافق بين طوائفه وزعاماته الذين هم عبر التاريخ زعماء طوائف وزعماء لبنانيين بنفس الوقت، ولا يعرف وطننا السكينة والاستقرار إلا بتوافقهم ، صحيح ان ذلك هو خطأ(*)، ولكن دعنا من الشعارات ولنكن واقعيين وليس حالمين ، لا يحكم لبنان إلا بتوافق زعامات حقيقية حالية، كزعامة quot; السيدquot; و quot;الأستاذquot; و quot; الجنرالquot; و quot; الحكيم quot; و quot; البيكquot; (...) . قد تكون الديمقراطية التوافقية حقيقة مرة ولكنها واقع يتعايش فيه لبنان ومن دونه ينتهي هذا الوطن quot;.

يوحي القول في بدايته quot; ان لبنان كما يعرفه الجميع ]يرجى الإنتباه الى الجميع[(...)quot; وكأن الأستاذ حسنية طبق رائزا على جميع اللبنانيين وكانت نتيجته ما توصل اليه من حكم مبرم مطلق أن لبنان كذا ولكن الأستاذ حسنية لم يرفق حكمه المطلق المبرم ولو بدليل مادي واحد ، ربما دليله هو حتميته الإيمانية المكتفية بذاتها ، وبالتالي الى حين أن يثبت الأستاذ حسنية حكمه بدليل مادي نسأله أين أصبح إحترام الرأي الآخر الذي يرفض أن يحكم لبنان بصيغة توافق طوائفه وزعاماته ، أين أصبحت حقيقة ، دامغة تاريخيا، أن لبنان بنظامه السياسي ndash; الطائفي هو وليد الإستعمار الذي يريد اليوم تطوير صيغة الحكم الطائفية في لبنان من خلال العرض الذي أخبرنا عنه الأستاذ حسنية وهو إقامة دولة درزية، أين أصبح نضال قوى وطنية رفضت الإستعمار وصيغة الحكم التي فرضها على لبنان .... الى أن نصل الى طرح السؤال التالي على الأستاذ حسنية : إذا كان ، بحسب قولك السابق، أن زعماء لبنان عبر التاريخ هم زعماء طوائف ترى هل الشهيد كمال جنبلاط هو زعيم طائفة بعينها دون سواها ؟ . وكيف يمكن أستاذ حسنية أن تقول كل ما قلته ومن ثم ، بقدرة قادر ، تقول quot; صحيح أن ذلك هو خطأquot; تعترف أنه خطأ ولكن تنبري للدفاع عن الخطأ بحجة أن نكون واقعيين وليس حالمين .

فهل الواقعية بنظرك أن يدافع الواحد عن الخطأ ، وهل من الواقعية أن نبقى محكومين من قبل quot; السيد quot; و quot;الأستاذ quot;... الخ وأن يبقى الإنتماء لهم وليس للوطن .

غريبة هي واقعيتك التي تمكنك من الإعتراف بالخطأ ولكن على قاعدة تبريره والدفاع عنه في وقت واحد ، وغريب قولك quot; قد تكون الديمقراطية التوافقية حقيقة مرة ولكنها واقع يتعايش فيه لبنان ومن دونه ينتهي هذا الوطنquot; لماذا لا يمكننا قول إن بناء وطن حقيقي يبدأ بإنهاء مقولة الديمقراطية التوافقية ، وأن الحلم بهذه البداية تحقق بالحركة الوطنية بزعامة الشهيد كمال جنبلاط الذي أكد بممارساته ونضالاته اليومية أن الحلم ببناء لبنان غير لبنان الطوائف ممكن هذا ما طرحته الحركة الوطنية ببرنامجها المؤلف من 14 نقطة وهذا ما استشهد من أجله كمال جنبلاط فأين الأستاذ وليد جنبلاط ، بمواقفه وممارساته السياسية، من فكر الشهيد كمال جنبلاط وماذا فعل بالحركة الوطنية؟ .

فهل كل ذلك غير واقعي مجرد حلم . وهل الواقعي بنظرك استاذ حسنية أن نبقى تحت رحمة quot; السيد quot; وquot; الزعيم quot; وquot; الجنرالquot; و quot; الحكيمquot; .... بإختصار هل من الواقعي أن نبقى محكومين من قبل زعماء الطوائف وزعماء الإقطاع المالي والسياسي.إن كنت تريد ذلك فلك ما تريد ولكن لا يحق لك ولالغيرك لا بإسم حرية الرأي وحرية التعبير فرض رأيك على من يخالفك الرأي .
وإن كان ما تقدم هو quot;الواقعيquot; عندها للحلم الحياة لأنه كلمة وممارسة الممكن ضد قبح القائم وزيف كلمته .
من البديهي أستاذ حسنية أن لا أحد فوق النقد، بما هو نقد بناء بعيد كل البعد عن التمارين الإنشائية والأحكام الحتمية الإيمانية، إن كان معمما أو غير معمم ولكن من البديهي،أيضا،لو أن الأستاذ وليد جنبلاط مارس ما طلبه من غيره. عندها ليتحمل كل زعيم مسؤوليته وليكن الحكم للشعب.