فالح الحمراني من موسكو: كرمت روسيا الاديب والمفكر الروسي الحائز على جائزة نوبل الكسندر سولجينيتسين بمنحه جائزة الدولة. وهذا اكبر تقدير تقدمه الدولة للاديب الكبير بعد عودته في بداية التسعينات من منفاه الاختياري هربا من النظام الشيوعي.ومنح الرئيس فلاديمير بوتين الى جانب سولجينيتسين الجائزة ل 11 شخصية من رجال العلم والثقافة والفن والدبلوماسيين.ولفت مراقبون الى ان الجائزة تمنح لسولجينيتسين على خلفية المحاولات الرامية لتحسين صورة الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين في السينما والادب والبحوث التاريخية، الذي كرس سولجينيتسين اعماله لفضح الجرائم التي ارتكبت ضد شعوب روسيا في عصره.
ورغم وجود عدد كبير من الشخصيات المرموقة بين الحائزين على الجائزة الا ان سولجينيتسين اصبح نجم الحفل. ووفقا للبيان الرسمي فقد مُنح سولجينيتسين الجائزة تقديرا لاعماله في المجال الانساني. وكانت هذه الصفة قد استحدثت العام الماضي ومنحت لبطريرك الكنيسة الروسية الكسي الثاني.
ولم يتمكن سولجينيتسين ( 88 عاما) من حضور مراسيم حفل استلام الجائزة. واستلمت الجائزة عنه عقيلته ورفيقة دربه ناتاليا سولجينيتسينا.وقالت بعد استلام شهادة الجائزة ان سولجينيتسين يتابع باستمرا التطورات بروسيا ويعاني ويصلي من اجلها.
ورغم غياب الاديب الكبير الا ان الحاضرين سمعوا صوته متلفزا في قاعة جيورجي بقصر الكرملين. واطل سولجينيتسين من خلال شاشة نصبت بالقاعة على الحاضرين معربا عن الامتنان لمنحة جائزة الدولة واعرب عن الامل بان لاترى روسيا بعد الان الفضائع التي مرت بها خلال القرن الماضي.واعرب عن الامل بان تصل مضامين اعماله الادبية والتاريخية والفكرية لوعي مواطني روسيا.
وكان سولجينيتسين قد رفض سابقا استلام جائزة الدولة تقديرا لعمله التاريخي الادبي الكبير quot;ارخبيل غولاغquot; الذي عرض فية شهادة الاف المعتقلين في معسكرات العمل المجاني والموت في المناطق النائية وما تعرضوا له من فضائع وعذابات. وقال سولجينيتسين انه لايود الحصول على جائزة على حساب عذابات الملايين. وامتنع سولجينيتسين ايضا عن استلام جائزة القديس اندريه بيرفوزفاني التي منحها له الرئيس السايق بوريس يلتسين بمناسبة بلوغه 80 عاما، احتجاجا على سياسة يلتيسن التي وضعت البلاد على حافة الهاوية.
وقال الرئيس بوتين بكلمته بالمناسبة ان ملايين الناس يربطون اسم الكسندر سولجينيتسين بمصير روسيا. وانه كرس لوطنه كافة بحوثة والاعمال الادبية العملاقة وحياته بمجملها.
وولد الكسندر سولجينيتسين في 11 دبسمبر 1918 وانهى عام 1941 كلية الفيزياء والرياضيات في جامعة روستوف جنوب روسيا، ودرس ايضا بالمراسلة في كلية الفلسفة بجامعة موسكو.وفي عام 1962 نشر رواية quot;يوم واحد من حياة ايفان دينيسيفتشquot;التي عرض فيها تجربة احد معتقلي معسكرات العصر الستاليني. ومن ثم تتابعت اعماله التي كان من اهمها الدائرة الاولى وجناح السرطان وارخبيل غولاغ والطاحونة الحمراء ومجموعة من القصص القصيرة والاشعار والبحوث الادبية والتاريخية.
واُرغم سولجينيتسين عام 1974 على مغادرة الاتحاد السوفياتي بسبب مواقفه المعادية للنظام الشيوعي ونشر اعماله التي تفضح اخطاء النظام وفضائع النظام الستاليني.
ودخل سولجينيتسين عالم الأدب إبان مرحلة الدفء الذي تسرب إلى الحياة السوفييتية عقب فضح الزعيم السوفييتي الأسبق نيكيتا خروتشوف الجرائم الستالينية، ومنحه فسحة لحرية الكلمة والفكر. وتحول سولجينيتسين بعد صدور روايته الأولى quot;يوم واحد من حياة إيفان دينيسوفتشquot; ، بغتة إلى أديب صاعد quot;النجوميةquot;، وتلقفت الرواية دور النشر الغربية، فترجمت إلى اللغات الأجنبية وطبقت شهرته الآفاق. ولم تعرف الأوساط الأدبية قبل ذلك عملا يذكر لسولجينيتسين. فمؤلفاته كانت مخطوطات أو محفوظات في الذاكرة، يخشى عواقب نشرها. وحصلت يوم واحد... على المباركة الشخصية من خروتشوف، الذي كان يفتقر إلى حلفاء لتعميق خططه بفضح الجرائم الستالينية وهو لها واستمالة الرأي العام لجانبه في مقارعة بقايا القيادة الستالينية. وشكلت رواية سولجينيتسين الأولى تمردا جسورا على مبادئ منهج الواقعية الاشتراكية الذي ألزم السوفييت باتباعه، فليس ثمة في يوم واحد... شخوص سلبية أو إيجابية بالمعنى المتعارف عليه حينذاك. ولم تتضمن أحداثها وقائع لتجميل المنجزات الاشتراكية ولم تختتم بنهاية تبعث على التفاؤل.
- آخر تحديث :
التعليقات