سلوى اللوباني من القاهرة: تصدر هذا العنوان في صحيفة الأهرام اليوم 13/9/2005، في باب غذاء العقول، باشراف الاستاذة ماجدة الجندي، وهو عنوان وموضوع مثير للدهشة والألم، و بدأت ماجدة الخبر بعبارات "هذا العنوان ليس فيه أية مبالغة ولاتورية ولكنه جزء من الحقيقة التي فوجئ بها الكاتب العظيم ابداعا والتزاما نجيب محفوظ"، وللأسف عندما تنتهي من قراءة الخبر تكتشف بأنه ليس فرقعة صحفية أو هو مجرد عنوان لجذب الانظار، وانما حقيقة وحقيقة مخزية بحق أديبنا العالمي نجيب محفوظ، صاحب الثلاثية المشهورة التي امتعنا بها من خلال قلمه الملتزم خلال سنوات طويلة بكتبه او من خلال المسلسلات والأفلام.

القاهرة الجديدة:
تلقى نجيب محفوظ دعوى قضائية على يد محضر صباح يوم 6/9/2005، مرفوعة ضده وضد ناشره الجديد " دار الشروق"، ويطالب صاحب الدعوى محفوظ بالمثول أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية يوم الخميس 29/9، كما يطالب محفوظ بتعويض مالي وهو 5 ملايين جنيه، و صاحب الدعوى هو ناشر أعمال نجيب محفوظ القديم أمير سعيد السحار أحد ورثة مكتبة مصر التي نشرت أعمال نجيب محفوظ منذ عقود، والجدير بالذكر أن محفوظ حزن حزنا عميقا عندما توفي الاستاذ سعيد جودة السحار وقال " لقد رحل عنا ناشر كبير كان له فضل لا ينكر على نشر الأدب والثقافة منذ الاربعينات والخمسينات الماضية وحتى الآن، فقد ربطتني علاقات وثيقة به وبشقيقه الأصغر الكاتب الراحل عبد الحميد جودة السحار".

بين القصرين:
وجه نجيب محفوظ خطابا الى ورثة سعيد السحار يطالبهم بالتوقف عن طبع كتبه مع منحهم مهلة 6 أشهر، خطابا نقياً صافياً يعكس شخصية وأدب محفوظ، شاكراً اياهم على خدماتهم طوال فترة من الزمن، وقد وضحت الاستاذة ماجدة أن العقد المبرم بين محفوظ ومكتبة مصر غير محدد بمدة ويتالف من 7 بنود، ولا يوجد بينها أي بند يذكر أو ينص على احتكار نجيب محفوظ الى الابد، بالاضافة الى عدم وجود اي تاريخ لانهاء العقد سوى تاريخ تحريره، لذلك يحق لاي من الطرفين انهاء العقد ولكن يجب اخطار الطرف الاخر، لذلك قام محفوظ باخطارهم وقد انتهت المهلة التي منحهم اياها وانتقل الى نشر أعماله الى دار الشروق، والجدير بالذكر ان دار الشروق ايضاً أرسلت خطاباَ الى الناشر السابق باختيار محفوظ لهم لنشر مؤلفاته، وقد أرفقت الاستاذة ماجدة بالخبر صورة من خطاب محفوظ الى مكتبة مصر، صورة من خطاب دار الشروق الى مكتبة مصر، بالاضافة الى صورة من الدعوى المرفوعة ضد محفوظ والتي انكرتها مكتبة مصر.

أحلام فترة النقاهة:
بالفعل ليس غريباً أو جديداً علينا قتل الانبياء، وخصوصا بعد تجاوزهم 90 عاماً، ليس غريباً علينا فقدان الذاكرة فنحن فقدناها منذ فترة، ففقدنا معها أجمل ابداعات محفوظ، ونسينا أنه صاحب نوبل، وتناسينا ايضاَ انه الاديب والمفكر والمثقف الذي أنجبته مصر لمصر وللعالم العربي، تغافلنا عن تاريخه الادبي الذي صنعه على مدى 68 عاماً، لم نتذكر ان العقاد وطه حسين هم الذين تنبؤا بتميز محفوظ الادبي، طار من عقولنا ان نجيب هو الذي جسد همومنا واحلامنا، اصابنا عمى البصيرة فأنكرنا ذاتنا التي أبدع في تصويرها في الثلاثية، أولاد حارتنا، الحرافيش، واللص والكلاب، ذاتنا التي قرأناها في اكثر من 30 عمل للاديب العالمي نجيب محفوظ، أصابتنا الحيرة ماذا نقدم له بعد بلوغه التسعين عاماً؟؟ ماذا نهديه وقد اهدته الجامعة الامريكية الدكتوراة الفخرية، بالاضافة الى منحه العضوية الشرفية للاكاديمية الامريكية، فأبدعنا كعادتنا وقدمنا له دعوى قضائية للامتثال امام المحكمة، فلا يهمنا شئ بعد أن طال المسير علينا... وطالت أظافرنا ولحانا... قررنا قتل الحصانا...، بالرغم من ضعف بصر محفوظ ورجفة يده لا يزال يصر على الكتابة ونحن لا زلنا نصر على اغتيال الصحابة... فكم من رسول قتلنا... وكم من امام ذبحناه وهو يصلي صلاة العشاء....
نزلت علينا يا محفوظ كتاباً جميلاً... ولكننا للأسف لا نجيد القراءة...
لماذا قبلت المجئ الينا.. ومثلك كان كثيراً علينا...
قتلناك يا حبنا وهوانا...

[email protected]