ان آخر العلاج الكي، هكذا قالت العرب في الحالة المستعصية التي لا شفاء منها. فبعد اكثر من اربعة اشهر لم يستطع سياسيونا الجدد الاتفاق على تشكيل حكومة، على الرغم من كل الاصوات الشريفه من داخل الوطن وخارجة التي دعتهم لتوحيد جهدهم وصوتهم وهدفهم في ان يكونوا فوق العصبية الطائفية والقومية والمناطقية والمصلحة الحزبية دون التفريط بمصلحة شعبهم ومستقبله وان يكون العراق هدفهم. ولسوء الحظ فشلت تلك الجهود وضاعت الاصوات في فراغ عدم المبالاة او بحجة من الحجج، ولا زالوا يراوحون في مكانهم. وظهرت معوقات الاستحقاق الانتخابي والمعادلات الطائفية والمصلحة القومية والارث المغلوط في الحكم في ان يكون بيد جماعة بعينها او قومية بذاتها....الخ اننا نعرف جميعا ان الانتخابات الاخيرة وعلى الرغم من انها كانت ديمقراطية الهدف لكنها لم تفرز بشكل حقيقي ممثلي الارداة الوطنية العراقية للوصول إلى البرلمان. لقد كتب عن ذلك الكثير وبالتالي اخذ نتائج الانتخابات كقميص عثمان والتلويح بها، باتت غير مجديه للخروج من ازمتنا الحالية. ان القوى السياسية التي فازت بالانتخابات تمثل مجموعة من مكونات الشعب العراقي بغض النظر عن سلامه تمثيلها ولكنها جميعا لها الحق في تحمل المسؤولية الوطنية اتجاه ناخبيها والشعب العراقي الذي جازف بحق امام قوى الظلام الارهابية في التصويت لها. لقد طرحت تسميات مختلفة ونظر إليها كل من زاويته المبنية أساسا على حجر الطائفية او المناطقية او القومية. فحكومة الوحدة الوطنية فسرتها قائمه الاتلاف على انها متكونة من (شيعة وسنة واكراد) وهو ايضا فهمها للفدرالية التي تطالب بها. بينما القوى الوطنية العراقية ترى ان حكومة الوحدة الوطنية تعني كما هو الحال في اغلب الدول الديمقراطية هي حكومة وحدة القوى السياسية المتمثلة في البرلمان من اجل تمرير القوانين والشرائع عبر التصويت عليها فيه. وتشكل عادة في حالة الخطر المحدق بالبلاد وهذه حالة العراق اليوم. فشلت ايضا كلا المحاولتين لسبب واحد هو انانية السياسي العراقي الجديد واحلال الانتماء الطائفي والحزبي والقومي بالمرتبة الاولى على حساب مصلحه الوطن الذي هو رحم الجميع. وبعد إخفاق مستمر من اجل الخروج بمرشح يكون قادرا، ليس على لم شمل المكونات السياسية التي سيأتلف معها، وانما ذو قدرة قيادة لحل المشاكل المستعصية التي تأرق الشارع العراقي الذي بدأت تدفعه للتقليل من إنجازات التاسع من نيسان أو حتى الشك بأنه عيد تحرير من أعتى الأنظمة قمعية.

ان ما يجري اليوم من اداء سئ يدعو فعلا، ليس للخوف وحده على مستقبل العراق ووحدته، وانما أيضا من ان الذين يحتلون المراكز المتقدمة في قيادته ليسوا اكفائ في اداء مهمتهم وبالتالي زيادة خوف العراقيين من مستقبل غير آمن.

فقد اكد مصدر سياسي عراقي ان زعيم الائتلاف العراقي عبد العزيز الحكيم ابلغ القوى السياسية انه غير قادر على الاستجابة لمطاليبهم بسحب ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري لتشكيل الحكومة الجديدة وان عليها ان تتصرف وفق ما تراه مناسبا لدى استئناف جلسات مجلس النواب الاثنين المقبل. لقد كان على رئيس الائتلاف إعلان ذلك الموقف كتابياً وواضحاً، أما باستبعاد الجعفري، أو على تأكيد ترشيحه. أن غياب هذا الجواب الواضح يوحى بأن المجلس الأعلى يأمل بتقديم مرشحه عادل عبدالمهدي بديلاً عن الجعفري وهذا الذي فجر نار التنافس الحزبي والغيرة السياسية بين المجموعات المأتلفة وفي مقدمتها حزب الدعوة وجماعة مقتدى الصدر. ان التصرف ذاك اعطى الحق للسياسيين والمهتمين بالشأن العراقي الأعتقاد بأن الائتلاف لم يحسم أمره بعد، وأنة ائتلاف غير مؤتلف اساسا وهو المسؤول أساسا عن بقاء العراق في هذه الأزمة. كما وضع حزب الدعوة وجماعة مقتدى الصدر 14 شرطا تعجزيا من اجل سحب ترشيح الجعفري او ان يكون المرشح القادم من حزب الدعوة ايضا. ومن الاسماء المطروحة لخلافة الجعفري علي أديب الذي اتهمه وطنيون عراقيون من المدينة التي عاش فيها(كربلاء) بانه كان مخبر للقنصلية الإيرانية ويشك في ارتباطه باجهزة ايران الاستخباراتية في عهد الشاه وبعده كما جاء ذلك في برقية مرسلة إلى عراق الغد http://www.iraqoftomorrow.org/. لقد فشل سياسيونا الجدد في الاختبار الاول في ممارسة الديمقراطية وادارة شؤون الدولة على اسس سليمة بعد ان اهديت إليهم بمساعدة دماء واموال قوات التحالف التي لولاها لبقي هؤلاء تحت رحمة حكام طهران او صدقة المساعدات الاجتماعية للدول ( الكافرة) التي عاشوا في كنفها ولم يتعلموا قيد شعرة من نظمها الديمقراطية. لقد حان الآوان ان تتحمل القوى المؤمنة بالعراق الجديد الخالي من النعره الطائفية والتعصب القومي والمناطقي وكذلك القوى المحررة للشعب العراقي في تحمل المسؤولية الخلقية امامه في تشكيل حكومة طوارئquot;انقاذ وطني quot; تتحمل اعباء مرحلة انتقاليه ، ولو انها تاتي متاخرة، ولكنها ضرورية من اجل تهيئة المواطن العراقي لانتخابات جديدة بعد عام او اكثر لكي يختار الممثلين الحقيقيين له في البرلمان القادم. ان دعوة الدكتور اياد علاوي في هذا الاتجاه، على الرغم من اتفاق البعض او الاختلاف مع خطه السياسي، لكنها دعوة وطنية صادقة تحتاج إلى تأيد ومساندة من اجل انجاح التجربة العراقية. ان الخطر المدقع الذي يحيط بالعراق يفرض على الجميع ومن ضمنها قوات التحالف التي ساعدت على تخليص العراقيين من النظام البعثفاشي ان تخطو هذه الخطوة الصعبة من اجل مستقبل العراق ووحدته. ولربما يتحمل الرئيس جلال الطالباني اليوم اكبر المسؤوليات في تاريخه السياسي في حالة اخذه العراق اولا هدفا واعطاء المصالح الحزبية والقومية إلى المراتب التالية في خياراته في ان يتحمل المسؤولية الوطنية في الاحتكام الى الدستور، مهما كانت التغرات فيه، وفسح المجال أمام مجلس النواب لممارسة دوره، وان يقوم بتكليف احد الامناء على مصالح الشعب العراقي حتى ولو من قائمة اخرى لتشكيل حكومة عراقية، ولا تهم طائفته او قوميته أو ديانته، حكومة تكون عناصرها من التكنو قراط الوطنيين العراقيين غير المتحزبين لانجاح الفترة الانتقالية والخروج من النفق المظلم الذي يمر به العراق وبالتالي بمكن أن تبني الوحدة الوطنية الحقيقية.