في يوم واحد، وفي سويعات متقاربة تكهرب الجو في الساحة اللبنانية والتي تعتبر بارومتر الوضع العربي العام، فبعد أن هدد الرئيس لحود النائب والوزير (أحمد فتفت) ب(الفتفتة) على الصعيد الشخصي! وهو تهديد يمكن أن يفسر من زوايا عديدة من بينها (حسن النية) أو (فلتات اللسان) أو حالة الشد العصبي الوقتية!، إنتقل المشهد التهديدي الشامل لصورة جديدة من التهديدات كان بطلها هذه المرة أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله! والذي على ما يبدو قد إضطر (لبق البحصة) كما يقول المثل اللبناني ليطلق تهديداته العلنية وأقواله العنيفة بالسلخ والذبح وقطع الأيادي وإزهاق الأرواح والتي تتناقض كليا مع الزي الذي يرتديه (سماحته)!! والتي تتقاطع بالكامل والمطلق مع سلوكيات أهل بيت النبوة الكرام الذي يدعي نصر الله الإلتزام بها؟ وكانت قمة المشهد التراجيدي هو إعلان نصر الله الواضح والصريح عن دعمه الكامل والعلني لما أسماه ب (المقاومة العراقية) أي جماعات التخريب والقتل والتفخيخ والخطف واللصوصية والتسليب!! هذه هي المقاومة التي نعرفها جميعا والتي يدعمها بشكل شبه علني كل من نظامي طهران ودمشق وهما نفس المصادر التي يتنفس حزب الله أوكسجين الوجود من خلالهما والتي دفعت نصر الله للتصريح والكشف عن ما حاول إخفاؤه طويلا دون جدوى؟ فقد كان التصريح الفضيحة أمام ما يسمى ب (المؤتمر القومي العربي) البيروتي الشهير وهو المعروف بعلاقاته الوثيقة مع النظام العراقي البائد ومن الأصوات المجاهرة بدعم الأنظمة القمعية والإرهابية وحيث تختلط في أروقة وقيادات ذلك المؤتمر الرؤى والقناعات الطائفية أو الطبقية المريضة والقادمة أصلا من قيادات سياسية عربية فاشلة سابقة مارست أدوارا سلبية سابقة في حكم شعوبها! وهو ما يثير أكثر من علامة تعجب حول النوايا والأهداف الحقيقية لتصريحات نصر الله التي تعتبر إحراجا حقيقيا ومباشرا للأحزاب الشيعية في العراق والتي لم تزل ملتزمة بعقد الولاء والخدمة للحليف الإيراني وهو ما يجعلها تعيش أزمة كيانية حقيقية ليأتي حزب الله اللبناني وهو فرع علني من فروع المخابرات الإيرانية في لبنان ليخلط الأمور ويضع السياسيين العراقيين من الشيعة خصوصا أمام مواقف محرجة لا يمكن الدفاع عنها لأنها تتناقض مع السيادة الوطنية العراقية أولا، ولأنها تخلط الأوراق بشكل مثير ثانيا؟ فلقد كان عزف الجماعات الطائفية منصب على إتهام الجماعات العراقية السنية بالوقوف خلف حالة الإرهاب الأسود السائد في العراق؟ وهي نصف الحقيقة، بينما جاءت تصريحات نصر الله لتؤكد الدور الإيراني في دعم الإرهاب في العراق! وهي المعلومات التي أشارت إليها الإدارة الأميركية والتي شكك فيها البعض كعادته ليعود نصر الله الذي لا ينطق عن الهوا بل عن طريق إيحاءات ودلالات جهاز (إطلاعات الولي الإيراني الفقيه) المشغول لشوشته هذه الأيام في محاولة إشعال الفتنة الطائفية في العراق وتجهيز الجيوش الطائفية الإرهابية كجيش المهدي مثلا لتدمير العراق خدمة للمشروع السلطوي الإيراني التدميري الذي يهدف لحماية عرش طاووس الملالي على حساب التشظي والتدمير العراقي وهو ما أدركته جيدا بعض الأحزاب العراقية ذات الولاءات الإيرانية، وما تعمل قوى التخريب الطائفية على العمل عليه، ولم يعد من المجدي اليوم الحديث عن (زرقاوي غرب العراق)!! بعد أن إنضم (زرقاويو المد الصفوي) المريض للقائمة مهددين بإشعال العراق وتدمير شعبه، وتخريب مدنه، وإنهاء دوره الإقليمي، لم نستغرب تصريحات حسن نصر الله لأنها لم تخرج عن سياق السياسات التي دأب على إنتهاجها منذ أخريات أيام نظام البعث العراقي البائد! والعديد لم يزل يتذكر آخر زيارة قام بها المجرم علي كيمياوي لبيروت قبل أيام من حرب التحرير والتي إلتقى خلالها السيد نصر الله رغم كل الجرائم المعروفة والمنسوبة لعلي كيمياوي ضد شيعة العراق في الجنوب بعد تحرير الكويت عام 1991! ورغم جدران الدم والعداء العقائدي المفترض فقد إستمر حزب الله اللبناني في عقد الصفقات مع كل أعداء شيعة العراق وبما يؤكد من أن الذرائعية والإنتهازية والمصلحية هي التي تحرك الحزب وقائده وليس المباديء التي يدعي التمسك بها، فقد كشفت الحقائق الدامغة وأميط اللثام عن كل الزيف الآيديولوجي والدجل الأخلاقي، تصريحات قائد حزب الله الأخيرة هي بمثابة تشجيع وإعلان مدفوع الثمن للحرب الأهلية في العراق حفاظا على أنظمة القمع والدمار والتخلف ومن سيدفع الثمن هم فقراء العراق من الشيعة والسنة على حد سواء... فهل ستتحرك الأحزاب الشيعية العراقية للرد على إرهاب حزب الله الزرقاوي؟ أم أن شيعة العراق يفضلون التخفي خلف شعار القردة الثلاث: لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم!.

[email protected]