سلوى اللوباني من القاهرة: احتوى كتاب quot;الطائر الازرقquot;-دار سنابل- على نماذج متفرقة لعدد من كتاب القصة القصيرة في أمريكا اللاتينية، وهم كتاب لم يقدموا أنفسهم من فراغ بل من خلال واقع حقيقي معاش لشعوبهم، وفهم جديد لتراثهم، وتفاعلهم مع التراث العالمي والحركات الادبية الاكثر حداثة، منهم الكولومبي جابريل جارثيا ماركيز quot;رجل عجوز جداً باجنحة ضخمةquot;، quot;الموت دائماً بعد الحبquot;، quot;ليلة الكروانquot;، quot;نابو الزنجي الذي انتظرته الملائكةquot;، والأرجنتيني quot;خورخي لويس بورخيسquot; الذي انتقل ليعيش مع والديه بين فرنسا وايطاليا وسويسرا ثم اصيب في حادث عام 1938 فقد على أثره بصره ومات عام 1986 في سويسرا، وكان من أهم كتبه quot;كتاب الرملquot;، الالف، الجنوب، إضافة الى كتابات أخرى كان ينشرها بأسماء مستعارة منها قصة quot;التصاوير الاثنتي عشر للعالمquot; التي يضمها هذا الكتاب الى جانب quot;الاخرquot;، وquot;بيت استريونquot;، وغيرهم من الكتاب مثل quot;خوان رولفوquot; وquot;خوليو كورتاثارquot;، quot;ماريو بنيديتيquot;، quot;مانويل روخاسquot;، quot;خوان خوسيه أريولاquot;، ولهذه القصص اللاتينية سحر خاص وتتميز عن غيرها بخرافاتها أحياناً وبواقعيتها في كثير من الأحيان، قصص نشأت في ظل الفقر والامية وواقع دموي في تلك البلاد، بلاد منذورة بالموت ما بين الدكتاتوريات العسكرية وبين رعب المخدرات ومافيا التهريب، في ظل هذه الظروف ولدت الكتابة وعاشت وستعيش على حد تعبير د. طلعت شاهين الذي قدم نبذة بسيطة عن ظهور كتابات الادب اللاتيني، فهو يعتبر أن الكاتب اللاتيني بشكل عام بطل والقارئ أكثر بطولة لانه يقرأ نفسه وحياته في كتابة مجموعة من الكتاب، فأشار الى إتجاه الواقعية الطبيعية، واتجاه الحداثة المحلية، والفترة المدهشة في سنوات الخمسينيات إضافة الى فترة الستينيات التي عرفت باسم الانفجار، كل ذلك ولد العديد من الكتاب والكثير من الابداعات في الأدب الامريكي اللاتيني.

الواقعية والحداثة:
فأشار الى تطور ونضج الكتابة القصصية والروائية في بداية القرن العشرين كنتيجة لانعكاس الاحداث التاريخية التي مرت بها بلاد تلك المنطقة، فشهدت المنطقة إعادة التركيب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وإضافة الى ذلك ظهور اتجاهات سياسية وفكرية جدية نمت مع النضال ضد الاستعمار الاوروبي الذي كان يتصارع فيما بينه على هذه الارض الجديدة، وتلك الفترة شهدت في مجال الكتابة القصصية سيطرة اتجاهquot; الواقعية الطبيعيةquot; الذي كان بدوره خالياً من التقنية أو الحرفية في الكتاب، وكان الكاتب في تلك الفترة واعياً بانه يمتلك فقط خيوط لعبة الكتابة، وتحريك الشخصيات دون اهتمام كبير بجمالية الكتابة، وبالمقابل كان هناك تأثير يتمثل في الحداثة المحلية التي نشرت على الكتابة النثرية تجديداً وهي ولدت على يد الشاعر quot;روبين داريوquot; الذي يعتبر من مؤسسي الحداثة في أمريكا اللاتينية، مولود في quot;نيكاراجوquot; وتنقل في العديد من دول أمريكا اللاتينية وعاش لفترات في كل من اسبانيا وفرنسا، كما يعد كتابه quot;ازرقquot; الصادر عام 1888 الكتاب المؤسس لتلك الحركة، وهي الحركة التي احدثت تأثيراً لاول مرة في اوروبا بعكس ما كان يحدث فقد كانت تنتقل من اوروبا الى امريكا اللاتينية، فكانت كتاباته توشي بالشاعرية في التعبير او في الموضوع مما أثرى الكتابة القصصية والروائية، وقد سبق كتابه قصة quot;هشةquot; للمكسيكي quot;جوتيريثquot; عام 1883 الذي يعتبر البداية لحركة الحداثة، هذه الحركة التي تمثلت في إعادة تشكيل الجمل وتجديد الايقاع الموسيقي للكتابة النثرية، أي تحرير فن الكتابة وتجديده، فتميز كتاب الحداثة بقدرتهم على تمثل الثقافات الاخرى وبناء عليه خلق إبداعات جديدة، وهناك أيضاً الكاتب quot;أمادو نيرفوquot; الذي أكد بكتاباته على أهمية هذه الحركة فهو يرى أن كاتب القصة القصيرة ليس من المفترض أن يستخدم التخيل دائماً، لأن الحياة تجري من حوله وقد يفاجئه مشهد أو ملمح معين، فيقطف من هنا وهناك اشياء متفرقة سواء كانت واقعية أو أشخاصاً من حوله أما ما يحدث بعد ذلك في الكتابة فهو قليل من تنظيم تلك الملاحظات وتشكيل القصة منها، وقسم د. طلعت كتاب القصة القصيرة في إطار الحداثة الى موجتين ونذكر هنا بعض من جاء في طليعة الموجة الاولى مانويل جوتريث ناخيزا، روبين داريو، خوسيه مارتي، خوليان ديل كاسال، امادو نيرفو، وبعض من جاء في الموجة الثانية مانويل دياث، انخيل استرادا، كليمنتي بالما، انريكيث جوميث كاريو.

المدهشة والانفجار:
كما اعتبر أن أقصى تقدم لتطور القصة القصيرة في أمريكا اللاتينية كان في فترة الخمسينيات وعرفت باسم quot;الفترة المدهشةquot; وهي الفترة التي شهدت تحول العديد من كبار الكتاب في الانواع الادبية الاخرى الى الكتابة في مجال القصة القصيرة، وظهرت أول مجموعة قصصية عام 1951 للكاتب الاورجواي quot;خوان كارلوس أونيتيquot; بعنوان حلم متحقق وقصص أخرى، و للكاتب الارجنيتي quot;خوليو كورتاثارquot; مجموعة بيستياريو، والكولومبي ماركيز quot;الوراقة الجافةquot; عام 1955، مما مهد الطريق أمام ما أطلقوا عليه في مجال الرواية إسم quot;الانفجارquot; الذي بدأ خلال الستينيات، والتي تعتبر أكثر السنوات إبداعاً في مجال الرواية التي انطلقت من منهج الواقعية السحرية، وشهدت الفترة التالية ظهور روايات كتاب تلك الفترة التي صنعت شهرة هذه المنطقة كمنطقة إبداع، منها رواية quot;بدرو باراموquot; للمكسيكي خوان رولفو، وquot;القبورquot; وquot;عن الابطالquot; للارجنتيتي أرنستو ساباتو وغيرهم.

[email protected]