لم يبق للرئيس الفلسطينى من خيارات إلا واحدة من إثنين، إما تشكل وزارة وحدة وطنية، وهذا ما يأمله الشعب الفلسطينى بأغلبيته. أو وزارة تكنوكراط مؤلفة من مستقلون مؤيدون لحماس، ومستقلون مؤيدون لفتح. كحل مؤقت وذلك للخروج من أزمة الحكم التى مضى عليها ثمانية شهور ونيف.
وقد علمت من مصادر موثوقة أن الرئيس أبو مازن سيعلن قراره النهائى خلال الاسبوع الاول من شهر نوفمبر القادم، وسيرافق هذا القرار مع الذكرى السنوية لوفاة الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات.
وهنا أقول أن على حماس إبداء مرونة واقعية وذلك لمصلحة الشعب الفلسطينى وأيضا لمصلحتها وذلك لانهاء هذا الوضع الشاذ الذى نحن فيه.
وأريد هنا أن أوضح لحماس أن المؤتمر الصحفى الاخير للرئيس عباس أظهر للشعب الفلسطينى والعربى، الاصدقاء والاعداء أن الرئيس عباس كان واضحا كل الوضوح بخصوص جميع القضايا التى يعيشها الشعب الفلسطينى. كما انه أظهر مرونة فى الحلول التى يجب أن يخرج الشعب الفلسطينى من هذا الماَزق المأسوى والحصار الظالم، منذ الانتخابات التى أجريت والتى فازت بها حماس.
كما بين الرئيس عباس بالتفصيل أولويات الحكومة المقترحة مستقبلا مشيرا قبل كل شىء الى الاسير الاسرائيلى شليط مقابل المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الاسرائيلية.
وهنا أريد أن أوضح للأخوة فى حماس أن عليهم مسؤلية شعب يتطلع الى قيادته لحل مشاكله بغض النظر عن الخلافات الداخلية بين الفصائل.
كما أن على حماس أن تدرك أن الشعب الفلسطينى أغلبيته من المستقلين أى من الصامتين، فليس الشعب كله مؤلف من حماس وفتح وغيرهما من المنظمات.
إن الشعارات التى ليس لها مضمون حقيقى لاشباع الشعب الفلسطينى تذكرنا بما كان يجرى أيام الخطابات العنترية والتى أوصلتنا لهذائم متكررة دفع ثمنها الشعوب العربية، وليس قادتها.
وإذا نظرنا اليوم، الى مايجرى على الساحة الفلسطينية فسوف نفاجأ ببعض الافكار والعقليات قد مضى عليها الزمن لان العودة الى شعارات الماضى التى أثبتت عدم جدواها وأستحالت تنفيذها.
فالانسان الفلسطينى الذى يبحث عن مأوى فى غزه أو الضفة ويحاول حماية راسه من الخطر لا يستطيع أن يبلع المقولة، بالتحرير من النهر الى البحر. لانه يعرف أن الفوز الذى حققته حماس جاء بسبب أعترافها بالاتفاقات السابقة وليس للانقضاض على الاتفاقات التى وقعتها منظمة التحرير، أو الحكومات التى سبقت حكومة حماس.
إن ما وضعه الرئيس محمود عباس على طاولة إجتماعه بالصحفيين، كان صريح ومعقول، ونابع من تجربة لا تنقصها الوقائع والاثباتات لان الفلسطينيون اليوم أمام خيارات قليلة. فلا نحن قادرون على الحرب، ولا نحن قادرون على قبول السلام الذى تريده أسرائيل.
والعمل السريع، هو وضع حدّ نهائى لهذا الجدل العقيم والذى لا لزوم له، وببساطة فعلينا الان فك الحصار الظالم والبدىء بالمفاوضات مع العدو الاسرائيلى لاراحة الشعب الفلسطينى قبل التفكير بتحرير فلسطين من النهر الى البحر. لانه وبكل صراحة لا نستطيع أن نمحى إسرائيل بمجرد خطابات لا يمكن أن تطبق على الواقع.
كما أن إسرائيل اليوم مرتاحة جدا لهذا الوضع الذى أوجدته حماس على الساحة الفلسطينية، وذلك بالامعان بالاغتيالات وتجريف الاراضى وقضم ما تبقى من 22% من أراضى فلسطين التاريخية، وتهويد القدس الشريف، وأزدياد البؤر الإستيطانية ، والانتهاء من بناء الجدار العنصرى.
فالمرجو من حماس أن تضع يدها بيد الرئيس عباس والبدء الفعلى بتشكيل حكومة وحدة وطنية من داخل الاراضى الفلسطينية، وبدون تدخل خارجى أو تدور بفلك الخارج.
وأول ما نقوم به : -
اولا : مقايضة أسرائيلية فلسطينية للاسير شليط، بمساعدة مصر وذلك لوقف النزيف الدموى اليومى لهذا الشعب الصابر.
ثانيا : عدم الانجرار وراء الاوهام فهنالك دولة أسمها إسرئيل يجب التفاوض معها لانهاء المشاكل العالقة لمصلحة الشعب الفلسطينى، وذلك كى يستطيع هذا الشعب أن يصمد، وعندما يصمد ويؤمن قوته اليومى فسيقاوم الاحتلال الشرس.
ثالثا : أرضاء أخواننا العرب وسمع مشورتهم لان القضية الفلسطينية هى قضية عربية ولولا العرب ونصائحهم لما صمد الشعب الفلسطينى.
رابعا : ارضاء الاصدقاء وأخذ مشورتهم وذلك ليدعموا قضيتنا أمام هذا العدو الغاصب. والذى لا يتورع بعمل أى شىء إلا ليزيد من التدهور الاقتصادى والامنى.
خامسا : أرضاء الدول الاوروبية بما فيها الرباعية، وذلك لعدم إعطاء أى فرصة لاسرائيل لتأخير أنسحابها من أراضى 67، والاستجابة للقرارات الدولية.
كما اننى أريد هنا، أن أذكر حماس أن الشعب هو الاساس وليس الرئاسة او الحكومة أو الفصائل.
كما يجب على حماس،ان تدرك أن الزمن يمر وليس لمصلحتنا أبدا. فاقتراح الهدنة لمدة عشرة سينين هى لمصلحة إسرئيل وليست لمصلحة الشعب الفلسطينى، لأن مدة العشر سنوات كافية جدا لاسرائيل أن تجلس مرتاحة على الاراضى التى سرقتها من الفلسطينيون، وتكون قد هودت القدس كليا، ولم يعد لنا شيئا لنتكلم عنه.
كما أن الصواريخ التى تطلق من غزة برهنت لغاية الان أنها لم تؤدى الى وقف العمليات العسكرية الاسرائيلية، بل بالعكس ، أصبح لاسرائيل المبرر لاجتياح قطاع غزه يوميا.
فإن الرئيس محمود عباس رجل دولة بإمتياز، يعرف الماضى جيدا ويعرف الحاضر جيدا، ويستنتج منهما ما يمكن فى المستقبل. وهو ليس مخطئا فى حساباته.
فالذين انتقلوا من شعب مشرد الى شعب تجمعه مظلة منظمة التحرير ومن ثم تجميع كل الفصائل الثورية الاخرى.. ثم توحد عقيدة الكفاح، ثم الاتجاه نحو المفاوضات السلمية... ثم العودة الى فلسطين وإنشاء حكومة ومجلس تشريعى، وأنتخابات ن ومكاتب، وعلم يرفرف فوق الاراضى الفلسطينية ، وجوازات سفر فلسطينية... كل ذلك حصل نتيجة منظمة التحرير وحتمية القرارات السليمة للمسيرة الفلسطينية، ولذلك كان يقول المرحوم أبو عمار quot; سلام الشجعان quot;
فالشجاع ليس هو بالعنيد والذى يضرب راسه بالحيط فيكسر رأسه ويبقى الحائط..
بل الشجاع هو الذى يدور حول الحائط فيتجنب تحطيم رأسه، ويحقق مروره بسلام... وهذا ما فعله أبو عمار ورفقائه وفى طليعتهم أبو مازن.
كما يجب أن نعترف أن الذى حققه المرحوم أبو عمار وأبو مازن أيضا بمساعدة حماس والجهاد والشعب وباقى الفصائل وليس فتح وحدها.
وكان الرئيس الراحل وأبو مازن فى منتهى الشجاعة عندما اعلنوا على رؤوس الاشهاد. اعتراف منظمة التحرير باسرائيل مقابل اعتراف أسرائيل بمنظمة التحرير.
ويجب على حماس أن تضع فى حسابها أن أسرائيل وأمام الرأى العام العالمى، وأمام أمريكا حجة فيها من الخداع والمراوغة، وهى أنها لم تجد بعد شريكا للسلام تجلس معه الى طاولة المفاوضات. وفى مقدور الحكومة القادمة ان تنفى هذه الاكذوبة، فنحن نريد الان دولة فلسطينية قادرة على الحياة وعاصمتها القدس الشريف، وحق اللاجئين بالعودة حسب القرار 197.
وبمقدور هذه الحكومة أن تحرج أسرائيل وتلبى مطالب الشعب الفلسطينى.
لذلك أرجو من قادة حماس التعاون مع الرئيس محمود عباس وأيضا التعاون مع الفاعليات المستقلة، والتى قدمت برنامج حكومة تكنوكراط للخروج من هذه الازمة الخطيرة إذا تعثر تشكيل حكومة وطنية.