إن اقتران صفة ( الإسلامية ) باسم حركة حماس ( حركة المقاومة الإسلامية ) لا يضعها فوق المحاسبة والنقد، فليس كل من استعمل صفة إسلامية أصبح متسلحا بسلوك العدالة وروح الإنصاف، فكم من الجرائم ترتكب ممن يتمسحون باسم الإسلام، وقد ارتكب اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني عن حركة حماس، خطأ يرتقي لمستوى الخطيئة في خطابه يوم السبت الموافق السادس من أكتوبر الحالي، عندما أراد أن يدافع عن القوة التنفيذية لحركة حماس وينفي عنها صفة ( العصابة ) فوصف قوات الفدائيين الأكراد ( البيشمركة ) بالعصابات، ولا يستطيع عاقل أو مجنون أن يفهم حشره لقوات البيشمركة الكردية في هذا السياق، فمن حقه أن يدافع عن قوته التنفيذية المسلحة ويعتبرها ملائكة أو جندا منزلين من السماء وليسوا عصابات، ولكن أن يصف ضمن هذا السياق فدائيي الشعب الكردي بالعصابات فهذا ليس مجرد خطأ، ولكنه تعبير عن المكنون النفسي لاسماعيل هنية وبعض قيادة حركته، لأنه لا يستطيع أحد أن يوجد أية مبررات في ظروف النضال الفلسطيني لاستعداء الشعب الكردي وخلق مشاكل معه من خلال هذه الإهانة التي لا يقبلها أي مواطن كردي في كافة أنحاء الوطن القومي الكردي المجزأ والمحتل، لأن البيشمركة الكردية هم الفدائيون الذين دافعوا عن حقوق شعبهم وصمدوا في وجه الطاغية صدام وجيشه، وقد استشهد منهم ألاف وهم يدافعون عن شعبهم، وفي الثقافة والتاريخ الكردي لهم مواقف مشرفة تماما مثل نظرة الشعب الفلسطيني لفدائييه المخلصين من كافة التنظيمات...فلماذا افتعال المشاكل من أعلى مسؤول فلسطيني مع الشعب الكردي؟.

إن هذه الخطيئة من اسماعيل هنية تذكر بالعديد من الممارسات الحماسية غير المسؤولة التي جلبت العداوة والكراهية للشعب الفلسطيني، وخطيئة اسماعيل هنية الجديدة من تداعياتها في لا شعوره، فالشعب الكويتي الشقيق لن ينسى مهما طال الزمن تأييد حركة حماس العلني عام 1990 لاحتلال دولة الكويت من قبل الطاغية صدام حسين،ومهما نفت الحركة ذلك فهو موثق و معروف، وهل ينسى الشعب العراقي الذي ابتلي بالمقابر الجماعية للطاغية صدام، افتتاح عبد العزيز الرنتيسي عام 2004 بيت عزاء في ( عدي و قصي ) واعتبارهما شهداءا، ويكفي أن الكاتب العراقي محي الدين المسعودي كتب آنذاك ردا على ذلك وعلى الأحزاب الإسلامية في الأردن لمنحها صفة الشهادة لهما، كتب يقول: ( إن كان عدي وقصي شهداء.. فابشر يا إبليس بدخول الجنة ). والآن هاهو سماحة السيد اسماعيل هنية وبدون أية مناسبة يستدعي عداوات مجانية مع الشعب الكردي، ناسيا أنه شعب مسلم أرضه محتلة مثل الشعب الفلسطيني، ومن منظور الأخلاق فقط لا يوجد احتلال قبيح يجب محاربته واحتلال جميل يجب تأييده ومباركته. وضمن نفس السياق هل يقبل آية الله العظمى اسماعيل هنية أن يصف أحد قوته التنفيذية المسلحة الناشرة للرعب والخوف والقتل في شوارع قطاع غزة أنها عصابات؟. رغم أن القتل الذي تمارسه بحق الشعب الفلسطيني لا يختلف عن أفعال العصابات، ففي حرب هذه القوة التنفيذية مع حركة فتح سقط في الشهور الخمسة الأخيرة ما يزيد على مئة قتيل فلسطيني ومئات الجرحى..فهل هذا عمل مقاومين أم عمل عصابات؟. إن حركة حماس ليست جيشا من الأولياء والرسل، وصفة ( الإسلامية ) لا تعطيها وقائدها المظفر اسماعيل هنية الحق في الاستعلاء على الغير، وجلب الخصومات والعداوات المجانية للشعب الفلسطيني، ومن يعتقد أن كل أعضاء حماس أولياء ورسلا فليسأل اسماعيل هنية، كيف تمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من اغتيال العديد من قيادات حماس خاصة الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي؟. أليس من خلال معلومات لوجستية وصلت لجيش الاحتلال من كوادر حماسية، وهل يجيبنا اسماعيل هنية من هو كادر حماس الذي وضع المادة الفوسفورية على الكرسي المتحرك للشيخ أحمد ياسين، تلك المادة التي أعطت الإشعاع الدال على مكان وجود الشيخ للطائرة الإسرائيلية؟.
ولأن حركة حماس ليست جيشا إلهيا فمن حقنا نقدها وبهذه القسوة، لأن من يدعي أنه ينطلق من روح الإسلام وجهاديته يرتكب جريمة كبرى عندما يهين الشعب الكردي الذي يعتز بفدائييه (البيشمركة )، إلا إذا كان سماحة السيد هنية يقبل وصف الإسرائيليين للمقاومين الفلسطينيين بأنهم ( مخربون ). إن هذا ليس تزلفا للشعب والقيادة الكردية ولكنه إقرار بأن نضال الشعوب لا يتجزأ، فليس هناك شعب كالشعب الفلسطيني يجب احترام مقاوميه و وصفهم بالفدائيين، بينما الشعب الكردي نصف مقاوميه بالعصابات. لذلك لو كان اسماعيل هنية ينطلق من أخلاق الإسلام لتذكر ( إن الاعتراف بالذنب فضيلة )، و لأعتذر للشعب والقيادة الكردية عن هذا الخطأ الخطيئة، لأن الشعب الفلسطيني في حاجة ماسة لحشد الأصدقاء والمتضامنين معه وليس استعداء شعوب ضده بدون مبرر. وإذا كان البعض سوف يتذكر بعض أخطاء البيشمركة، فنذكره بقتل الفلسطينيين المجاني لبعضهم البعض في حرب حماس فتح الحالية، ونسأله من ارتكب حربي المخيمات الفلسطينية في لبنان عامي 1986 و 1988 ؟. الم تكن حربا ضروسا بين التنظيمات الفلسطينية وراح ضحيتها مئات القتلىو ألاف المهجرين؟. لذلك فمن الفضيلة أن يعتذر اسماعيل هنية للشعب والقيادة الكردية، فالشعوب تحتاج للتضامن وليس الخصومة!!.
[email protected]