منذ أن تولى الرئيس علي عبدالله صالح حكم اليمن عام 1978 وهو يواجه أعداء وخصوما يتغيرون من فترة إلى أخرى. فقد بدأ حكمه بمواجهة خصومه الناصريين الذين حاولوا الإنقلاب عليه في بداية عهده، ولكنه أجهز عليهم بالقتل والتنكيل.
ثم تفرغ صالح بعد ذلك لمواجهة متمردي الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى المدعومة من شطر اليمن الجنوبي ولم ينجح في إسكات التمرد إلا عن طريق الاستعانه ميدانيا بحلفائه الإسلاميين، وسياسيا بصديقه الجنوبي الرئيس علي ناصر محمد. وبعد الوحدة واجه نظام الرئيس صالح خصما وعدوا لدودا هو نائبه علي سالم البيض الذي قاد تمردا سياسيا عليه انتهى بحرب الإنفصال التي انهزم فيها البيض بسبب خياراته الخاطئة.
وبعد البيض جاء حسين الحوثي الذي قاد تمردا شرسا كاد أن يجعل الأمور تفلت من أيدي الرئيس لولا بطش حامي حمى الحكم علي محسن الأحمر وقوته الضاربة.
وبعد انتهاء تمرد الحوثي استقرت أوضاع الحكم للرئيس ولكن سرعان ما ظهر له عدو جديد وخصم قوي لا يبدو في الأفق أن علي عبدالله صالح لديه القدرة والعزيمة على مواجهته.
هذا الخصم اللدود لم يكن الكاتب الخيواني، ولا الصحفية رحمة حجيرة، ولا زملائهما فكري قاسم أو نائف حسان أو خالد سلمان أو جمال أو عزت .
وليس الأصنج أو الحسني أو السفير الأميركي، ولا اللجنة الخاصة في السعودية، أو الإمبريالية الأميركية، أو تاج بريطانيا العظمى.
إن العدو الذي يواجه الرئيس علي عبدالله صالح هو أقوى من كل هولاء مجتمعين، ويتألف هذا العدو من ثلاثة أحرف فقط هي الفاء والقاف والراء.
إن الفقر الذي يعاني منه اليمنيون أصبح من الخطورة إلى درجة أن نسبة كبيرة منهم يمكن أن ترحب بحكم طالبان في اليمن، والبعض الآخر سوف يرحب بالاستعمار الخارجي بل يتمنى قدومه لإنقاذه مما هو فيه.
المشكلة في اليمن هي مشكلة اقتصادية بحتة ناجمة عن تراكم الفساد وسوء السياسات الاقتصادية وغياب الإرادة لمواجهتها
مؤسسة الألفية تقول إن اليمن تتراجع إلى الخلف وتعتمد في ذلك على مؤشرات اقتصادية بحتة، ولا دخل لها بمن يحكم اليمن ولا مصلحة لها مع المعارضة اليمنية المدجنة في الداخل أو المشتتة في الخارج.
الفقر في اليمن لا يمكن مواجهته بالتسول من الخارج أو انتقاد دول الجوار على عدم الوقوف مع النظام الذي لا يقف مع نفسه ولا مع شعبه.
لا أحد يستطيع أن يفهم لماذا يحجم الرئيس عن مواجهة عدوه الخطير وينشغل بقضايا جانبية لا تشكل خطورة على حكمه.
اليمنيون لن تفيدهم الديمقراطية المزيفة ولا الإشادة الأميركية ولا الرضاء الأوروبي ولا المعونة اليابانية.
اليمنيون يريدون أن يتخلصوا من الفقر، والفقر لن نقضي عليه ببناء المساجد التي تكلف ميلايين الدولارات لصنع إرث تاريخي مزور. لسنا بحاجة إلى مساجد وجمعيات خيرية جديدة فلدينا ما يكفي من المساجد، ويمكننا أن نصلى في أي ساحة عامة، وإنما نحن بحاجة إلى مصانع ومشاريع إنتاجية يستفيد من العمل بها ملايين العاطلين.
الخطة اليمنية الخمسية الوحيدة الناجحة بدأها عبدالعزيز عبدالغني عام 1975 وتوقف التخطيط بنهاية تلك الخطة، وصرفت ميزانيات طائلة على التسليح وكسب الولاءات بلا تخطيط في حين ضاع الولاء الأهم وهو ولاء الشعب اليمني الفقير.
ولن يؤدي تفاقم الفقر والعوز إلا إلى الإنهيار الشامل ولن تنفع حينها مدرعات علي محسن، ولا صواريخ أحمد علي عبدالله صالح، ولا حرس طارق، أو مخابرات عمار، في حماية النظام من غول الفقر. ولن يدافع الجنود عن قصور المسؤولين وبطونهم جائعة. فهل يدرك الرئيس ذلك؟ وهل يدرك أن أميركا لن توزع سندويتشات الديمقراطية في المخابز والأفران اليمنية، فالديمقراطية ترف ما بعده ترف في ظل الجوع والعوز.
وصدق القائل " إني عجبتُ لإمرئ جائع كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه».
كاتب المقال صحفي يمني أميركي-واشنطن
التعليقات