سلوى اللوباني من القاهرة: يقول العقاد quot;إن الانسان عندما يقرأ فكرة ما في كتاب أو قصة فإن هذه الفكرة قد توقظ في داخله عشرات الافكار التي قرأها أو صادفها في أماكن متفرقة، فكأنه يفتح كتاباً ويقرأ في عشرات الكتبquot; وهذا ما يشعر به القارئ عند قراءة قصص لكبار الكتاب الايطاليين، فكل كاتب منهم ينقل إلينا عالماً ما وطريقة ما لرؤية العالم، حيث يتمتع القارئ بطريقة التفكير والكتابة لبعض أفضل العقول في إيطاليا من خلال كتاب quot;أبواب الهوى..قصص قصيرة لكبار الكتاب الايطاليينquot; الجزء الاول الصادر عن دار شرقيات، إضافة الى أن القارئ العربي يتعرف على أوجه التشابه والاختلاف فيما بيننا وبينهم، لذلك آثرت أن ألقي الضوء هنا على خلفية بعض كٌتاب المجموعة ليجد القارئ إمكانية الاقتراب من بعض أسماء الكتاب البارزين في الادب الايطالي، ونذكر أن الكتاب من إعداد ماركو آلوني واستيفانيا انجرانو وهو من سلسلة الكتابات المترجمة في مشروع quot;بعد البحرquot; التي تتألف من 4 كتب، والجدير بالذكر أنه قد صدر منها quot;قصص قصيرة لكاتبات إيطاليات معاصراتquot;، وquot;قصص قصيرة لشباب الكتاب الايطاليينquot;، وسيصدر قريباً quot;قصص قصيرة لكبار الكتابquot; الجزء الثاني، ومن خلال الاصدار الجديد نتعرف على 28 قصة قصيرة لاهم الاسماء الاثيرة لدى القراء الايطاليين بعضهم يمثل بالفعل جزءاً من تاريخ الادب الايطالي، وقد ترجمها عن الايطالية د.أحمد المغربي، د.حسين محمود، د. فوزي عيسى، إبراهيم عبد العزيز، أماني يوسف، كريم جابر، مروة فوزي، لمياء سنبل، هبة فاروق، ولاء عفيفي.

أصوات مختلفة من الادب الايطالي:
وتوضح مقدمة الكتاب بأن قصص المجموعة كُتبت على مدى 30 عاماً تقريباً وتتنوع طبيعة هذه القصص تنوعاً واسعاً من خلال ما تكشفه من عوالم جديدة أو من خلال أساليب السرد، ولكنها جميعها جاءت نتيجة لعصر كان فيه النقد الاجتماعي لا يزال إحدى طبقات الفكر الحي من حيث ممارسته ومراسه وكانت فيه الثقافة مرادفا للتعمق...هي قصص ولدت من الثقة بالادب كأداة بحث قوية للواقع، وكما جاء في مقدمة الكتاب أن هؤلاء المؤلفين قد نجحوا جميعهم في ترجمة تشابك الموضوعات التي يعالجونها سواء كانت تاريخية أو مرتبطة بالحاضر بنظرة ثاقبة تجمع المثالب والفضائل ونقاط القوة ونقاط الضعف في المجتمع الايطالي، وبحياد يسمح لهم بالاستخدام المتواصل للسخرية...تجد أصوات مختلفة ومتعددة من الادب الايطالي المعاصر ضمن المجموعة.. تمتلك نظرة مميزة على مستوى المضمون.. وتعتبر من أفضل الاصوات لانها حملت على عاتقها مسئولية صنع أدب أصيل وجديد لارتباطه بالتقاليد المحلية الايطالية وجديد لمواكبته تطور الادب المعاصر في باقي أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال ضم الكتاب مؤلفين من المدرسة الكلاسيكية مثل quot;مانليو كانكونيquot; وquot;رافاييلي كروفيquot;، وأكثر تجريبية مثل quot;جاني تشيلانيquot; ومن الكتاب الساخرين quot;اوريستي ديل بوونوquot;، والنقاد والروائيين مثل quot;روبرتو كوترونيوquot;، وهناك من هم غير معروفين من خلال كتاباتهم خارج إيطاليا مثل quot;تشيراميquot; ولكن تمت معرفتهم عن طريق الافلام المأخوذة عن كتاباتهم، تشيرامي معروف على المستوى العالمي بأنه السيناريست الشهير لافلام quot;روبرتو بينينيquot; مؤلف ومخرج فيلم quot;الحياة جميلةquot; كما نشر الكثير من الروايات منها quot;الحضور الغراميquot;، quot;وداعا لينينquot; quot;ولد من زجاجquot; وغيرها.

أكثر الكُتاب رواجاً:
نذكر على سبيل المثال quot;آلبرتو أربازينوquot; الذي كان منذ نصف قرن في قلب المعارك الادبية، الذي استقر في مطلع الستينيات في روما غير أنه استمر في الترحال، وكان ولم يزل مراقباً دءوبا للاحداث الثقافية والادبية والاجتماعية وللاعراف والتقاليد المعاصرة مما أثرى أنشطته الحافلة ككاتب وصحفي، ومن مجموعاته القصصية الاجازات الصغيرة، اللومباردي المجهول، وباريس أيتها العزيزة، وquot;آلدو بوزيquot; الذي يعد واحداً من الكتاب الاكثر تجديداً وفضائحية في أوروبا، ظهرت أولى رواياته بعنوان quot;دراسة عن الشبابquot; في عام 1948 وفي القصة التي تضمنت هذه المجموعة يقدم الكاتب بلاغاً أخلاقياً عن المجتمع الايطالي وعن سلوكياته الكاذبة وعن ندرة ميله للجماعية، أما quot;ستيفانو بينيquot; وهو صحفي وشاعر وكاتب وقام باخراج وكتابة سيناريو فيلم quot;موسيقى لعجائز الحيواناتquot; وله اسهامات في المسرح ومنذ عام 1999 يتولى مهمة المستشار الفني لمهرجان quot;صخب متوسطيquot; الدولي لموسيقى الجاز، وquot;آلبيرتو بيفيلاكواquot; الذي يعد من أشهر الشخصيات في المجتمع الايطالي الادبي كتب بعض الروايت والدواوين الشعرية منها الصداقة المفقودة، ويعتبر من أكثر الكتاب رواجاً في الجانب الرومانسي، وquot;آندريا كامليريquot; الذي أخرج أكثر من 100 عمل مسرحي وعمل كمؤلف وسيناريست ومخرج للعديد من البرامج الاذاعية والتلفزيونية، وقد تمت معالجة بعض من قصصه في أفلام تلفزيونية ولاقت نجاحاً عندما عرضت في عام 2000، والجدير بالذكر أن هؤلاء الكتاب يوازي حجم طبعاتهم طبعات أفضل الكتب مبيعاً في الغرب.

أعمال أقل شعبية:
كما تضم المجموعة مؤلفين آخرين أقل وجوداً في السوق وأقل شعبية لدى الجمهور على الرغم من أنهم أنتجوا أفضل الاعمال الادبية مثل الاديب quot;روبرتو كلاسوquot; وهو أحد النقاد الايطاليين ويعد باحثاً دءوباً في جميع المجالات، وهو مدير إحدى دور النشر الشهيرة quot;اديلفيquot; كما يعتبر مثقف غير عادي ويعرف كيف ينوع بين الاعمال ذات الطابع الفلسفي وذات الطابع الخاص بفقه اللغة، وجميع أعماله لاقت قبولاً واستحساناً من قبل القراء، وهناك أيضاً الاديب quot;جويدو تشرونيتيquot; الملقب بالغريب الاطوار، أو عميق المعرفة بالنفس البشرية quot;لوكا دونينيليquot; أو الانتقائي quot;ادوارد البيناتيquot;، كل واحد منهم يمثل جزءاً من بانوراما الادب الايطالي المعاصر وشهادة على عصره وعلى طريقة رؤيته للعالم والحكم عليه وتعكس إبداعاتهم جزءاً من الطبيعة الايطالية وفلسفتها وعقليتها وثقافتها.

كتابات متميزة:
ومن ضمن المجموعة هناك بعض الكتاب الذين عبروا عن الخصوصية الايطالية بطريقة غير مسبوقة نذكر منهم مثلا quot;فينتشينتسو كونصولوquot; الذي استطاع أن يحكي عن صقلية بطريقة مميزة، وquot;بينو كاكوتشيquot; الذي حكى عن المكسيك من منظور إيطالي بطريقة تجعل رؤية الانسان للعالم كونية ومحلية في الوقت ذاته، وهو يتميز الى جانب إبداعاته الروائية والقصصية بغزارة إنتاجه في الترجمة، وتتراوح كتاباته بين الحقيقة والمحاكاة وتتنوع غالباً بين الرواية والسيرة والدراسات الادبية، ونذكر أيضاً المغامرات الفكرية داخل النفس الانسانية والمتمثلة في أعمال quot;فرديناندو كامونquot; المؤلف المحبب لدى سارتر، والذي يعد من أبرز الشخصيات في الادب الايطالي وله القدرة على أن يجمع في كتاباته بين فن تحليل المجتمع المعاصر وبين رقة ونعومة المشاعر ويعد شاهد عيان على عصره وخير من يعرف كيف يسرد أزمة هذا العصر على أفضل وجه، أو المفسر الكبير لمفهوم الرواية التاريخية مثل quot;اليساندرو باربيروquot; الذي سار على النهج القديم للرواية التاريخية الايطالية.

[email protected]