* تحول المسلسل على يد محمد فاضل إلى حنجورى سياسى يفتقد لمسة الفن وينتمى إلى الروبابيكيا الدرامية.
* البطل مثالى يرفض إصلاح الكرسى وشراء الموبايل والنماذج الأخرى نمطية تذكرنا بصحيفة البرافدا ومنشورات الإتحاد الإشتراكى!.


* تصوروا الهلالى الملاك المستقيم لايتذكر الراقصة التى حملت منه.. هو مخه دفتر!
* سكة الهلالى مليئة بالحفر والمطبات الدرامية.

يحيى الفخرانى ممثل حريف ومحترف، وطاقة تمثيلية جبارة، ولذلك كنت أدعو له أن يوفقه الله فى رمضان هذا العام ويحسن الإختيار حتى لاتصبح التالته تابته بعد مسلسلين فاشلين هما quot;عباس الأبيضquot; وquot;المرسى والبحارquot;، ولكنه خذلنى وأصر على الفشل هذا العام أيضاً وإختار مسلسلاً رديئاً آخر وهو quot;سكة الهلالىquot; والتى أعتبرها سكة الندامة للفخرانى، وأنا لاأعرف السبب الحقيقى وراء الإضطراب الذى أصاب بوصلة الفخرانى الدرامية، والخلل الذى دمر راداره الإبداعى، والإلتهاب الذى سكن جهاز إتزانه الفنى وأصاب فنه بالباركينسونزم المسلسلاتى المزمن!.

*من البديهيات الفنية أن معنى الدراما هو quot;الفعل quot; ولو تحول الفن إلى رص كلام ورغى وثرثرة فقد أصبحنا أمام أى شئ آخر إلا الدراما، فلنطلق عليها حينها وصف منشور سياسى أو نشرة محافظة أو مجلة حائط، وهذا ماحدث ويحدث مع هذا المسلسل، وأعتقد أن بصمات المخرج محمد فاضل هى المسئولة عن هذا الإتجاه وليس المؤلف فقط، فمحمد فاضل مخرج كبير ولكن للأسف الشديد صارت تحكمه الأيدلوجيا أكثر من الفن، ومازال يعيش على ذكرى الستينات والسبعينات فى الرؤية والإخراج حتى الآن، ويوجه السيناريو إلى حيث يريد هو فكرياً فيتحول على يديه إلى حنجورى سياسى زاعق يفتقد لمسة الفن السحرية المتسللة المراوغة، وأظن أن عمل محمد فاضل فى مسلسلات جهاز تنظيم الأسرة هو الذى أثر فيه فجعل أعماله مباشرة مدرسية تنتمى إلى عصر الروبابيكيا الدرامية مما يذكرنى بالمسرحيات التى يقدمها طلبة المدارس الحكومية تحت إشراف مفتش التوجيه المسرحى بوزارة التربية والتعليم، وهذا الإتجاه فى الإخراج يجعل مسلسلات فاضل منتهية الصلاحية فى عصر الفضائيات، وأصبحت تخرج غالبا ًمن سباق الدراما السنوى بجدارة إلا إذا كان هناك نجم كالفخرانى يسندها ويفرضها بل ويغير ميعادها على الخريطة بعد مرور أول أسبوع رمضانى فى سابقة لم تحدث من قبل، وهذا للأسف لن يمنح العمل نجاحاً لايستحقه، فنجاح العمل الفنى لاينتزع بالقوة والضغط والكوسه ولكنه ينجح فقط بمقدار الصدق الفنى ومدى المهارة والحرفية وللأسف quot;سكة الهلالىquot; تخلو من كل هذا وذاك.

*سكة الهلالى مليئة بالحفر والمطبات الدرامية مما يجعلها سكة موحشة درامياً ومقبضة فنياً، تبدأ الحلقات بحيلة درامية تنقذ المؤلف من وجع قلب نسج الفعل الدرامى المحبوك، والحيلة هى أن يقدم البطل برنامجاً على التليفزيون داخل المسلسل، مما يسمح للمؤلف أن يطسنا خطباً عصماء لمدة عشر دقائق متصلة فى كل حلقة، ويتيح للفخرانى أن يصول ويجول ويتقمص دور المصلح الإجتماعى، وأيضاً هى جواز مرور للمخرج أن يضع الكاميرا ويثبتها وينام بجانبها، ويظل البطل يتحدث فى كل شئ وبمنتهى الحماس السياسى وأيضاً بمنتهى الملل الدرامى، فالإيقاع الواقع بلغة الدراما لاينقذه نبل الهدف أو خطورة القضية السياسية المطروحة، وإلا كنا قد عرضنا قصاصات جرائد معارضة وخلصنا، ولكن الإيقاع ينقذه أن تتحول كل تلك القضايا إلى أفعال درامية، وبالطبع البطل المثالى الملاك المجنح التى يطرحها المسلسل هى صورة مستفزة فنياً إلى أبعد الحدود، لدرجة أن طفلى الصغير ضحك على حكاية كرسى رئيس الحزب البايظ والذى لايصلحه الهلالى من فرط مثاليته، وعلى حكاية الموبايل الذى لايحمله رئيس حزب الفضيلة برغم أن ثمنه من الممكن ألا يتجاوز 300 جنيه، وقد علق الطفل على هذا بقوله يابابا مايجيبه مستعمل وبلاش خط يجيبه كارت ويبعت منه ميسد كول بس!، هذا البطل الذى يقترب من مصاف الأنبياء والذى ليس من لحم ودم بل هو من خيال ووهم، هذا البطل ليس له وجود إلا فى خيال صناع المسلسل فقط.

*زادت جرعة المباشرة فى حلقات الإنتخابات والصراع عليها بين الهلالى وعطية الساعاتى، وتخيلت أننى أقرأ جريدة البرافدا الروسية فى عصر ستالين، أو أشاهد مسلسلاً من إنتاج الإتحاد الإشتراكى واللجنة التنفيذية العليا، رص كلام عن أهمية البطاقة الإنتخابية ودور رجال الأعمال فى النهوض بالقرية والرشوة الإنتخابية..... الخ، وكأننا فى مؤتمر حزبى، والمدهش أن هذا الحب الفياض من أهل كفر أصاله يتم منحه لرجل لم يزر القرية منذ تخرجه من الجامعة إلا كسائح، ولم يتذكرها إلا فى موسم الإنتخابات فقط، وكل مؤهلاته إن لسانه حلو فى البرامج والمدهش أن حواره طوال المسلسل عادى وغير جذاب ولايكشف عن أى كاريزما، وأن كل أهل الكفر قاعدين يتفرجوا بكل هطل وعبط فاتحين أفواههم وكأن مافيش برنامج فى التليفزيون إلا برنامج الهلالى quot;الطريق الوحيد quot;، وكأن المؤلف والمخرج والبطل مايعرفوش إن معظم الكفور والنجوع دلوقتى ياإما فاتحين على الجزيرة أو القنوات إياها فى المقاهى المغلقة عليهم مساء، وإن الحصاد الجماهيرى لبرنامج الهلالى لايمكن أن يتعدى نسبة نجاح برنامج عمرو عبد السميع بنجاحه المنقطع الجماهير!، كل هذا جعل المشاهد لايصدق مايعرض أمامه من مبالغة من أشخاص نمطية مرسومة بسربعة وإستعجال، أنماط صارخة كاريكاتورية أبيض وأسود، عمدة مرتشى أمام فلاح ثورى، مرشح شرير ككفار قريش فى مسلسلات أحمد طنطاوى أمام مرشح برئ كالطفل الرضيع، نقى كجوهرة الماس، أبيض كاللبن الحليب، وهكذا لتتحقق أمنية المخرج محمد فاضل بأن تتحول الدراما التليفزيونية إلى منشور سياسى أو برنامج محو أمية أو إعلان لالون له ولا رائحة من عينة إعلانات المثمن القضائى ناجى خزام.

*ولكى يضع لنا الفخرانى حصوة ملح فى عيننا الناقدة ويقلل من جرعة المثالية المتفجرة الطافحة علينا فقد إخترع هو وصناع المسلسل سقطة درامية واحدة محاولاً تقليد سقطات أبطال الدراما الإغريقية، ولكنها للأسف كانت سقطة كوميدية جعلت المسلسل كله quot;ساقطquot; درامياً وبإمتياز مع مرتبة الشرف، ودائماً نرى يوسف معاطى مفتقداً لحرفية الحبكة الدرامية فهو كاتب إسكتشات كوميدية منفصلة متفوق، ولكن تخونه غالباً الحبكة أو بالأدق مايتعبش نفسه فى نسجها، وكما فعل مع الفخرانى فى عباس الأبيض حين كانت حبكة سرقة البطاقة من الجثة واللعب على حكاية الشبه المزعومة حبكة ساذجة لاتنطلى على طفل، كرر معاطى المأساة ولكن للأسف بشكل أكثر سذاجة، وتخيلوا بطل العمل المستقيم الدوغرى رئيس حزب الفضيلة لايتذكر العلاقة الجنسية الوحيدة فى حياته والتى أثمرت عن بنت.. هو مخه دفتر!، ، وكأنها كباية شاى لايتذكر طعمها أو جورب نسى لونه، وسواء كانت الراقصة صادقة أم كاذبة وسواء بنتها تنتمى إليه أم لا وسواء فاجأنا المؤلف فى النهاية بأن الحكاية فشنك، إلا أن مجرد الشك والنسيان فى هذه الحالة لايمكن أن يصدقه عقل، ولو تناسينا قوة خصوبة وفحولة الهلالى التى لقحت الراقصة من مرة واحدة فقط، فإننا لانستطيع تناسى كم السذاجة والعته فى هذه الحبكة اللامنطقية التى قبلها الناس من فريد الأطرش فى فيلم رسالة من إمرأة مجهولة ولكنهم عدوها وبلعوها لأنه دون جوان وبلاى بوى فى الفيلم، والغريب أن المؤلف والمخرج والبطل يطلبون منا نحن الغلابة أن نقتنع بأنه أحس بأنها إبنته من مجرد النظر إلى وجهها، ومن شدة إقتناعه ذهب إلى مكان مشبوه مضحياً بسمعته وتاريخه لإنقاذها!!، هل هذا معقول؟، وهل أمخاخ المشاهدين مستباحة إلى هذا الحد؟، وهل مخ الأستاذ الدكتور الهلالى بهذا الهطل المنغولى الذى يذكرنا بالدكتور شديد فى ساعة لقلبك؟، أعتقد أن الفنان يحيى الفخرانى قد دخل فى سكة الندامه ولابد أن يعود عنها إلى سكة السلامة حتى لايتوه فى سكة اللى يروح مايرجعش!.

[email protected]