تآمر الرفاق في البعث السوري الذين أوشكت شمس نظامهم على الأفول، على حرية وسلامة وأمن ووحدة العراق لم تكن عبر مراحل التاريخ العربي المعاصر مجرد إتهامات وتجنيات ومغالطات!، بل أنها حقيقة تاريخية مؤسفة تؤشر على درجة وحجم التخريب القومي الذي برع فيه البعثيون البائدون منهم أو الذين ما زالوا ينتظرون!!، وحالة الخراب العراقية المتصاعدة يتحمل البعثيون وبقاياهم النزر الأكبر في العديد من جوانبها!، فليس سرا التأكيد على حقيقة السيناريو التخريبي الذي كان نظام صدام البائد يعمل عليه منذ تضعضع حكمه بعد هزيمته في الكويت عام 1991 وهي الهزيمة النكراء التي أسست لحتمية رحيل النظام رغم إستمراريته المريضة بعدها لأكثر من عقد مهلك! تمكن خلاله (الحصار الدولي) من تدمير الأسس المنهجية للمجتمع العراقي بعد أن تغلغلت التيارات الظلامية وإرتدى النظام البعثي البائد ذاته المسوح الدينية التضليلية فيما عرف وقتها بـــ (الحملة الإيمانية)!! وهي الحملة السلطوية المزعومة التي أراد صدام من خلالها تعليق كل أزمات نظامه ومصائبه على مشجب الدين!! وحيث شهدت تلك الفترة تغلغلا غير مسبوق في المجتمع العراقي المتسامح للتيارات التكفيرية والأفكار السلفية الغريبة كل الغرابة عن العقل التحديثي الذي كان سمة الحياة والمجتمع في العراق!، فمن العراق ما غيره إنطلقت منذ منتصف القرن الماضي كل الدعوات التجديدية في الفكر والأدب والشعر والسياسة والعلوم الإجتماعية ورموز ثقافية وعلمية كبيرة، كبدر شاكر السياب و نازك الملائكة و علي الوردي.. وغيرهم من علماء وأدباء وشعراء التجديد والحداثة كان العراق هو منبع إنطلاقتهم! فإذا بالحقبة البعثية السوداء التي هيمنت على المجتمع العراقي لفترة زمنية طويلة منذ عام 1963 وحتى عام 2003 أي حوالي أربعين عاما من الزمن القاسي المرير المشبع بالحروب والمصائب والتصفيات، قد فشلت فشلا ذريعا في أن تنتج فنا أو أدبا عراقيا راقيا بل أنتجت حثالات الفكر والسياسة من مفكري البعث والبائد وقياديه الأعراب والمتخلفين والأميين ثم نجحت نجاحا باهرا في خلق نماذج تكفيرية من القتلة ومصاصي الدماء أصبح العراق كله ملعبهم!! ثم زادت المصيبة بتشكل فيالق طائفية وقيادات مريضة من المراهقين لم تستطع أن تملأ ساحة الفراغ القيادي المرعب في العراق!! وفي ذلك كله كان ظل البعث الرهيب يرسم مخططاته ويحفر بأساليبه الخبيثة في عمق النسيج الإجتماعي العراقي المهلهل , ووسط أجواء الخراب والموت الدائرة في العراق يستغل بقايا البعث العراقي البائد من المتواجدين في الساحة السورية وبدعم من المخابرات السورية هذه الأجواء الملبدة ليحاولوا حرف مسار التاريخ والتسلل من جديد للحياة السياسية في العراق مستغلين تبدل الزمان والأدوار فإرتدوا هذه المرة جبة الإيمان والتقوى والصلاح و(دشاديش السلفية التكفيرية المجرمة)!! وتقول الأخبار إن (قيادة قطر العراق) البعثية ـ السورية هي أحد أهم الأدوات الإرهابية الناشطة في غرب العراق والمسؤولة عن إرسال قنابل الموت وبهائم التفخيخ لتدمير الشعب العراقي ومحاولة إشعال فتيل الحرب الأهلية / الطائفية لتدمير المشروع الديمقراطي العراقي المدعوم أميركيا ولخلط الأوراق في الشرق الأوسط بعد هزيمة النظام السوري في لبنان وإنكشاف مؤسسته الأمنية والمخابراتية أمام الرأي العام وما سيتركه ذلك من تبعات على مستقبل النظام السوري ذاته!! فكان التصعيد الإرهابي السلفي / البعثي في العراق هو رسالة الموت التي يتقن النظام السوري صياغة حروفها وألفاظها!! خصوصا وأن تنظيم (قيادة قطر العراق) يمتلك من الخبرة والحرفنة الإرهابية ما يمكنه من إتقان المهمة الموكل إليه بها!! وتصريحات وزير الدفاع العراقي الأخيرة كانت أكثر من واضحة بذكره لتحركات (الرفيق فوزي الراوي) عضو القيادة القومية السورية وتصريحاته التي حث البعثيين خلالها على إرتداء (جلباب السلفيين) من أجل ما أسماه بتصعيد المقاومة في غرب العراق؟ ومعلوماتنا عن (قيادة قطر العراق) ودورها التخريبي في الساحة العراقية منذ الثمانينيات حينما كانوا (يسرقون الأغنام والمواشي) من البادية العراقية!! وكانوا يتعاملون بشكل واضح وشبه علني مع المخابرات العراقية السابقة وبعلم المخابرات السورية ذاتها!! وكانوا يتجسسون على المعارضة العراقية المتواجدة في سوريه وقتها؟ وكانوا يقسمون العراقيين في سوريا على أساس طائفي!! ثم وقع أمينهم القطري السابق (عبد الجبار الكبيسي أو الرفيق حازم) معتقلا في العراق بعد إنكشاف دوره التخريبي في تدمير أنابيب النفط العراقية وما زال معتقلا حتى اليوم ومنذ أكثر من عام ليؤكد طبيعة التآمر التخريبي المدعوم من النظام السوري والذي يدعي البراءة بأسلوبه المخاتل الناعم ولكنها براءة الثعابين وهي تنقض على فرائسها!!، لقد صبرت السلطة العراقية طويلا على بوابات الموت البعثية السورية التي إلتهمت العديد من أرواح الأبرياء والتي غيبت المناضلين العراقيين عن طريق الإختطاف كما فعلت مع الأخ (شاكر الدجيلي) المختفي منذ ستة شهور!! بعد أن تم تناسي ملفه للأسف وتراجعت الحملة الإعلامية المتعلقة بكشف ملف إختطافه، والسلطات السورية ما زالت مستمرة في أساليبها التسويفية لأن معركتها في العراق هي معركة حياة أو موت!! هذه هي الحقيقة الستراتيجية..! فنجاح المشروع السياسي في العراق معناه النهائي إطلاق رصاصة الرحمة على بقايا البعث السوري المهلهلة والتي باتت رياح الحرية تقتلع أبوابها بعنف... لن يتوقف النظام السوري عن إرسال بهائم التفخيخ السلفي التكفيري للعراق!، وباتت مسؤولية السلطة العراقية اليوم جدية في ضرورة الطلب من السلطات السورية تسليمها العديد من رؤوس الإرهاب الناشطة في الساحة السورية بتشجيع من المخابرات السورية بدءا من قيادة قطر العراق الإرهابية وليس إنتهاءا بالعديد من مجرمي البعث الهاربين بأموال العراقيين والمعروفة أشكالهم وعناوينهم!! وبعكس ذلك فعلى العراقيين إستقبال شحنات الموت السورية... فالنظام السوري لا يملك من خيارات ستراتيجية سوى تصدير الموت الشامل؟... فهل ستكون الحكومة العراقية على مستوى المسؤولية؟... تلك هي المسألة؟.

[email protected]