وأخيرا فرجت الأزمة وأزيحت الغمة عن الصدور الحزينة والمفجوعة برحيل الأمير الخالد سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، ولم تخيب أسرة الحكم الكريمة ظنون أهل الكويت ومحبيها، وتغلبت الحكمة والمنطق والعقل على كل الإعتبارات، ووضعت مصلحة الكويت في القمة، وتغلبت حكمة (نواخذة) الديرة ونزعت كل الإحتمالات السلبية التي تمناها وسعى لها أعداء الكويت وما أكثرهم، هذا غير جموع الشامتين والحاقدين والمرضى والمعوقين الفكريين الذين رسموا سيناريوهات غريبة لصراعات لم تكن لها وجود إلا في نفوس وتمنيات مطلقيها المريضة!.
لقد كان واضحا منذ البداية إن ما حصل لم يكن أزمة ولم يكن صراع بقدر ما كان محطة للتوقف والمراجعة وتوخي أفضل السبل الكفيلة بمواجهة تحديات المستقبل وقيادة الكويت بحكمة وأمان وقوة في خضم عالمنا المتوتر والحافل بصراع الإرادات وبتيارات التغيير العاصفة التي غيرت وجه الكون والتي تتطلب في مواجهتها حشد كل الطاقات الوطنية وتعبئة كل القوى المخزونة من أجل مواجهتها، وترتيب الصف الوطني وإعادة صياغة المواقع والمسؤوليات وتعزيزها هي من ضمن أهم المهام الستراتيجية في بلد له من الأهمية الشيء الكثير في ظل الظروف الدولية السائدة، والقيادة الكويتية أثبتت على الملموس من أنها فوق كل خلاف، ومن أن مصلحة الكويت تسمو فوق جميع المصالح، ومن أن صيغة العهد والتعاهد بين الحاكم والمحكوم تظل هي الأساس في الماضي والحاضر والمستقبل وفي مواجهة جميع التحديات، والخلاف في وجهات النظر هو من الأمور الطبيعية التي تحدث في لحظات التحول التاريخية وعلى أعتاب منعطفات التغيير الكبرى، وتواصل قيادة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدفة السفينة الكويتية ما هو إلا إستمرار صحي و فاعل لقيادة شعبية مجربة عايشت وساهمت في كل لحظات البناء والنمو والإزدهار، وتفاعلت مع كل لحظات الهزيمة والإحباط والزهو والإنتصار ومن ثم عودة الروح والحرية لذلك الوطن الصغير المسالم الذي أراد الأشرار سرقته وإستباحته ومصادرته عسفا من التاريخ والجغرافيا! فرد الله كيدهم لنحورهم وبقيت الكويت وتلاشى أعدائها خائبين مدحورين يجرون أذيال الخسران، لقد تعمد إستقلال الكويت بدماء الشهداء والمضحين الذين رسموا حدود الوطن الجميل منذ معركة (الجهراء) التاريخية عام 1920 وحتى ملحمة الصمود والتحرير في عام 1991. والشيخ صباح الأحمد وهو يقود الكويت اليوم بصيغة الأمير والوارث الشرعي للصيغة التي إرتضاها (أهل الديرة) ووفقا لعقد البيعة مع أحفاد مبارك الكبير إنما يكرس حلقة جوهرية من حلقات التواصل والعطاء والإستمرارية الدستورية في إطار الثوابت القيمية والأخلاقية الكريمة، فلقد تجاوز الشعب الكويتي وتجاوزت الأسرة الحاكمة الكريمة بكل مهارة وحرص وطني حالة الإختلاف الظرفية التي حدثت وحبست معها أنفاس العالم ومحبي الكويت وسلم القيادة ودفتها لمن يصون الأمانة ويواصل المسيرة في ظل مباركة الجميع وحرصهم على أن تبقى الكويت ويسمو الوطن فلا فرق بين سعد وصباح، والكل جنود مجندة في خدمة الوطن إذا دعا الداعي ودق النفير، ولقد أثبتت أزمة الغزو البعثي الغادر صلابة الرجال وحنكة القيادة والترفع عن الصغائر أمام الهدف الكبير وهو رفعة الكويت وأمنها وسلامتها ومواصلة دورها التنويري والإنمائي في المنطقة والعالم.
ألف تحية حب وعطاء لسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح أحد القيادات التاريخية التي صنعت تاريخ المنطقة والذي بتضحياته رسم خطا كريما من التعامل السياسي الراقي الذي ستذكره الأجيال كرمز من رموز التضحية والعطاء، أما سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت فلا يسعنا إلا أن ندعو له بطول العمر، وبأن يكون وجهه الباسم منذ عقود خير إشراقة وإستهلال لكويت المستقبل الحرة الشابة التي لا تعرف اليأس، وأن يكون عهده الزاهر بإذن الله إستمرارا لعهود الحكام البررة من آل الصباح الكرام الذين خطوا المسيرة وصانوا الأمانة.
ومع القيادة والبيعة المتجددة لسمو الأمير صباح الأحمد تخط الكويت خارطة المستقبل بأمن وأمان وترسم أولى معالم التغيير الشامل لتدخل القرن الحادي والعشرين وهي أكثر ثقة ومقدرة على مواجهة تحديات العصر بصلابة جيل التأسيس.
وحفظ الله الكويت وشعبها ودستورها وأميرها من كل مكروه... ومبروك للأحرار... وعيدي يا كويت يا أحلى بلد.

[email protected]