يبدو أن دواء الديمقراطية في العراق قد تحول لسم زعاف على أيدي جماعة الأحزاب الدينية والطائفية التي كانت للأسف المستفيد الأكبر والأول من عملية التغيير والإصلاح الأميركية في المنطقة !، فعلى الرغم من مرور ما يقارب الشهور الخمس من العملية الإنتخابية والتي تعتبر أطول عملية إنتخاب وفحص وتدقيق أصوات في التاريخ البشري! فإن الفشل يأبى أن يفارق المحطة العراقية واضحت الديمقراطية العراقية الوليدة والتي قدم جنود التحالف أنفسهم ودمائهم قرابين لها من أجل أن تسود، كما قدم الشعب العراقي أروع صور التضحية والتحدي لعصابات الموت والقتل والجريمة أقول أضحت مهزلة حقيقية في ظل شرذمة الأحزاب والجماعات المتقاتلة على كل شيء وقادتها الذين يفلسفون الأمور بطريقة غريبة وعجيبة لا نظير لفرادتها،فالسيد إبراهيم الجعفري الذي يعقد المؤتمرات الصحفية الطوال وهو يلف ويدور بإسطوانات الكلام والتبريرات المشروخة لا يكل أو يمل عن التأكيد من أن منصب رئاسة الوزارة العراقية ليس غنيمة!! بل أنه تضحية (لشعبه) كما يقول؟ فإن كان الأمر كذلك فعلا فإن الشعب العراقي بعموم طوائفه في ظل الفراغ السلطوي وعجز الحكومة الجعفرية التاريخي والمتأصل قد بات اليوم ينزف بغزارة بعد أن نجحت جماعات الإرهاب في الإنفراد به عبر إختيارها المريح والحر والمباشر لكل الأهداف التي تريد ضربها بسهولة ويسر، وها هي الأيام تمر وتتوالى لتسجل في كل يوم سقوط العشرات من الضحايا والأبرياء والفقراء قرابين للتلكؤ الحزبي ولفشل القيادات الدينية والطائفية والسياسية في قيادة السفينة العراقية لبر الأمان، فبعد الفشل التاريخي والمقيم في إسقاط نظام صدام البائد والذي تولت قوات التحالف أمر إنهائه من على صفحة التاريخ لم يكلف الزعماء المتقاتلون اليوم قليلا من جهودهم للتضحية من أجل العراق وشعبه وتسيير العملية الديمقراطية عبر الترفع عن سياسات التناهش على السلطة وتسجيل النقاط والهيمنة على المواقع ! فبعد أن وصلت الرسالة الأميركية الصريحة برفض الولايات المتحدة لترشيح إبراهيم الجعفري وهي الرسالة التي فهمها كل العالم بل فهمتها حتى الجماعات والعشائر المتصارعة في الصومال! فإن قيادة قوات أحزاب (الإئتلاف) المتفرقة قلوبهم يبدو أنهم لم يفهموها حتى اللحظة!! وتلك كارثة الكوارث؟ خصوصا وأن بعض (الأطفال) الذين يمارسون اليوم العمل السياسي تحت مظلة ذلك الإئتلاف الفاشل العقيم لم يجدوا من وسيلة للماطلة سوى اللجوء لقضية تشكيل اللجان ومحاولة الإستعلام عن أسباب الرفض من الجماعات والأحزاب الأخرى؟؟؟ وهي قضية تثير الريبة حول مدى سلامة القوة والقدرة النفسية لأطراف عديدة في ذلك الإئتلاف، وما إذا كانت تعاني من حالة السادية المفرطة والتي تجعلها تتلذذ في رؤية مشاهد الرؤوس العراقية المقطوعة وحمامات الدم والتصفيات الطائفية الجارية كل يوم في العراق والتي تنذر بأوخم العواقب!! ولكن يبدو أن قادة الإئتلاف يعيشون في واد وجموع الشعب العراقي تعيش في واد آخر لا علاقة له بعالمنا الأرضي !، كل شيء في العراق مؤجل.. الحكومة مؤجلة، محكمة أوغاد البعث مؤجلة ! البرلمان وجلساته مؤجلة !.. شيء واحد غير مؤجل وهو موعد دفع وإستلام الرواتب المجزية للسادة الوزراء والبرلمانيين المحروسين والذين سيتساءلون حتما في جلستهم البرلمانية القادمة عن مقدار الرواتب التقاعدية بعد تركهم لمجلسهم العتيد وكله (بالدولار)!!.. وهذه السادية السائدة عند قيادة قوات الإئتلاف يعبر عنها بالصمت المخزي من قيادات كنا نتمنى لو أنها كانت على مستوى القيادة ولكن خاب الأمل وإنقطع الرجاء مع من تركوا الشعب لمصيره وإنشغلوا هم بحماية أنفسهم في (المنطقة الخضراء)!! وهي محبوبة لهم لأن لونها يذكرهم (بالدولار)!!.. فلا حول ولا قوة إلا بالله، والطريف أن أحد أطراف ذلك الإئتلاف وهو حزب (الفضيلة) قد شهد إنقلابا عسكريا صامتا قاده الولي الفقيه لذلك الحزب آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي ضد أمينه العام السابق السيد نديم عيسى الجابري الذي تحول لمستشار للأمين العام الجديد الذي لم يعلن إسمه بل تحول لزعامة باطنية وسرية لا يعرفها إلا المطهرون!! وكل هذه الإنقلابات والمآسي تجري فيما السيد الجعفري متمترس في مواقعه الرئاسية لا يبرحها مصرا على سياسة الصفقات الشاملة ومتمنطقا على ما يبدو بنظرية الرفيق (أحمد عدوية) والتي تقول:
{ سيب يا حبيبي وأنا أسيب }!! وترجمتها عراقيا تعني أن ثمن رحيل الجعفري هو رحيل الطالباني عن رئاسة جمهورية العراق!!! وهذه المعادلة تذكرنا بمقالة الرفيق (حسني البورظان) في مسلسل صح النوم والتي لم يتسن له إكمالها ويقول مطلعها: إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا.. فعلينا أن نعرف ماذا في البرازيل..؟؟
فكم ببغداد من المضحكات..... ولكنه ضحك كالبكاء.
ولينعم الساديون بمناظر الدم العراقية؟
ختاما نتمنى على أولياء الأمر في الولايات المتحدة التحرك قبل أن يفوت وقت مندم!.

[email protected]