هذا ما قاله البيت الشعري القديم المعروف، والعراق اليوم في ليال مظلمة متصلة، والنهار كالليل ظلمة تطارد الناس.
أن نظل نغالط ونخفي حقيقة المأساة، لم يعد يجدي حيث الدماء سيالة، والجثث بين خنق ورصاص، والحفر الجماعية تعود تدريجيا.
إنها بدايات فعلية لحرب أهلية طائفية، سوف تدمر شعبنا والوطن، وتمتد عواقبها لكل المنطقة، فيما لو اتسعت هذه الحرب القذرة، ولم تطفأ نيرانها في الحال. وهي لا تطفأ بحلول ترقيقية تسكينية تنطوي على نفس عوامل الصدام، بل بالحل الذي يعلو على المصالح الحزبية والمذهبية والدينية والعرقية والشخصية الضيقة، لتنطلق مجددا نزعة الولاء الأعلى للعراق، ولهدف العراق الديمقراطي المتسامح الذي يكفل حقوق وحريات الجميع.
عندما نرى اليوم طغيان الزعامات التي تنسى العراق، وتتشبث بالمطامح الشخصية والفئوية على حساب الصالح العام، وعندما نرى حرب المساجد، وصرعة الطائفية، ومطاردة أصحاب الديانات الأخرى، غير الإسلام، وعندما نرى صعود وغلبة ثقافة الكراهية والتفرقة والغرور الفئوي، والتراجع المثير لحقوق المرأة ولدور الثقافة المنفتحة والتنويرية، والإبداع والفنون، فلابد ألا ننسى أن في عراقنا نفسه، ولد وبرز العشرات من خيرة العلماء والكتاب والفنانين والشعراء والقضاة، من الجنسين، ومن رجال دين متسامين على الطموح السياسي ودعاة للوفاق والتعلم والمحبة. ومن ساسة وطنيين وديمقراطيين نزيهين ومجردين من الحسابات الشخصية. كانوا جميعا، وفي مقدمهم عبد الكريم قاسم، يعشقون العراق ومنهم من كان يعبد بغداد العاصمة ويكرس وقته وجهوده لدراسة تاريخها وفولكلورها وكل شبر منها.
بين أولئك الرعيل العظيم رحل مؤخرا رمزان علمان، هما مير بصري وجلال الحنفي. الأول قبل أسابيع، والثاني هذا الشهر.
لست هنا أؤرخ للرجلين أو أحلل أعمالهما الكثيرة، فلست في ذلك اختصاصيا. ما يهمني هنا هو إبراز ذلك الحب المتوقد للعراق عند بصري وعشق بغداد عند الحنفي.
كان الأول عراقيا يهوديا والثاني مسلما سنيا، ولكن انتماءيهما هذين كادا يغيبان أمام هوى العراق. وهكذا أيضا كان الجواهري وجعفر الخليلي والشاعر الكردي كوران والعالم الصابئي المندائي عبد الجبار عبدالله والشخصية المسيحية يوسف غنيمة، ومن أمثالهم عشرات في العلم والطب والهندسة والأدب والفن والشعر، ألخ.
الشيخ جلال الحنفي كان رجل دين متعدد المواهب، وكثير التأليف، مكرسا كل طاقاته لإبراز بغداد. لم يبق وجه من المدينة لم يكتب عنه: الفولكلور، والحرف البغدادية، والأغاني والمقامات، والأمثال البغدادية، وغيرها. لقد خدم الحنفي بغداد بمؤلفاته ودراساته القيمة حتى لو كان قد تأسس حزب باسم quot;حزب بغدادquot; لكان اول ما يفعله مؤسسوه انتخاب الحنفي رئيسا شرفيا للحزب.
أما الشخصية العراقية اليهودية مير بصري، فقد فرغ من تدوين سيرة نحو سبعمائة من الأعلام الذين طبعوا الحياة العراقية بطابعهم في النصف الاول من القرن العشرين. ولم يتسن للبصري نشر أجزاء كتابه ولكن آخر كتبه الصادر في لندن عام 1998 quot; أعلام اليقظة الفكرية في العراق الحديثquot; يتضمن سيرة ثلاثين شخصية عراقية وهم من مختلف العروق والأديان والمذاهب والاختصاصات والكفاءات. هذا الكتاب هو الجزء الأول من الكتاب الموسوعي الذي كان ينوي إصداره في حياته. إن نظرة لهذه الأسماء تكفي لسبر المحك الجوهري عند مير بصري، وأعني حب العراق وخدمته بينهم من الشخصيات السياسية والدينية الشيعية رجل الدين محمد حسين آل كاشف الغطاء، ورجل الدين المصلح هبة الدين الشهرستاني، والسياسي والشاعر محمد رضا الشبيبي، ورجل الدين الشاعر الغزلي محمد سعيد الحبوبي، ومن أعلام الثقافة واللغة والأدب والصحافة من مسلمين سنة ومن مسيحيين: جميل صدقي الزهاوي والرصافي وإبراهيم صالح شكر وأنستاس الكرملي، وطه الراوي، ومنير القاضي، ومصطفى جواد [ وهو من الطائفتين حسب الأبوين]، وعباس العزاوي، وغيرهم.
إننا لو أخذنا أيا من تلك الشخصيات لوجدناها مجردة من وباء الطائفية والكراهية العرقية ومن التزمت، منكبة على خدمة العراق كل في مجاله وفي الغالب بتجرد ذاتي فريد. كتب البصري سير اعلام من الأكراد وأعلام من التركمان، عدا بقية القائمة في سلسلة الأعلام.
لقد خدم مير بصري العراق وكان يحب وطنه، وعندما سجن زمن صدام وجرى تهجيره فضل الهجرة إلى لندن، وكان بصري قد سجن وهجّرِ مع الشاعر العراقي اليهودي المبدع أنور شاؤول.
لقد لعب يهود العراق أدوارا مهمة في حياة العراق وتطوره منذ القرن التاسع عشر، وذلك في ميادين التعليم العصري، والصحافة، والشعر، والاقتصاد، والطب، والقانون، والسياسة. وقد كان الدكتور زهير كاظم عبود على الحق كله حين انتقد خلو الدستور العراقي من أي ذكر للديانة اليهودية واليهود العراقيين.
وفي ختام هذه الكلمة القصية عن مير بصري أقول إنه لو كان قد تأسس حزب باسم quot;حزب العراق والعراقيينquot;، لكان عبد الكريم قاسم زعيمه، ولانضم له أمثال مير بصري ومعظم من وردت أسماؤهم هنا.
لهذا ولهذا نفتقد اليوم أمثال تلك الشخصيات الوطنية الفريدة، حيث العراق ينزلق تدريجيا نحو كوارث أكبر مما مرت عليه.
مرة أخرى نقول: quot;عسى ولعلّ!quot;

تنبيه: بسبب خلل تقني، قمنا باعادة نشر المقال ووضعنا التعليقات السابقة أسفاه

GMT 2:05:45 2006 الجمعة 17 مارس
That''s right



nada al-iraqia

That''s right,my father used to tell us about the loyalty of his jewish friends.Most of them refuse Zionizm and they have never went to Israel.If we want to build a free Iraq,it should be for all iraqis.I have a question to Arabs[Do you think that your wahabi dogs are better than the Iraqi jews?]We hope to get rid of Wahabis and Ba''this ,and we say welcome to our faithfull Iraqis[moslems,christians,jews,...etc.]

------------------------

GMT 0:49:47 2006 الجمعة 17 مارس
مخاوف جديدة تطارد العراقيين بعد ثلاث سنوات من الغزو


----------------------

GMT 19:25:07 2006 الخميس 16 مارس
PIECE AND NOT PEACE



د. عبدالله عقروق . فلوريدا

طبعا لا بد وأن تجد يهود عرب عراقين يفتخرون لأنتسابهم لوطنهم الأم العراق . هؤلاء قلة ، ربما يعدون على أصابع اليد الواحدة . يهود العالم قاطبة يخططون لمحاربة العراق ، لذا كلفوا حليفتهم بتدمير العراق ، واحتلال ثروتها البشرية والطبيعية ، حتى التاريخية . فلا تتغنى يا أخي بالفئة القليلة ، أنظر ما تفعله اسرائيل في بلد العراق وفلسطين اليهود تعودوا أن يتهجوا سلام باللغة الأنكليزيةPIECE AND NOT PEACE فأنهم يريدون قطعة من كل شيئ حولهم . وها هم قد حصلوا على بترول العراق. والحبل على الجرار

--------------------------

GMT 15:39:24 2006 الخميس 16 مارس
could not agree more



Abu Zaid

Indeed, we need a Ghandi or a Mandela,but we have to remember the interests of the major internationalamp; regional players. Our local leaders are not the decision makers unfortunatly.
-------------

GMT 15:26:43 2006 الخميس 16 مارس
أحسنت



مازن

أحسنت أحسنت أحسنت