لم تستمر دهشتي كثيراً بعد أن قرأت المقابلة التي أجراها الدكتور أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، المنشورة على حلقتين في صحيفة quot;المصري اليومquot;، يومي 15و16 أكتوبر الجاري، فقبل أن أنتهي من قراءة المقابلة عرفت أن الرجل في طريقه لمغادرة منصبه
وما أثار دهشتي في البداية هو ما ذكره أبو المجد ـ وهو الرجل الثاني في المجلس القومي لحقوق الإنسان، لكنه في الواقع الرجل الأول المسيطر والمهيمن على المركز القومي لحقوق الإنسان نظرا لانشغال الدكتور بطرس غالي خارج مصر معظم العام ـ والغريب أن كل ما أدلى به أبو المجد في تلك المقابلة اتسم بالصراحة والصدق في نقاط كثيرة، والمراوغة أيضا واللف والدوران كعادة السياسيين المراوغين، واليك ما تحدث عنه أبو المجد وهو يثير الريبة والشك ويجعل المرء يفغر فاه مذهولا من هول المفاجأة والعجب ولكن إذا عرف السبب بطل العجب.
تحدث أبو المجد عن مشاكل الأقباط وذكر في حديثة quot;أنا كمسلم لا يحق لي أنام الليل إذا كان هناك قبطي واحد مهضوم الحق من منطلق إيماني ووطني، وكيف أهمشهم وشكواهم معقولة جدا.
ثم سائلة مجدي الجلاد رئيس التحرير وما مشاكلهم ؟
فأجاب قيود شديدة على بناء الكنائس وعدم تولي مناصب معينة في أجهزة الدولة. واستطرد أبو المجد قائلاً : quot;الغلط غلط والظلم منهي عنة إسلامياquot;.
و الحال الآن عندنا عصبية يكون الرجل جالسا على المقهى (يسكر ويحشش ويسب الدين ويسرق) ويسمع أن هناك مشاجرة بين مسلم ومسيحي يقوم بإخراج مطوه قرن غزال ويضرب بها المسيحي.
وللوهلة الأولى من يقرا حديث أبو المجد يعتقد أن مصر كانت وستزال المدينة الفاضلة بل افضل مما تصورها أفلاطون ودانتي فهذا الحديث الجيد خارج من الرجل المهيمن على المركز القومي لحقوق الإنسان بل هو الرئيس الفعلي للمركز القومي لحقوق الإنسان، ولكن إن عرفت حقيقة أبو المجد أخشى أن تصاب بالغثيان وتصدق القاعدة المصرية (الكلام ليس عليه جمرك) فالدكتور أبو المجد الذي شرح وحلل مشاكل الأقباط السابقة لم يدرج مشاكل الأقباط نهائيا في تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقرير عام 2004 الذي صدر في يناير 2005 ولا حتى في تقرير 2005 الذي صدر في 2006 متجاهلا اضطهاد 12 مليون من الأقباط في مصر بل معتبرا أن عصر مبارك هو العصر الذهبي للأقباط ! وتأكيدا لذلك تجده هو ومركزة الموقر.
* لم يصدر توصياته بدراسة وتحليل ظاهرة الكراهية التي يكنها المتعصبون من المسلمين من أعلى المستويات حتى العامل البسيط مرورا بنائب رئيس المركز القومي لحقوق الإنسان نفسه للأقباط وأسبابها من إعلام كارة للأخر وهابي متطرف من إذاعة وتليفزيون.
* لم يصدر توصياته بدراسة عظات المساجد والزوايا المنتشرة في ربوع مصر التي تنشر التطرف ضد أقباط مصر.
* لم يصدر توصياته لمعرفة دور أمن الدولة بالتعاون مع الجمعيات الشرعية في خطف بنات الأقباط وأسلمتهم عنوة.
* لم يناقش دور أمن الدولة في عدم بناء الكنائس وحرمان الأقباط من حقوقهم الدينية.
* لم يناقش دور أمن الدولة في اضطهاد وقتل الأقباط من الخانكة إلى سمالوط طحا الأعمدة قتل كاهن الكنيسة من اثنين من الشمامسة.
* لم يناقش اختراق الإخوان للقضاء في مصر وقاضي الكشح محمد عفيفي خير مثال ( قتل 21 قبطيا منهم 2 حرقا في حقولهم أمام عيون وحماية رجال الأمن) والسبب الحقيقي هو استفزاز القتلى للجناة لقتلهم.
* لم يضع قضية الأقباط موضع الدراسة ! بل وضع قضية اضطهاد المسلمين في بلاد أوربا موضع الدراسة مغيرا اسم المركز القومي لحقوق الإنسان إلى ( المركز القومي لحقوق الإنسان المسلم فقط محليا و عالميا)
و أضاف أبو المجد أيضا في حديثة تحذيره للاخوة المسيحيين من مطالبتهم بإلغاء المادة الثانية في الدستور التي قنن بها السادات التطرف والتعصب وتم ذبحة على الطريقة الإسلامية يوم عرسه في 6/10/1981 ونال جزاء اللعب مع الشيطان quot; جزاء سينيمار quot;
معللا أن المادة الثانية موجهة للمشرع وليس للقاضى متجاهلا اثر هذه المادة في أحكام القانون المصري وظلمها للأقباط !
* في حالة إسلام أحد الوالدين يتبع الأبناء الأفضل دينا منهما quot;و هو الإسلام بالطبع quot; ويتم حرمان الأطفال الصغار من عطف أمهم (في حالة إسلام أبيهم) ضاربا عرض الحائط بكل مقاييس الرحمة والحق والعدل !
* شهادة المسيحي في مسائل الأحوال الشخصية وإعلامات الوراثة لا يؤخذ بها، بينما المسلم يعتد بشهادته على المسيحي من منطق الاستعلاء وتطبيقاً للمادة الثانية من الدستور.
* في المواريث فإن من يشهر إسلامه يرث ومن يرتد عن إسلامه لا يرث !
* إعفاء طالبي الإسلام من الرسوم المقررة وهى الشهادة الوحيدة بدون رسوم هي شهادة إشهار الاسلام تطبيقا للمادة الثانية !
* وهى المسبب الرئيسي لاضطهاد وحرمان أقباط مصر النسيج الأصلي للوطن من حقوقهم الإنسانية والدينية واصبحوا يعيشون كمواطنين من الدرجة الثالثة في وطنهم الأصلي !
* لا ولاية لذمي على مسلم يعمل بها في قانون الولاية على المال.
أخيرا أن حديث الدكتور كمال أبو المجد أدانه شخصيه له وجعلني استعجب بعد كل ما ذكره لماذا لم يفتح ملف مشاكل الأقباط في واضطهادهم من قبل مجلسه الموقر ؟
ثم قربة من الرئيس مبارك كما ذكر لنا في زيورخ فبراير من هذا العام جعلني أتساءل إن كان يريد الإصلاح فالكل بيد الرئيس مبارك وهو قريب منة وبالطبع مصر ودول المنطقة محكومة بطريقة quot;وان مان شوquot; One Man Show
واخيرا عرفت السبب لماذا تحدث كمال أبو المجد ألان
أولا، لأنه سيترك المجلس القومي في المرحلة القادمة
ثانيا، لأن كرسي السلطة له ولأمثاله في المجلس و أثره المدمر على حاسة النطق بالحق
ثالثا هو أن قربه وأمثاله من مبارك والحكام العرب يصيبهم بالمرض الثلاثي لا اسمع لا أرى لا أتكلم
شكرا للدكتور كمال أبو المجد على صحوة الضمير ولكن بعد فوات الأوان ولكن الضمير ضاع فجاه ويبحث له عن دور وسيط بين مبارك وجماعة الإرهاب والإخوان المسلمين غربان الظلام وتاريخهم الدموي شاهد عليهم.
وعلية اعتقد أن أبو المجد لم ينم 75 عاما لرؤيته اضطهاد الأقباط في مصر ولم يذق النوم أيضا لاستمرار الاضطهاد والإذلال لأقباط مصر وأيضا لكونه سيصبح وسيطا للثعابين ويخشى أن يتم تكريمه مثل السادات. ويا فرحة ما تمت أخذها الغراب وطار لقد سقط الضمير بسرعة البرق من أبو المجد.
[email protected]