كان لابدّ للمسلمين من التعبير عن مشاعر الغضب والإستياء من الرسوم المسيئة للرسول الكريم )ص.( لقد كان ارتكاب التخطيطات ونشرها حماقة واساءة بالغة لا يمكن للصحيفة الدانماركية أن تبررها مهما التحفت بتبرير حرية التعبير، التي هي واقع، غير انّ ثمة خطوطاً حمراً، تدركها الصحيفة تماماً، لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها حتى لو لم تكن مكتوبة. الصحيفة أخطأت والحكومة الدانماركية تمادت .. لكن ماذا عن رد الفعل في العالم العربي تحديداً؟

ربما كان سلاح المقاطعة الإقتصادية ـ رغم الخلاف الذي نجم عنه ـ مظهراًً مما تبقى من مظاهر القوة لدى العرب والمسلمين وهو على اية حال تعبير هادئ وبليغ ومؤثر حقاً. ولست هنا بصدد تقييم المقاطعة أو تقويمها كما يذهب اللغويون.
لكن وهذا هو الأهم ماذا عن ردود فعل الدهماء التي وصلتْ ذروتها أمس في دمشق ونجم عنها الحرق والتخريب الكامل لسفارتي الدانمارك والنرويج، في الوقت الذي تتسلط فيه العيون والأضواء على المسلمين ومراقبة ردة فعلهم ازاء ما حدث؟ هذا الوقت الذي أحوج ما نكون فيه الى ردود فعل عملية مدروسة تتوخى التأثير وتلتمس الحل.
من هو المسؤول عن اظهار الشعوب العربية بمظهر البرابرة؟
قد يكون ثمة أبرياء أرادوا التعبير عن غضبهم ـ وان ليس على الطريقة السورية ـ فماذا عن الذين يوظفون هذه المشاعر ويستغلونها أبشع استغلال للدفاع عن الكراسي؟ ولا يُبالون بالصورة التي ستظهر عليها شعوبهم أمام العالم المترصد ؟
انّ ماحدث في دمشق لا يمكن ان يُقنع أحداً انه حدث عفوي بل هو عمل مدبر من السلطات السورية ورسالة ملوثة اخرى من تلك الرسائل التي لا يكفّ عن ارسالها نظام بشار الى أمريكا والعالم وليقول هذه المرة بأن لديّ شارعاً متوحشاً فلا تقربوني. وإلا فعمل بهذه الجسامة والخطورة أي حرق السفارة التي هي بمثابة أرض الدولة التي تمثلها لا يمكن له ان يتمّ دون رضى وتدبير واصطناع السلطات التي من واجبها وفق القوانين والأعراف تأمين الحماية لها والدفاع عنها ضدّ أي اعتداء.
هل هي رسالة لأوروبا إذاً وللدانمارك بشكل خاص التي يتواجد جنودها في العراق ضمن قوات التحالف. والتي تذكّر، على الدوام، نظام بشار بما سيؤول اليه؟
مرة اخرى يُظهر السوريون اصرارهم على تحدي العالم وعلى اشعال المزيد من الحرائق هرباُ من استحقاقات دولية لا يمكن التنصّل منها سيما وان جرس التذكير بها لايني يدق مثلما أشار الرئيس الفرنسي شيراك أخيراً حين قال: اغتيال الحريري لن يظلّ من دون عقاب.

اقرأ أيضا:


بهاء حمزة: وقاحة الغرب ودونية الشرق

باسم النبريص: التهديد بحرق الكنائس الفلسطينية لمصلحة مَن؟


خالد ابواحمد: لماذا نلوم الصحيفة الدنماركية ولا نلوم أنفسنا..!!

د. خالد منتصر: تخلف المسلمين أكبر إهانة للرسول الكريم

د. كامل النجار: ما أشبه الليلة بالبارحة

سامي البحيري: الجهلوفوبيا والعلمو نورن!!

د. شاكر النابلسي: العقل العربي والملحمة الكاريكاتيرية

د. عبدالخالق حسين: صدام الثقافات والكاريكاتير المسيء

د. رجاء بن سلامة: ردود الفعل الكاريكاتوريّة على الرّسوم الكاريكاتوريّة