quot; Make Haste slowlyquot;مثل لاتيني
ومثله قالت العرب: quot; في التأني السلامة وفي العجلة الندامة quot;
وقال الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
رؤية نماذج مقارنة في المفاهيم والتطبيقات الدستورية
مقدمة: إشكاليات الموضوع
لقد كانت الفرصة غير سانحة في عرض كل المفاهيم والافكار في الندوة التلفزيونية التي جمعتني بالصديق المفكر اللبناني الدكتور رغيد الصلح في برنامج (تحت المجهر) الذي تعّده وتقدمه السيدة بريهان قمق من تلفزيون الشارقة، وكان ذلك مساء يوم الاثنين 16 اكتوبر 2006. وعليه، دعوني اسجل هنا بعض افكاري وما لدي من معرفة متواضعة اكتسبتها حول تاريخ هذا الموضوع من خلال محاضراتي في عدد من الجامعات التي دّرست فيها التاريخ الدستوري للعالم الحديث وتاريخ اوروبا الحديث.. وهنا ادع العراقيين كلهم يفكرون في الذي يجري اليوم من تجربة تاريخية باسم الفيدرالية وجعل العراق من خلال سن قانون الاقاليم مجموعة اجزاء ثلاثة او اربعة اجزاء بعد تفكيكه وتصنيفه الى اقاليم.
وهل يمكن للعراق ان يعيش مفدرلا؟ ومن يضمن انه فيدرالياته لا تتحول بسرعة الى كونفدراليات مستقلة ما دامت هناك ثمة نصوص دستورية تعّبد هذا الطريق بالورود؟ وهل يمكن للعراق ان يؤسس فيدراليات على اساس طائفي او كانتونات على اساس اثني؟ وهل يمكن للمصير الوطني والتاريخي ان تحدده احزاب سياسية معينة ربما لا تحظى بارادة العراقيين جميعا؟ وهل يمكن للعراقيين ان يحددوا مصيرهم من خلال اسلوب لم يتفقوا على حدوده الدنيا؟ انني اعتقد بأن العراقيين منقسمون اليوم ازاء النهج السياسي الذي اختير لهم، او انهم منشغلون في ما هو ادهى وامّر في اصعب مرحلة تمر بهم.. وحتى ان وافقوا على أي مبدأ فيدرالي اتحادي، فان الممارسات والشعارات توحي لكل العراقيين بأن المشروع ليس نظيفا على الاطلاق.. وانه بالفعل سيؤدي بالبلاد الى مصير مجهول من خلال مباركة فاضحة للتقسيم، واذا يغض البعض الطرف عن ذلك متعمدا او عن جهالة، فان الواقع الاجتماعي والسياسي يفرض التقسيم فرضا..
وهنا اريد القول بهذه المناسبة وان أرد ردّا جازما على كل من يقول بأن من يقف معترضا على الفيدرالية ومعارضا للاجراءات التي حصلت اما ان يكون صداميا واما ان يكون تكفيريا.. وهذا حكم بليد نسمعه من هذا ونقرأه عن ذاك.. انه حكم لا يراعي مصالح العراق ولا يؤمن فعلا برأي العراقيين، بل ولا يحترم كل المعترضين المنطلقين من رؤية واضحة ومعرفة متمكنة واستقلالية سياسية معلنة.. وينبغي ان يعلم امثال هؤلاء الساسة الذين يتهمون معارضيهم بشتى التهم انهم لم يعرفوا شيئا من الفيدرالية ولا أي شيئ عن تطبيقاتها ولم يقرأوا تجاربها في العالم، انهم بهذا الاسلوب وهذا النهج يبدون من اضعف القادة والساسة الذين انجبهم العراق في العصر الحديث، وانهم يمارسون احتكارا ليس للعراق وحده، بل لمصير العراق ومستقبل العراقيين ايضا.
هواجس العراقيين لا تحدّها حدود!
لم يعد هذا quot; الموضوع quot; الشغل الشاغل لكل العراقيين، فالعراقيون منشغلون حقيقة بهواجسهم وامن اولادهم وكسب معاشهم ولم يعد يفكروا بمستقبلهم ومصيرهم بعد ان دارت كل بلايا التاريخ وحلت التعصّبات بديلا عن الروح المنفتحة.. لكن هذا quot; الموضوع quot; هو شغل شاغل بعض القادة والاحزاب وبعض نخب من ساسة متعصبين وانصاف مثقفين من الذين تركوا كل ما تحتاجه البلاد واخذوا يركضون وراء تحقيق سراب يستحيل خلقه في بلاد مثل العراق والتي لا يعرفها الا من خبرها وتمّرس في خبايا تاريخها، وان سر تفوق بعض الزعماء العراقيين في الماضي هو استكشافهم اسرار هذا المجتمع الذي ان عرف، سهل امر قيادته! وينقسم الرأي العراقي العام اليوم بشأن الفيدرالية الى ثلاثة اقسام، قسم يدفع باتجاه هذا المشروع الى الامام بأقصى قوته، وقسم يقف في الضد منه او متحفظ عليه اذ يعده بابا لانقسام البلاد.. وقسم ثالث لا يعرف ما الفيدرالية اصلا، ولا يدري من امرها شيئا يذكر ابدا (ومن هذا القسم الاخير ساسة ونواب ومثقفين وحتى زعماء احزاب وكتل!!)..
واستطيع القول بأن هذه الاتجاهات الثلاثة تعيش وهما وتستخدم موقفها من هذا quot; المشروع quot; لاسباب سياسية ومصلحية ولكونها صاحبة اهداف شخصية وفئوية وطائفية معينة.. وهنا ينبغي على كل عراقي ان يسأل نفسه قبل ان يوزع الاحكام، او ان يتخندق برأيه ويتّصلب به ويطيل لسانه على من يخالفه الرأي: هل ان هذا quot; المشروع quot; بداية لتقسيم العراق؟ واذا كان كذلك، فهل يدرك كل من يسعى الى تطبيق هذا quot; المشروع quot; ذلك، وانه فعلا يعمل على تقسيم العراق؟ واذا تحقق تقسيم العراق، فهل يمكن ان تتحقق احلام من يسعى جاهدا لذلك؟ وعلى من يناصب هذا المشروع كل العداء، ينبغي ان يسأل نفسه ايضا: هل ان الفيدرالية لا يمكن تطبيقها اصلا؟ هل العيب في اسلوب متطور من اساليب انظمة الحكم؟ وهل ثمة خلل في مبادئ الفيدرالية ومضامينها واشكالها ونماذجها؟ وهل سعى كل العراقيين الى معرفة كنه هذا الاسلوب او: النظام من انظمة الحكم وخبر تاريخه وعرف تجاربه ودرس قوانين البلاد الفيدرالية؟ دعونا اليوم نعالج على مهل هذا quot; المشروع quot; كي نتوصّل الى مجموعة افكار مشتركة بعيدا عن غوغائية الساسة وضعف مدارك بعض انصاف المثقفين وبدائية افكار المتعصبين.. وايهام الشعب ليل نهار بالانتصارات القادمة والاحلام الوردية السعيدة.. كما جرى ويجري تسويق دستور 2005 الذي لا يليق ابدا بنا نحن العراقيين، ومع كل احترامي له، فيمكن للقارئ الكريم قراءة اعتراضاتي على الدستور في عدد من مقالاتي التي نشرتها في العام المنصرم.
الايمان بالمبادئ قبل مواجهة التحديات
بادئ ذي بدء، ينبغي القول ان quot; الدولة quot; تصنف الى صنفين اثنين، اولاهما دولة بسيطة او مبسطة، وهي الدولة العادية المركزية او ذات النظام اللامركزي، وثانيهما دولة مركّبة، وهي الدولة التي تتركّب من عدة اقاليم فيدرالية متنوعة ترتبط اداريا بالحكومة الاتحادية. ولابد من القول ان مبدأ الفيدرالية هو من انضج المبادئ في انظمة الحكم المتطورة والتي عمّرت طويلا في بلدان تعب الناس فيها من اجل تطوير انظمة الحكم لديهم، فنجحت الفيدرالية نجاحا كبيرا وضمن ضوابط دستورية في مراحل من القرنين التاسع عشر والعشرين.. ولكن السؤال: هل يمكن للعراق ان يسلخ او يستنسخ او يستلب أي مشروع متطور في الفيدرالية ومن هنا او هناك ليطبقه حسب اهواء احزاب او تعصبات ملالي او تخندقات ساسة وهم جميعا برغم تبايناتهم الايديولوجية والسياسية والوطنية يتشدقون معا بأنه نظام يلائم العراق وانه سيأخذ بيد العراق وانه يتمتع بخصوصية عراقية؟؟ ان مجرد الاعلان عن فيدرالية الوسط والجنوب بمعزل عن اية تبريرات حقيقية وبتأويلات غير مقنعة سيجعل كل العراقيين في أي شبر من ترابهم يتساءلون عن سر الكراهية التي تتوهج علنا ويراد ترسيخها من خلال اقاليم في مشروعات دستورية!
لابد ان يدرك كل العراقيين بأن هذا quot; المشروع quot; لا يدخل ضمن أي عملية سياسية ولا يعالج في ظل أي اوضاع استثنائية ولا يمر عبر اية قنوات فئوية.. انها مسألة وطنية لا تخص مصالحنا نحن اليوم، وانما تخص مصالح الاجيال قاطبة. وعليه، فمن الجنون والتعاسة تمرير أي مشروع يخص الوطن بكل اجزائه على ايدي مشّرعّين وساسة لا يعرفون من امر العراق شيئا. وعليه أيضا اقول، ان من يطمح الى التقسيم (أي: تقسيم العراق) فليعلن ذلك صراحة وعلى رؤوس الاشهاد ومن دون أي تردد او حياء لكي نعرف كيف تتبلور ارادة الناس.. كما ونحتاج الى الوضوح في الطرح والشفافية في الرؤية بديلا عن انعدام الثقة واشتعال الظنون، اذ لا يمكن ان تمر مشروعات مصيرية من خلال بنود (دستورية) غير متفق عليها اصلا الا بين مجموعة ساسة معروفين بتوجهاتهم وفي نسخة اخيرة من الدستور اقّرت بشق الانفس! وما دامت المسألة دستورية (أي: قانونية)، فلا يمكن ان يتلاعب بأمرها السياسيون بل لابد ان يعالجها رجال فكر وعلم وقانون وتطرح على الشعب ليقول كلمته فيها.. ولابد ان اقول بأنك لن تستطيع فرض ما تريده على العراقيين قسرا حتى وان امتلكت اكثر من نصف مقاعد البرلمان، لأن المسألة وطنية وليست سياسية عادية يمكن التلاعب بها!! اذ عليك ان تحقق اجماعا كبيرا تمثله ارادة وطنية في ظل ظروف مستقرة وآمنة.
الاجتراحات العراقية: الفيدرالية مشكلة دستورية لا تعالج سياسيا
انها ليست اشكالية سياسية، بقدر ما هي مشكلة دستورية اصلا. دعونا نتوقف هنا عند المبادئ الفيدرالية واهميتها اليوم. ان من يطرح لوحده مشروع الوسط والجنوب (من تسع محافظات) يعلن على رؤوس الاشهاد انه لا يهتم ابدا بما تبقى من اجزاء في وطن واحد يصعب علي جدا وعلى غيري من العراقيين ان يمّيز بين الشمال والوسط وبين الشرق والغرب وبين الجنوب وكردستان.. علما بأن الوسط والجنوب ليس لهما أي ميراث تاريخي مشترك من الناحية الادارية كي يجتمعا في اقليم فيدرالي. وعليه، فهو يطمح لتأسيس كيان سياسي منفصل، وانه سيكرس النظام الطائفي في هذه التجربة المأساوية، وانه يتلاعب بالصدفة التاريخية التي اوصلته الى السلطة في لحظة زمنية معينة! وسيقود البلاد كلها الى السعير وبئس المصير! وسينشغل كل العراقيين بتطهير مناطقهم من الناس الذين ليسوا على دينهم او طائفتهم او عرقهم او ملّتهم! وسيموت العراق وطنا شيئا فشيئا..
انني أسأل: كيف يمكن لأي عراقي حقيقي ان يقبل اقليما كبيرا من تسع محافظات واقليما صغيرا من محافظتين وكيف يرضى على نفسه بقاء محافظات من دون اقاليم؟؟ ثمة امر آخر لابد ان ينتبه اليه كل العراقيين حتى من الذين لا يقبلون كل هذه الاجتراحات او الذين يخالفونني الرأي ومع كل احترامي لأي رأي مخالف من الناحية السياسية والفكرية وليس من الناحية الوطنية.. بأنني كنت سأقبل نتائج اية انتخابات دستورية لو انها مورست مناطقيا وعلى اساس جعل العراق دوائر انتخابية في كل محافظة ادارية من دون اللعب على ارادة العراقيين وجعلها انتخابات على اساس انتخاب ممثلي احزاب وتكتلات ربما لا أؤمن بأي واحد منها! لقد سمعت قبل ايام حوارا دار بين اثنين حول شرعية الاستفتاء على الدستور فلما رفض الاول اجابه الثاني ولكنها اللعبة الديمقراطية بيننا.. فحار ولم يجبه بأن المسائل الوطنية والمصيرية لا تحسم من خلال لعبة ديمقراطية بين الاحزاب، بل من خلال استفتاء مناطقي يشرف عليه القضاء ولا يكون لعبة بايدي مفوضيات مهترئة ثبت للقاصي والداني ما الذي مارسته من فساد (ويتذكر القارئ الكريم ما نشرته من مقالات ضد ممارسات تلك المفوضية العليا)..
وهنا لابد من استعادة العمل الدستوري من جديد، وهنا اطالب ايضا بأن يتم تشكيل أية لجان عمل للمعالجة في أي حالة دستورية من قبل اناس مستقلين، وان لا تشكّل أي لجنة عمل من قبل اعضاء البرلمان الحالي.. لقد قادت اساليب الانتخابات التي جرت على اساس حزبي او كتلوي ان يحتل مقاعد البرلمان اناس جهلة لا يفقهون من امر العراق شيئا ولا من امر الحياة المدنية شيئا، فكيف يمكن للعراقيين جعل هؤلاء وامثالهم يرسمون مستقبل العراق المنشود؟؟ ان المشكلة مركّبة ومعقّدة جدا لكل اطوار العملية، وان السلطتين التشريعية والتنفيذية في ازمة، ولا يمكن المضي فيها الا بعد اجراء علاجات جذرية كي تستقيم الاحوال، واذا بقيت كما هي عليه اليوم، فسوف تتفاقم مشكلات العراق كثيرا ويصعب عند ذاك حلها بأية وسائل.
مستلزمات التكوينات الفيدرالية
ولابد ان ندرك ان الفيدراليات عندما تنشأ تكون قد تبلورت اقاليم معروفة ومشهورة ولها حدودها وان عناصرها تكاد تكون مكتملة، فلا يمكن لأي مشروع فيدرالي يبدأ وحدود الاقاليم غير معروفة والا نكون قد خلقنا عداء مستحكما بين الاقاليم، او نكون قد اوقدنا النار لسعير حرب اهلية وقودها كل العراقيين.. ولم نجد من خلال دراستنا للمبادئ الفيدرالية في كل هذا العالم ان طبخة اية اتحادات فيدرالية قد ولدت في ظرف زمني سريع ومليئ بالاضطرابات، فكل التجارب الفيدرالية دامت زمنا طويلا حتى تم تشكيلها على اسس وطنية راسخة. وان التجارب الفيدرالية الفاشلة هي التي طبخت في سنتين او ثلاث واصابها الفشل الذريع.. وان كل التجارب الفيدرالية في العالم عرفت عنها خصوصيات الاقاليم اذ ان لكل اقليم تاريخه وخصوصياته المحلية ومحدداته الجغرافية.. وان كل الاقاليم المفدرلة في العالم لم يعتمد الانسان فيها اساسا للتمييز، بل كان لخصوصيات الارض والاقاليم نفسها الاسباب الحقيقية وراء قيام اتحادات فيدرالية..
وعليه، فان المبادئ الفيدرالية هي اوربية المنشأ نشأت في ظل صراعات اقليمية ومصالح بيئية واقطاعية وسلطوية وسلالية بين ممالك ودوقيات معينة ومسيجّة باسوار حجرية ومعروفة بمقاطعاتها التي تتوسطها القلاع منذ العصور الوسطى ويتوارث الحكم فيها امراء لسلالات حاكمة وخصوصا في قلب اوربا حول الراين خصوصا.. وتعتبر تجربة سويسرا اقدم تجربة اتحادية لاقاليمها التي شكلتها دوقيات قديمة منذ القرن الثالث عشر الميلادي.. وليكن معلوما ان انظمة الدوقيات الاوربية هي ذات حدود جغرافية، بل تكاد تكون حتى مسيجّة وفي القلب قلعة وهي معروفة بهذه الحدود.. وبالرغم من لعبة الانقسام المذهبي بين الكاثوليك والبروتستانت، الا ان الدستور لم يأخذ بهذا الانقسام ابدا في أي تجربة فيدرالية في العالم، واتحّدى من يأتيني بمثل واحد على كينونة فيدرالية دينية او طائفية..
وعليه، لا اجد في كل تجارب العالم الفيدرالية أي فيدرالية طائفية او مذهبية او حتى عرقية اثنية في القرن العشرين وما سبقه.. بل انها حكومات ادارية لاقاليم اعتمدت تواريخها وحدودها القديمة اساسا في دستورية الاتحاد.. انه نظام رائع يشابه الى حد كبير نظام الامصار في العهود الاسلامية الذي يقف على رأسه العمال (جمع: عامل) او نظام الايالات العثماني الذي يقف على رأسه الولاة من الباشوات (= جمع والي) ولكن هذين النظامين الاداريين (العربي والتركي) كانا يرتبطان ارتباطا مركزيا مع العاصمة.. في حين ان النظام الفيدرالي يرتبط ارتباطا لا مركزيا بالحكومة الاتحادية.. اضافة الى ذلك، فان الحكومة الاتحادية لها حق الاشراف وتسيير الامور بخضوع الاقليم للمركز وليس العكس كما نجده في اكثر من مادة في الدستور العراقي الحالي.
اصناف النظم الفيدرالية
تعد الفيدرالية اصلا: رابع الاتجاهات الاتحادية في ادارة الاقاليم، او هي شكل من اشكال الادارة الاتحادية للاقاليم وطبيعة علاقتها بالمركز (او: الحكومة الاتحادية في المركز)، وهي نظام حكم تستخدمه العديد من الدول، باعتباره حصيلة تجارب من الاتحادات الشخصية للاسر المالكة او حتى الهيئات الرئاسية كما حدث في كولومبيا وبوليفيا والبيرو وبولونيا وليتوانيا واتحاد انكلترا مع هانوفر وهولندا مع لوكسمبورغ ابان القرن التاسع عشر.. وهناك الاتحادات الفعلية وهو نوع يشكله انضمام دولتين في شكل اتحاد تحت رئيس واحد او ملك واحد والهيئة الحاكمة مشتركة في كل الشؤون فضلا عن وجود هيئات حكومية مشتركة، وهذا ما وجدناه في نماذج الاتحاد السويدي ـ النرويجي والاتحاد النمساوي ـ الهنغاري والاتحاد الدانماركي ـ الايسلندي..
وهناك الاتحادات التعاهداتية او الاتحادات الكونفدرالية بين مجموعة دول تجتمع في رعاية مصالح دولة معينة وبمقتضى معادة دولية وتكون الهيئة الحاكمة تعاهدية في رسم السياسية العامة وتتمتع كل دولة بشخصية دولية كاملة، فلكل منها حق الانفراد بعقد المعاهدات الدولية وحق الانفراد بالتمثيل الدبلوماسي الايجابي والسلبي، ولها ان تقوم منفردة بحرب واحتفاظ كل دولة بنظامها السياسي.. ان الامثلة التاريخية لهكذا كونفدراليات تعاهداتية توضحها لنا الولايات المتحدة الامريكية للفترة 1781 ndash; 1787 وقد اخفقت التجربة مما قاد الى مشروع انا بوليس في العام 1786 وصدور الدستور الاتحادي للولايات المتحدة في 17 سبتمبر 1787 والذي يقوم حتى يومنا هذا، ولكن بعد ان اصبح النظام فيدراليا على اساس اداري للاقاليم.. ومن مثله التعاهد الهلفي السويسري 1815- 1848 عندما اجتمع اثر تداعيات مؤتمر فيينا عام 1815 وسقوط الامبراطوريات الكبرى في القرن التاسع عشر، مندوبو المقاطعات والدوقيات في اجتماع الدييت لكل من دوقيات زيورخ وبرن ولوسرن، ولكن انتهى النظام التعاهدي اثر النزاع البروتستانتي ـ الكاثوليكي، وكانت قد حاولت المقاطعات الكاثوليكية ان تنفصل، لكنها لم تنجح واعيد التعاهد في وضع دستور جديد في عام 1848. اما التعاهد الجرماني 1815- 1866 اثر قرارات مؤتمر فيينا المذكور، فلقد وجدنا تعاهد ما يقرب من 38 دويلة ملكية ودوقية ومن اشهرها: بروسيا وبافاريا وهانوفر وفرانكفورت وهامبورك ولوبك.. وغيرها وكانت ارتباطات بعضها بدول اخرى مع كونها دولا مفككة واتحدّت ولكن مع وقوع حروب اهلية حتى ظهور الاتحاد الالماني في العام 1871 ودور بسمارك من خلال بروسيا.
نظام الحكم الفيدرالي
اما نظام حكم الاتحاد الفيدرالي فانه يتكّون من مجموعة الاتحادات الفيدرالية بين اقاليم مبعثرة او متقاربة تجتمع في ظل حكومة اتحادية.. انه اتحاد يجري تكوينه على اساس انضمام الاقاليم بعضا الى بعض وليس على اساس تقسيم الوحدة الكلية الى اجزاء (باستثناء ما حدث في تجربة تاريخية واحدة هي البرازيل والتي عادت مؤخرا الى الدولة المبسطة بحكم التطورات العولمية). ان هذه العملية التاريخية لا تعد تجربة سياسية بقدر ما تعتبر تطبيقا لمبادئ دستورية يطمح اليها ابناء الشعب، وان يتضمنها دستور يدعو الى اتحاد دائم تسوده هيئة مركزية تمارس سلطتها بطريق مباشر على حكومات الاقاليم. ان من خلال تدريساتي واشرافي على واحدة من الاطروحات في التاريخ الاوربي، وجدت بأن دولة فيدرالية مثل بلجيكا قد عادت اليوم الى نظامها المبسّط بالاعتماد على المركزية في كل حياتها نتيجة للتطورات الاقتصادية العولمية التي لا يمكن لأي دولة فيدرالية التعامل معها اذا بقيت القوانين المحلية متباينة بين الاقاليم.. واعتقد ان دولا عدة وعلى رأسها المانيا ستأخذ بالتجربة المركزية اسوة بفرنسا بسبب التطورات العولمية.
وترتكز الشخصية الدولية في الهيئة المركزية للدولة الفيدرالية: تمثيل دبلوماسي واحد وابرام المعاهدات الدولية التي يقصر على الحكومة المركزية الاتحادية وان قرارات الحكومة المركزية ملزمة للاعضاء.. وان حق اعلان الحرب مقصور على الحكومة المركزية ويوافق عليها الاعضاء ولا يجوز تخّلف احداها.. واذا وقعت الحرب بين اقاليم الدولة الفيدرالية تعد حربا اهلية، وان المسؤولية الدولية تقع على عاتق الحكومة المركزية.. وتنشأ الدولة الفيدرالية اما باتفاق دول مستقلة وهو ما يحدث غالبا (للولايات المتحدة مثلا) وسويسرا والمانيا عن دولة موحدة بسيطة مع رغبتها في ان تستمر مرتبطة ببعضها البعض في ظل فيدرالية، فالبرازيل كانت دولة بسيطة تحّولت الى دولة اتحادية سنة 1857، وروسيا كانت ايضا دولة بسيطة قبل العام 1917 فتحولت الى فيدرالية بعد الثورة البلشفية، ثم سرعان ما دمجت دولا اخرى في كونفدرالية ولكن شريطة ان يكون مجلس السوفييت الاعلى هو المسؤول الحقيقي عنها.
ان الشكل الفيدرالي للدولة يعمل باسلوبين اثنين، اولاهما يتمثل بانفصال الولايات عن الاتحاد وتحول التجربة الاتحادية الى انفصال دول مستقلة نتيجة حرب اهلية او حركات ثورية، او تمردات سكانية وهذا ما اخشى ان يحدث في العراق في قابل الايام.. فالحرب الاهلية الامريكية لو انتصرت في ولايات الجنوب على الشمال لتفككت الدولة، ولكن تحولت الولايات المتحدة الامريكية الى دولة بسيطة واصبحت الولايات المتحدة مجرد وحدات ادارية لا تتمتع بأي استقلالية سياسية، بعد ان كانت وحدات سياسية ذات سيادة داخلية..
وكذلك لابد ان اذكر ان التجربة الفيدرالية في اندونيسيا عام 1949 قد فشلت وتحّولت الى دولة بسيطة في العام 1951. وعلينا ايضا ان نهتم بالتجربة النايجيرية التي فشلت هي الاخرى نظرا لتصادم التناقضات في دواخل الاقاليم نفسها.. ونظرا لأن كل اقليم لم يحظ بخواص ادارية وجغرافية وحدودية وسكانية مقارنة بما هو الحال في تجارب اوروبا مثلا.. وهذا ما اجده نفسه في العراق، فالعراق وحدة جغرافية يتمتع فيها اقليم كردستان بخصوصية قومية من الناحية الجغرافية، ولكن العراق كله له خصوصياته الادارية منذ ازمان طويلة وبما فيها كردستان، وان سكانه قد انتشروا في كل اجزائه بمختلف اديانهم وقومياتهم واقلياتهم وطوائفهم التي لا يمكن ابدا التعويل عليها في خلق نظام فيدرالي.. والا نكون قد وضعنا السكين في قلب العراق وتركناه ينزف على مهل!
سمات الدولة الفيدرالية
انها دولة مركّبة جغرافيا باقاليمها الادارية.. وربما كانت بعض اقاليمها تعيش توفيقية بين تيارين متعارضين او اكثر: وحدوي وانفصالي، ولكن ربما فشلت تجارب فيدرالية نتيجة اخفاقات حاقت بسوء التطبيقات، ولكن لم تنفصل اية اقاليم عن جسم الدولة الفيدرالية الا اذا بنيت على غير اساس اداري.. او انفصالي فمثلا اقليم كيبك في كندا يتمتع بنسبة عالية جدا من السكان الذين يتكلمون الفرنسية، ولكن لم ينجح ابدا في ان ينفصل عن محيطه وبقي يعيش في ظل الحكومة الكندية الاتحادية، فمصلحته العليا تقضي بأن يبقى متحدا مصيريا مع كندا الجغرافية بدل ان يكون اقليما منعزلا يفصله الاطلنطي عن فرنسا.. نعم، ان ثمة اقاليم تعيش اليوم حركات انفصالية تدعوها لذلك ومما يثير الانتباه اليوم، ان اغلب حركات التمرد والانفصال في دول عدة بسيطة واتحادية قد انعدمت منها دواعي الانفصال مؤخرا سواء اقليم الباسك في اسبانيا او ايرلندا في المملكة المتحدة او اقليم التاميل او غيرها بفعل التغييرات التاريخية والعولمية الكبرى التي يمر بها العالم اليوم، فليس من مصلحة أي اقليم الانفصال وخصوصا اذا لم يتمتع بعوامل جغرافية واقتصادية واستراتيجية تساعده على الاستجابة للتحديات.. ان انفصاله سيبقيه لوحده، او سيعرضه للالتهام من قبل دول وقوى وتكتلات اخرى!
ان السلطات في الدولة الفيدرالية الاتحادية: تشريعية وتنفيذية وقضائية (واستجدت اليوم سلطة الرأي العام الذي تعّبر عنه وسائل الاعلام الحديثة). تتكون السلطة التشريعية من مجلسين، اولاهما لممثل (او ممثلي) الاقاليم باسم مجلس الولايات وثانيهما لممثلي الشعب باسم مجلس الشعب (او: البرلمان) وتعمل السلطة التشريعية على سن القوانين. اما السلطة التنفيذية فيؤلفها رئيس دولة (= ملكا او رئيسا) وحكومة اتحادية تتبع اسلوبين: اسلوب الادارة المباشرة اذ تنشئ الحكومة الاتحادية ادارات خاصة بها في مختلف الاقاليم تكون تابعة لها، أي ان هناك ادارات محلية وادارات اتحادية (وعمل الاخيرة لجمع الضرائب وتنفيذ مصالح الدولة الاتحادية والمراقبة وتنفيذ القوانين والدفاع عن الارض.. الخ). وهناك اسلوب الادارة غير المباشرة، أي اعتماد الحكومة الاتحادية على ادارات الحكومات المحلية في تنفيذ القوانين، ولكن شريطة ان تكون الحكومات المحلية ملزمة امام الحكومة الاتحادية بكل ما يتعلق بشؤون الاقليم وممتلكاته ومؤسساته ودوائره وتنفيذ القرارات الاتحادية). وهناك بعض الدول الفيدرالية تجمع بين الاسلوبين وهذا ما يسمى باسلوب الادارة المختلطة.. ولكن تبقى الحكومة الاتحادية هي الضابط الاول والاخير لعملية نظام الحكم. اما السلطة القضائية الاتحادية فتؤلفها محكمة اتحادية عليا ينتخب اعضاؤها بمعرفة السلطة التشريعية، وتختص باستئناف احكام المحاكم المحلية فضلا عن فض النزاعات التي قد تنشب بين الولايات او الاقاليم وفض منازعات قد تنشأ بين الاقاليم والحكومة الاتحادية المركزية ومراقبة دستورية القوانين في أي شبر من البلاد.
مستلزمات الفيدرالية العراقية
ان الوعي بهذا الموضوع من قبل الجماهير بحاجة الى سنوات خصوصا وانه يقع ضمن التغيير التاريخي وليس ضمن أي صفقة سياسية بين الاطراف الذين يعدون انفسهم فرقاء في وطن واحد.. ان من يؤمن بالتغيير التاريخي عليه ان يكون وطنيا لا يفّرق بين الاجزاء ويكون هادئا وصبورا ودقيقا في اجراء التحولات، فنحن لا نملك عصا سحرية ونحن لا نتعامل مع اجراء ثوري ونحن لا نملك ارضية تاريخية نتحرك عليها بملئ ارادتنا.. ونحن لا نملك حق ممارسة خيارات وطنية مطلقة، فالعالم كله يعرف كم هو العراق مكّبل اليوم بالقيود.. والمسألة دستورية بحتة، وان مجرد تضمينها بالمستوى الذي جاءت فيه بالدستور العراقي لعام 2005 لا يرقى الى مستوى الحفاظ على العراق، بل يبدو المشروع وكأنه هدف للعديد من الفرقاء من اجل تقسيم العراق.. واذا اراد البعض ان يتشدّق باسم الارادة الوطنية ومشروعية الانتخابات والاستفتاء على الدستور وقبول الناس به.. فهل بمقدور كل المشرعين الجدد الذين يمثّلون الشعب ان يمشوا بين ابناء الشعب بامان وبمنتهى الحرية.. هل حققوا مستلزمات اساسية يحتاجها الناس في معيشتهم وحياتهم كي ينشغل كل الناس بالفيدرالية!؟؟ هل حققوا ما وعدوا الناس به من ابسط المستلزمات والضرورات؟
ان الدول الفيدرالية دول مركبّة ولكنها ليست معقّدة، والعراق دولة مركبة جغرافيا وتاريخيا ولكن تركيبها اداري ولم يكن تركيبا عرقيا او طائفيا حسب، فالسكان منتشرون ومندمجون وفيهم تنوع وتعدد كبير، وعليه، فالعراق مجتمع معقّد لا يمكن تجزأة تناقضاته في اقاليم اتحادية ولا يمكن اللعب على أي ورقة من اوراقه الدينية او القومية او الطائفية او المذهبية او الجهوية المناطقية او حتى الاجتماعية.. ان استخدام أي ورقة من هذه الاوراق الحساسة في أي جانب سياسي او دستوري سيجعل الوضع ملتهبا في كل اصقاع العراق. وينبغي ان يكون الوازع الوطني اساسا في أي عملية تاريخية في التغيير، ومن دون هذا الوازع، فسيفشل أي مشروع حتى وان كان برعاية أية قوة عظمى!
لقد عالج الاخ الاستاذ باقر الفضلي في مقالته الممتازة الموسومة quot; الفيدرالية: ما هو المبتغى؟ quot; عدة جوانب اساسية خصوصا عندما انتقد من ينادي بفيدرالية الوسط والجنوب من دون اعطاء اية تبريرات او مسوغات مقنعة ليس للعالم الذي يجهل تعقيداتنا الاجتماعية، بل للعراقيين انفسهم الذين اصبحوا مجموعة مكونات بدل ان يكونوا اخوة من المواطنين.. وقد خلص صاحب المقال الى نتائج غاية في الاهمية منطلقا من قوله بأن quot; المصالح السياسية طالما وقفت، وفي كثير من الاحيان، وراء الكثير من التبريرات والتأويلات للعديد من القرارات والقوانين بل وحتى النصوص الدستورية وفي بلد كالعراق، الغارق في بحر من فوضى التشريع والقانون، ليس غريباّ على المرء، أن يجد نفسه وسط عاصفة من التخبط الفكري والقانوني، حيث يصبح تلقائياّ؛ تفسير الأشياء ورد أسبابها، طبقاّ لما تمليه مصلحة الشخص أو الجهة المعنية، أكثر مما توجبه حالة الشيء الموضوعية نفسها quot;.
وأخيرا: ماذا نقول؟ وماذا نقّدم من حلول؟
وهنا ينبغي علي القول بأن الفيدرالية لا تنجح في العراق الا من خلال تطبيقات تحكمها نزعة وطنية كاقاليم ادارية لكل اقليم شخصيته المحلية بعيدا عن مصالح حزبية او طائفية.. وستنجح لو اتبعت الاساليب المتطورة في ادارة الاقاليم وترتيب شؤونها المحلية.. ان الفيدرالية في العراق تنجح اذا اعتمدت المحافظات بحدودها الادارية المعترف بها اقاليم ادارية، او ان تجتمع كل محافظتين (لا اكثر) في اقليم واحد، وتغدو لدينا تسعة اقاليم ادارية لا تحكمها أي نوازع انفصالية وان تبقى بغداد مرجعا دستوريا وحضاريا ومحورا للجميع.. ان اقليم كردستان له خصوصيته التي يمكن معالجتها على مهل من دون أي ايذاء لاية مشاعر قومية ولا أي كراهية مناطقية ولا أي افتراق حضاري او سياسي.. فبقدر ما يهمنا العراق، تهمنا كردستان واعتقد ان اية مشاكل يمكن حّلها من خلال رؤية وطنية موحدة للامور، ولا يمكن ابدا ان تبقى الاحزاب الدينية او الطائفية او الانقسامية هي التي تسود.. اذ لابد ان تكون الاحزاب جميعها سياسية ووطنية وحضارية كما هو عليه حالها في هذا العالم المتمدن، فلا يمكن تخّيل بناء دكتاتورية لحزب طائفي (سني او شيعي) يبقى العراق بيديه الى الابد! ولا يمكن ان يبقى الدستور العراقي على حاله بكل ما يتضمنه من اجندة سياسية ودينية، اذ ينبغي تغييره بشكل جذري، اذ ان رتق ما فيه من بنود مخّلة بالوحدة الوطنية وبالنظام السياسي لا تدمل الجروح ابدا.. وينبغي ايضا تجميد العملية السياسية وتأجيل اللعبة الديمقراطية، اذ لا وقت الان لالعاب الدمى او للبلاي استيشن، ومعالجة امنه واحتياجاته واعمار ما حطمته الحروب والاعمال البشعة.. من خلال حكومة مؤقتة يديرها نشطاء تكنوقراط من المستقلين العراقيين!! ان اخفاقات العراق اليوم في كل اموره وتبلور مشكلات لا حصر لها انما خلقتها عوامل كرستها الاحزاب الجديدة واجندتها الطائفية والانقسامية والمحاصصية في نظام الحكم.. وان هذا النظام يستند في شرعيته الى الوجود الامريكي، ان مجرد انسحاب الامريكان من العراق، فسنشهد انهيارا كبيرا للنظام في كل شبر من ارض العراق.
الاستشارات
D.J. Elazar, American Federalism, New York: Harper and Row, 1984. C.J. Harper and Row, The Federal Constitution of Switzerland, Oxford, Clarendon, 1954; G.F. Sawer, Modern Federalism, London: Watts, 1969; K.C. Wheare, Federal Government, 4th edn., Oxford: OUP, 1993; M. Forsyth, Union of States: the Theory and Practice of Confederation, New York: Holmes and Meier, 1981. K.D. McRae (ed.), Consociationl Democracy: Political Accommodation in Segmented Societies, Toronto: McClelland and Stewart, 1974. Michael Kammen, A Machin That Would Go of Itself: The Constitution in the American Culture, New York, 1996).
www.sayyaraljamil.com
التعليقات