فنتازيا عربية
جاء شهر رمضان المبارك لهذا العام، وكالعادة ليظهر عادة الخلاف المتأصلة بين المسلمين وعلى الرغم من كرمه، فنحن دائماً نبخل عليه بالاتفاق على بدايته وأيضا على نهايته.
رمضان الذي من المفترض انه شهر عظيم لدى المسلمين،ونُزِّل فيه القرآن الكريم، ولكن بدل أن يُظهر عظمة المسلمين وتوحدهم، فهو دائماً،وفي كل عام يُثبت خيبتهم ومعانداتهم وخلافهم على بداية دخوله وأيضا نهايته، وكأنهم يفعلون ذلك عمداً. ففي كل عام تكون لشهر رمضان بدايات متعددة في الدول الإسلامية، فبعض الدول تبدأ صيامها اليوم وأخرى غداً وثالثة بعد الغد، وكأن لكل دولة هلالها الخاص بها، والذي لا يراه الآخرون، بل وانك قد تجد في الدولة الواحدة بدايات مختلفة لهذا الشهر الكريم. وقد يبدو من الصورة التي تظهران البعض يفعل ذلك من اجل المكايدة السياسية التي تتلبس ثوب الدين، أو العناد من منطلق خالف تُذكر، أو لأسباب طائفية بحتة من منطلق: طالما طائفة أخرى قد صامت فيجب أن لا نصوم نحن.. لكي نُظهر التمايز!!! والبعض يختلق هذه الخلافات لأسباب عنترية ليس لها معنى. والمتابع لأجهزة الإعلام في البلاد الإسلامية يجد ان رجال الدين بكل مشاربهم ( وأيضا معهم من يسترجلون دينياً في المناسبات : كرمضان) تجد كل هؤلاء يتحدثون عن عظمة الشهر ووحدة المسلمين ـ التي لا وجود لها إلا في الكتب والخُطب ـ ويتحدثون عن ان المسلم لو كان موجوداً في بلد غير إسلامي ولم يشهد الهلال فيمكنه ان يصوم مع اقرب دولة إسلامية، ولكن لا احد منهم يناقش قضية دولة مسلمة أعلنت الصيام وجارتها،القريبة أو البعيدة،والمسلمة أيضا أعلنت ذلك اليوم مُكملاً لشعبان، ولا احد يتحدث عن الجيران في البلد الواحد الذين تجد بعضهم قد بدأ الصيام وبعضهم الآخر ليس بعد.أيضا المنظمات الإسلامية التي تتكرر مؤتمراتها وندواتها لا تواجه هذه الظاهرة بجدية.
في اعتقادي ان السبب في تفشي ظاهرة الخلاف هذه، وعدم مواجهتها وحلها، يعود إلى إنها ظاهرة محلية وخيبة داخلية لا نستطيع ربطها بالاستعمار والصهيونية، وإلا لكانت قد عُقدت المؤتمرات وأُقيمت الندوات وأرغى الراغون وأزبد الزابدون. وإذا استمرت هذه الخيبة في السنين القادمة، فقد تجد من يربطها بالصهيونية والاستعمار، حيث ستقول دولة زيد التي رأت الهلال وصامت، عن دولة عمرو التي لم تره ولم تصُم، سوف تقول ان هناك مؤامرة صهيونية امبريالية حجبت عنها الهلال، بينما ستقول دولة عمرو بأن هناك مؤامرة صهيونية ضد دولة زيد أظهرت لها هلالاً مزوراً !!!!!. (مع ملاحظة ان هذه هي المرة الأولى والوحيدة في العالم العربي ـ بل والإسلامي اجمع ـ التي يجتمع فيها زيد وعمرو في مكان واحد من دون ان يضرب احدهما الآخر)، وهذا تطور ملحوظ..
فاصلة: عند قراءة هذا المقال سوف يكون العيد على بعض الأبواب، و مازال بعيداً عن بعضها وقد يكون قد دخل الأبواب فعلاً في بعض آخر. وعلى العموم كل عام وانتم بخير وعيد سعيد أينما كنتم ومتى ما حل عيدكم، وقوموا إلى إفطاركم إذا كان رمضان مازال عندكم أو اذهبوا إلى الحديقة أو الملاهي ان كنتم في العيد..
(كاتب سوداني)
التعليقات