استخدموا وتمّ توجيههم
فيلم وثائقي يكشف دعم المخابرات المركزية للأنشطة الثقافية

مازن الراوي من برلين: المثقفون والمخابرات المركزية ـ هو موضوع فيلم وثائقي أخرجه هانز ـ رودريغر مينوف وحققه بتكليف من البرنامج الثاني في التلفزيون الألماني وفضائية quot;آرتاquot; الأوربية. موضوع الفيلم لا يتسم في الواقع بأحداث آنية كشفها المخرج للتو، بل هو فيلم يسلط مزيداً من الأضواء على الحقيقة التي كشفتها صحيفة quot; نيويورك تايمزquot; قبل أربعين سنة في موضوع نشرته آنذاك وأماطت اللثام عن فضيحة ثقافية مست العديد من الكتاب والفنانين والمجلات الثقافية ودور النشرعلى نطاق

ريمون آرون
العالم. وقد أثارالموضوع في حينه ضجة نقدية وفضح عدداً من الكتاب المرموقين باعتبارهم مجرد أدوات في ماكنة مخابراتية تمد شبكتها إلى العالم لتوجه الثقافة. كانت صحيفةquot; نيويورك تايمزquot; قد ادعت، اعتماداً على وثائق واعترافات، بأن سلسلة من النشاطات والفعاليات الثقافية في أوربا الغربية تقف خلفها مؤسسات تدعمها وتوجهها وكالة المخابرات المركزية وتموّلها بسخاء.

أما فيلم هانز ـ رودريغر المسمىquot;إستُخدِموا ووُجِهوا ـ فنانون في شبكة المخابرات المركزيةquot; الذي يستمر عرضه 52 دقيقة يوضحُ بتفصيل وثائق وأسماء أشخاص ومؤسسات ودور نشر ومجلات شهيرة، مركزا بالدرجة الأساسية على دورquot; منظمة حرية الثقافةquot; كجبهة حرب ثقافية في قيادة النشاط بدلا من المخابرات المركزية. وجاء الفيلم الذي يَعرض عدداً من الوثائق المهمة بعد ثلاث سنوات من البحث في الوثائق التي أفرج عنها ولقاءات خاصة لتلقي مزيداً من الأضواء والتفاصيل على حقيقة دورالمخابرات وتأثيرها على أجيال من الكتاب والمثقفين. ومع إن الفيلم يستعرض موضوعة الثقافة في إطار شامل ويتحدث عن سياسة التضليل والخداع لتوجيه الثقافة وكسب المثقفين إلاّ أن التركيز الأساسي هو على ألمانيا الاتحادية بمثقفيها وأجهزتها الإعلامية، وعلى دور أهم الدوريات التي ساهمت في تشييع ثقافة محددة المعالم. ويَعتبرُ الإعلاميون والمثقفون عمل رودريغرعملاً جاداً لا يطاله النقد المجاني، وهو كاتب وإعلامي مرموق ومخرج وثائقي معروف.

درسَ هانز ـ رودريغر مينوف (62 عاما) في هسن بألمانيا، ثمّ الفلسفة والتاريخ في باريس، كما درس علوم المسرح في ميونيخ، ثم تابع تحصيله في أكاديمية الفيلم والتلفزيون ببرلين. أخرج هانزـ رودريغر مينوف عدداً من الأفلام عن ومن فياتنام في السنوات 72ـ 75، وهو مؤلف كتب ودراسات عن التاريخ الحديث. أنتج عدداً من الأفلام الوثائقية عن تاريخ العالم المعاصر تناول فيه الدانمارك وفرنسا واليونان وبريطانيا وروسيا وسوريا وأمريكا وفياتنام والأمم المتحدة وإسرائيل وإيطاليا والعراق. ويعتبر فيلمه عن مستشفيات الأمراض العقلية تحقيقاً مهماً لموضوعات تناولها فلاسفة معاصرون بصدد بنية المجتمع الرأسمالي. كما يُعتبر كتابه quot;من حرب إلى حربquot; عن سياسة ألمانيا في القرن العشرين نقداً مهماً ينبغي استحضاره دوماً أمام المواطنين.

في فيلمه الوثائقي الجديدquot; إستُخدِموا ووُجِهواquot; يقول مينوف: ثمة كتاب ومثقفون وفنانون تشكيليون وموسيقيون وقادة أوركسترا ومقدمو برامج إذاعية وتلفزيونية وكوادر تحرير في دوريات ثقافية كانوا على قوائم رواتب وكالة المخابرات المركزية. وقد لعبت دوريات ثقافية مهمة مثلquot; مونات quot; التي كان يرأسها الكاتب ميلفين لاسكي، ودوريةquot; بروفيquot; التي كان يشترك في إصدارها رايموند آرون بمثابة الحاضنة للكتاب وللأفكار التي كانت المخابرات المركزية تشيع لها وتعممها. ولم تكن المخابرات تعني كثيراً بأولئك المعادين للشيوعية بشكل سافر وبالمحافظين المخلصين للدفاع عن الفكر الغربي وقيمه، بل كانت تعني بالدرجة الأولى بالكوادر الثقافية والفنية من الليبراليين اليساريين الذين يشكلون المناخ العام للثقافة في وقته.

الصورة التي يقدمها مينوف عن النشاط الثقافي للمخابرات المركزية عمل جاد، وبالتأكيد هو نوع من مراجعة الذات ووضعها أمام الجدل، وبالتالي تمحيص لبنية الثقافة التي سادت بعد الحرب الثانية. ويستدعي الفيلم كذلك الوقوف أمام دور مثقفين كبار ساهموا في دفع الثقافة الأوربية إلى مديات جديدة من الإبداع الفكري وأسسوا الحداثة، فيما انخرط عدد كبير منهم بلعبة تضليلية. إن العمل المخابراتي عمل سياسي في المقام الأول، وفي تلك الفترة، بعد انتهاء الحرب الثانية، رسمت المخابرات المركزية ليس فقط دفاعها بل جندت للهجوم ضد الماركسية وضد الشيوعية حين بدأت الحرب الباردة. ومن الطبيعي أن تكون الثقافة أحد الميادين المهمة في تلك الحرب. ويبدو أن الأفكار التي تبنتها البلدان الاشتراكية، في الإطار الثقافي، لم تزكيها الحياة. وحين وقفت الدولة أمام تنوع التعبير وتحديد المخيلة والتجديد والتجريب في الكتابة وفي الفن، هذه الأنشطة المرتبطة بالتطور الإنساني منذ بدء التاريخ، فسحت في المجال لأن يتناقض معها جوهر الإبداع الإنساني، خاصة في مرحلة مخاض التجربة بعد الحرب، والتي تعمقت أكثر بتأثير مغامرة الذهن والمخيلة التي بدأت في العقود الأولى من القرن العشرين.
وعندما وقفت السياسة الثقافية الرسمية للبلدان الاشتراكية أمام سياسة تعتبرها مغايرة لما تريد، حولت الثقافة على الأرجح إلى أداة مباشرة علنية للسياسة، وكأنما هناك

جان بول سارتر
ثقافة بورجوازية صرفة ينبغي تسفيهها ومحاربتها وثقافة بروليتارية يلزم التمسك بها. وهكذا سقطت في ما سمي بالواقعية الاشتراكية في الأدب والفن. ومن وقتها أعتُبِر كتابٌ وفنانون مبدعون في روسيا وفي البلدان الاشتراكية رجعيون ومنشقون. وعلى سبيل المثال لم يجد كاندنسكي التجريدي أو شاغال أو بوبوف أو ماليفيج أو ألكسندر رودجينكو مكاناً لإبداعاتهم في روسيا، وكذلك أخماتوفا و دانييل خارمس و سولجنتسين وغيرهم مكاناً لهم في المخيلة البروليتارية، وخنقت بذرات مهمة مثل المستقبلية والبنيوية وحركة الطليعة في الرسم والنحت والتصميم والمعمار فيما غادرها باستراناك وتنكر لها أداموف....الخ. ويبدو أنه منذ مأزق ماياكوفيسكي الشيوعي بدأ تأطير وأد لجة الأدب وفق مقاييس مضادة لهذا النشاط الإبداعي الإنساني، فضلاً عن التنكر والهجوم الرسمي على أية محاولة في الجدل الماركسي إثر تبسيطه واعتبار الوصول إلى الدولة وقيادتها تزكية كاملة للتراث الماركسي اللنيني الذي لا يمكن البتة المساس به. بالتأكيد كانت هذه الأرضية هي التي أتاحت في المجال لأن تقوم المخابرات المركزية بإعداد خطتها الهجومية، وبواسطة كتاب ومثقفين أنخرط عدد كبير منهم دون وعي في مجالها الثقافي، واستطاعت أن تضم في صفوف مؤسساتها التي تمولها مثقفين مرموقين كانت غايتهم مغامرة الفكر، هذه المغامرة التي أرّخت للوعي الانساني منذ بدء التاريخ، لا كما دمغتها الايديولوجيا المنحطة عندما قالت للمثقفين: يكفي أنكم خدمتم البرجوازية قروناً، لقد آن الأوان لتخدموا البروليتاريا.

منظمة لحرية الثقافة؟

كانت الأداة الأساسية في التضليل الثقافي هيquot; منظمة حرية الثقافةquot; الشهيرة، وقد بنيت بتأن وحكمة. وبالتأكيد تبين العاملون فيها ما سميquot;روح العصرquot;، ودرسوا الثغرات الموجودة في الثقافة التي يريدون مناهضتها.كانت quot;منظمة حرية الثقافةquot; قد اتخذت من باريس مركزاً لها كمنظمة تعنى بالثقافة ولكنها كانت منظمة مسيطرٌ عليها سيطرة كلية من قبل وكالة المخابرات المركزية، تمول من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وعبر مشروع مارشال

غلاف أحد الكتب المهمة عن الموضوع
الشهير. كان هدفها إبان الحرب الباردة أن تضلل فنانين وكتاب من الدرجة الأولى للوقوف أمام ما سمته quot;معسكر الشيوعيةquot; وكانت تسعى إلى كسب المثقفين الليبراليين اليساريين، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، لستخدمهم كوسائل للهدف الذي تريده.

استمرت أنشطة quot;منظمة حرية الثقافةquot; بتمويل من المخابرات المركزية من العام 1958 وحتى العام 1969 وقد عمل في إطارها مثقفون يساريون سقطوا في شبكتها العنكبوتية دون أن يعوا أهدافها الحقيقية. مثل هاينرش بول و زيفريد لينز وكذلك دوريات رصينة ومهمة في الحياة الثقافية كمجلة quot; بروفيquot; بإشراف رايموند آرون ومجلة quot;ديرموناتquot; بإشراف ميلفين لاسكي وquot; تيمو بريزنته quot; لأغناسيو سيليني وquot;إنكاونترquot; لإرفينغ كريستو، ومجلة quot;حوارquot; لتوفيق صائغ. وكانت محتويات هذه الدوريات عموماً تمثل جزءا من الحرب ضد quot;العدو المشتركquot; في الشرق، وكذلك ضد منتقدي الولايات المتحدة الأمريكية مثل توماس مان وجان بول سارتر وبابلو نيرودا وغيرهم. وكانت quot;منظمة حرية الثقافةquot; عبر المجلات التي ذكرناها والتي كانت تدعم رؤيتها في السياسة الثقافية، تشجع على سبيل المثال وتدعو إلى أفضلية الفن التجريدي، الذي تبنتهُ تحت مصطلح quot; انفورميلاquot;.

وفي أعوام الستينيات قادت المنظمة حملة جادة كرست لها العديد من المثقفين المرموقين لتسفيه ما سمته بـ quot; الإيديولوجيةquot; لرفضها وبؤسها ومن ثم quot; سقوط الإيديولوجياquot;. ولهذا الغرض وسعت شبكتها النقدية أوسع من قاعدة المفكرين والمختصين إلى صفوف الصحافيين والعاملين في أجهزة الإعلام. ويبدو أن الكفاح المسلح الذي تغلغل في ضمير الناس وانتصار الثورة الفياتنامية وبروز عدد كبير من المثقفين في هذا المجال كان الدافع الرئيسي للحملة. ولكن المنظمة لم تستطع أن تسجل انتصاراً في هذا المجال وأن تستمر في تبشيرها عندما وصلت الحرب الفياتنامية إلى مرحلة متطورة وتداعى المثقفون ليجمعوا على موقف موحد في مناهضة السياسة الأمريكية في جنوب شرق آسيا والتعاطف مع فياتنام. وفعلاً ارتعب توم برادلي، أحد القياديين المعنيين بالحملة في المخابرات المركزية والذي أدار quot;المنظمةquot; في الظلquot; لسنوات طويلة، ارتعب من الواقع الذي رآه آنذاك، وأعترف بتأثير المخابرات المركزية علىquot; منظمة حرية الثقافةquot; في لقاء صحافي معه.


مالفين لاسكي مهندسquot; الحريةquot;

يركز هانزـ رودريغر مينوف، في فيلمه الوثائقي، على مالفين لاسكي باعتباره أهم شخصية لعبت دورا فكرياً وتنظيمياً في تشكيل quot;منظمة حرية الثقافةquot;. ولد لاسكي في العام 1920في الولايات المتحدة الأمريكية وتوفي في 19 مايس 2004 في برلين. كان أحد أهم الإعلاميين الأمريكيين. درس التاريخ في جامعة ميشيغان، وخدم إبان الحرب

ملفين لاسكي
العالمية الثانية في ألمانيا وفي فرنسا. مكث لاسكي بعد انتهاء الحرب في خدمة الجيش الأمريكي ببرلين موظفاً في إطار الثقافة. وعمل فيما بعد مراسلاً لعدد من المجلات والصحف الأمريكية.

في المؤتمر الأول للصحافيين الألمان الذي انعقد في برلين عام 1947 عبّرَ لاسكي عن أفكاره وشككquot; في فهم واستيعاب السوفييت للديمقراطيةquot; واهتم كثيراً بأن يركز جهوده على استيعاب فكرته من قبل الآخرين واستقطاب الصحافيين والمثقفين لفكرته وطروحاته في هذا المجال كبدء رأس الحربة في الهجوم على السفيات والبلدان الإشبراكية الوليدة. وبعد عام، أثناء حصار برلين، أسس وأصدر مجلةquot; دير موناتquot; السياسية والثقافية، واعتبرت المجلة في وقتها أهم مجلة تصدر بعد انتهاء الحرب وتؤسس لقاعدة سياسية وثقافية تحتاجها المرحلة الجديدة. وفي العام 1950 ركز لاسكي اهتمامه نحو استقطاب مجدد للمثقفين، وطرح أفكاراً جديدة مكملة لفكرة quot; الديمقراطية المستحيلة لدى السوفييتquot;. ولدى ظهوره في مؤتمر لحرية الثقافة الذي انعقد في برلين في فندق طالب بـquot; انتخابات حرة وبتطبيق حقوق الإنسان في أوربا الشرفيةquot;، وقد نال الدعم في سياسته الثقافية من قبل عاملين في حقل الثقافة ومثقفين وكان على رأسهم الفيلسوف هانا آرندت والفيلسوف كارل ياسبرز والكاتب ألبير كامو وغولو مان وجورج أورويل وغيرهم. وكان لاسكي منذ العام 1953 وحتى 1992 يساهم في تحرير مجلة quot; انكاونتر quot; البريطانية التي لعبت دوراً مهما في الثقافة الأوربية على الأخص وأثرث تأثيراً كبيرا في بناء قاعدة ثقافية لدى جيل مهم من الكتاب. وكما هو معلوم فإن مجلة quot;انكاونترquot; وquot; دير مونات quot; أصبحت هدفاً للانتقاد باعتبارهما ممولة من قبل المخابرات المركزية. وتوفي لاسكي عن عمر ناهز 84 عاما ووصف بأنه كان معاديا متطرفا للشيوعية. وعبر صلاته وتأثير أفكاره كان ضيفاً شبه دائمي في حلقات الحوار وفي استضافة منابر النقاش والحوار.

شبكة في أنحاء العالم

ويعرض رودريغر في الفيلم الوثائقي كيف موّلت وكالة المخابرات المركزية، إثر الحرب العالمية الثانية، بمبالغ طائلة نقاطاً ومراكز متعددة لكسب مثقفين وفنانين وكتاب مرموقين وصحافيين أوربيين لهم مكانتهم الثقافية وتمكنت أن نكسبهم إلى جانبها بالعطاءات المباشرة أو بتأثير طروحاتها. ويعرض الفيلم كيف وضفت المخابرات المركزية بسخاء ملايين الدولارات في واحدة من أكبر عمليات الهجوم بعد الحرب الثانية للإمساك بخيوط الثقافة العالمية والضغط على أزرارها. كان مركز أنشطة المخابرات المركزية

هاينريش بول
هوquot; منظمة حرية الثقافةquot; مركزه في باريس وتدار من قبل عملاء مختصين. وتعود للمنظمة فروع وطنية في معظم بلدان أوربا الغربية. وكانت المنظمة الأم تموّل بمبالغ طائلة مجلات المنظمة في أفريقيا وفي أمريكا اللاتينية وفي البلدان العربية. أما الهدف فقد كان هو النضال من أجل تعميم وإعلاء شأن القيم الأمريكية ونظرتها إلى الأدب والموسيقى والفنون التشكيلية. وكانت المنظمة تعيرأهمية استثنائية لكسب أولئك المثقفين والمفكرين الذين ينشطون في مجال النقد الاجتماعي من كتاب ومفكرين من جهة اليسار وتركز على كسبهم إلى جانبها لتصطف بوعي أو بدون وعي لإشاعة مبادئها. وكانت المنظمة تسعى بأساليب مخابراتية وبتخطيط مدروس لنزع تأثير الماركسية من الأوساط الثقافية، وتوسيع قاعدة الثقافة الأمريكية. وكقاعدة أساسية مؤثرة خدمت مجلة quot;بروفيquot; على سبيل المثال، تحت إدارة السوسيولوجي رايموند آرون، التوجه المرسوم بخطوطه العريضة وأصبحت منبراً للمثقفين الذين يعكسون التوجه الثقافي لمنظمة حرية الثقافة.
أما في ألمانيا الإتحادية فقد راكمت منظمة حرية الثقافة كوادر ثقافية، في غفلة من بعضهم، أحاطت بمجلةquot; ديرموناتquot;. ومنذ العام 1958تقريباً اتخذت المخابرات المركزية على عاتقها بشكل مباشرعملية الدعم والتمويل المالي وتمكنت أن تكسب العديد من الكتاب والمفكرين وأهم ممثلي الصحافة الألمانية الغربية وشكلت لها نقاط ارتكاز في quot;ميونيخquot; وquot;فرانكفورتquot; وتمكنت أيضاً أن تقيم مركزاً مهماً في quot;كولونياquot; وأن تقيم علاقات وشيجة مع في عدد من أقسام التحرير ومقدمي البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ووصلت إلى عالم الطباعة والنشر. ومن بين العديد من الشخصيات الأدبية المرموقة تمكنت من الوصول واحتواء حامل جائزة نوبل للأدب هاينرش بول الذي عمل في في إطار أفكارها وسياستها الثقافية قرابة عشر سنوات، دون ان يعلم بخلفية المنظمة.
يقول هيندريك فايندت في تعليق نشرته صحيفة quot; تاغسشبيغلquot; إن الأفكار التي طرحها مينوف في فيلمه التسجيلي جدية وصحيحة فيما يتعلق بعمل المخابرات المركزية، ويعتقد بأن المخرج نفسه سقط فيما يسمى بالدعاية المضادة. وعندما يحدد المجال الرحب من اليمين إلى اليسار في تجميع المثقفين يعدد اسم جوزيف كاسبر الذي كان كادراً ثقافياً لدى الحزب الاشتراكي القومي quot; النازيquot; ومن ثمّ أسس دار النشر الشهيرة
quot; كيبنهاورquot; التي قامت بمشاريع طموحة دون أن يكون لها إمكانية تحقيقها مالياً. وكانت الدار تعين هاينريش بول وتنشر أعماله. ويضع مينوف بول وفق مصادره في قائمة المتعاونين. أن مؤسسة هاينريش بول القائمة حتى الآن رفضت تصديق quot; المزاعمquot; عن موقف بول في سؤال من محررquot; تاغسشبيغلquot;. ويعتقد بأن المنظمة حاولت ايضاً مع غونتر غراس الذي كان أحد أهدافها لكسبه إلى جانب سياستها.
إن الرعيل الأول من الكتاب والفنانين التشكيليين والنقاد والموسيقيين الألمان قدموا أنفسهم وسقطوا في شبكة المخابرات، ومعظم هؤلاء لم يكن يعلم ما الذي يدار في الخفاء فيما هم يمضون في الطريق الخطر. زهطذا أيضاً بالنسبة إلى عدد كبير من الكتاب والمثقفين في العالم. (أخذت هذه المقالة من
quot;ديجيتال إيلافquot;عدد الثلثاء 12 ديسمبر / صفحة 21/22)