رفضُ القادة العراقيين لتصريحات الرئيس المصري حسني مبارك حول ان العراق يعيش حربا اهلية وان ولاء اغلب الشيعة في المنطقة هو quot;لايران وليس لدولهمquot;، يبدو انه هو المعني. فالهدف من تلك التصريحات يصب في زعزعة أي ولاء شيعي في منطقة الخليج تجاه النظام في ايران بغية الدفع بمناخ سياسي مضاد لطهران.
ففي ضوء التحركات الغربية تجاه البرنامج النووي الإيراني والأنباء التي تتحدث عن نية غربية، تارة أميركية وتارة بريطانية، لتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت الإيرانية، يبدو أن ذلك يتطلب، من جملة مطالب عديدة، إيجاد جو من عدم الرضا الشيعي الشعبي من قبل مجتمعات منطقة الخليج تجاه النظام الإسلامي، وهو أمر من شأنه أي يعزز أجواء عدم الثقة ضد طهران على الصعيدين الرسمي والشعبي ما قد يعزز في المقابل التحرك السياسي ضد إيران ويمهد لأي تحرك عسكري أيضا. فعزل إيران رسميا وشعبيا في المنطقة يبدو انه هو المجرى الرئيسي الذي تصب فيه تصريحات مبارك.
وقد أشار رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس مجلس النواب عدنان الباجه جي الى quot;ما ورد على لسانquot; الرئيس المصري quot;بشأن الاشارة الى ولاء الشيعة لايران مما يفهم على انه طعن في وطنيتهم وحضارتهم وإن عن غير قصدquot;. واكد ان هذا التصريح quot;سبب ازعاج شعبنا العراقي من مختلف الخلفيات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية واثار ايضا استغراب واستياء الحكومة العراقيةquot;.
كما اكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ان بلاده تستخدم نفوذها لتامين quot;استقرارquot; المنطقة, وذلك ردا على مبارك. وقال المتحدث حميد رضا اصفي ان quot;الجمهورية الاسلامية تسعى الى تأمين الاستقرار والامن في المنطقةquot;. واضاف ان quot;لايران تاثيرا كبيرا في العراق, لكننا لا نستخدم هذا التاثير مطلقا للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية. تأثيرنا روحي واستخدمناه دائما لتعزيز التفاهم والتقارب بين المجموعات الدينية والاتنيةquot;.
ويبدو أن كلاّ من رد الفعل العراقي والإيراني نحى منحى مختلفا. فالجعفري تحدث عن قلق رسمي وشعبي، وهو ما يعني فراقا شيعيا أكثر عن طهران. فيما تحدث آصفي عن تأثير إيراني ايجابي حول الاستقرار بالمنطقة، ما يعني السعي لوصال أكبر وهو الأمر الذي لا تريده القوى الغربية ولا تهدف له التصريحات المصرية. اي أن سيناريو تصريحات مبارك يهدف لتحقيق مزيد من الفراق الرسمي والشعبي من قبل مجتمعات المنطقة تجاه طهران وهو ما تسعى القيادة الإيرانية لصدّه والوقوف بوجهه.
واعتبر مبارك في حديث الى قناة quot;العربيةquot; الفضائية ان العراق يعاني حربا اهلية تهدد المنطقة, محذرا من تاثير ايران في الشرق الاوسط. وقال ان quot;الحرب ليست على الابواب. هناك حرب اهلية تقريبا بدأت. شيعة وسنة وكرد والاصناف التي جاءت من اسيا (...) العراق مدمر تقريبا حالياquot;، مضيفا بان العراق سيكون في هذه الحالة quot;مسرحا لحرب اهلية بشعة وبعد ذلك ستشتعل العمليات الارهابية ليس في العراق فقط بل في المنطقة كلهاquot;. وعن التاثير الايراني في العراق قال quot;بالقطع ايران لها ضلع في الشيعة (..) الشيعة 65 بالمئة من العراقيين وهناك شيعة في كل هذه الدول وبنسب كبيرة والشيعة دائما ولاؤهم لايران. اغلبهم ولاؤهم لايران وليس لدولهمquot;.
وتأتي تصريحات مبارك قبل ثلاثة أيام من اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة يهدف إلى بحث كيفية إيقاف مسلسل العنف المتصاعد في العراق وبلورة موقف عربي موحد بشأن الحوار المقترح بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران حول العراق. كما تشعر بعض الدول العربية بمخاوف من من إمكانية إن تكون نتائج الحوار الأميركي الايراني على حساب المصالح العربية.
وكان البيان الختامي الصادر عن القمة العربية، التي عقدت في الخرطوم نهاية الشهر الماضي قد شدد على ضرورة وجود دور عربي في أية مناقشات تجري بشأن العراق، في إشارة الى الاتصالات الايرانية-الاميركية المقترحة. كما أبدت السعودية في وقت سابق مخاوفها من تزايد التأثير الايراني في العراق، وحذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني العام الماضي من امكانية قيام هلال شيعي يمتد من إيران إلى لبنان عبر العراق وسورية.
ويشكل الشيعة غالبية السكان في العراق ولبنان والبحرين كما يشكلون أقليات كبيرة في السعودية والكويت والامارات واليمن وسورية.

كاتب كويتي
[email protected]