فنتازيا عربية

كمواطن سوداني ارى ان خطوة توقف الحرب العبثية في دارفور ( او ارهاصات توقفها)، يُعتبر بالنسبة للشعب السوداني، انجازاً ضخماً تاتي بعده كل الانجازات ـ لو كان هناك انجازات ـ ولا ياتي قبله الا اتفاق نيفاشا وسلام الجنوب الذي سبقه بشهور، والذي مازال يحبو.
فوقف نزيف الدم وازهاق الارواح، هو بحد ذاته هدف كان يجب ان يسعى اليه الجميع منذ زمن بعيد لو لا المناكفات. لذلك انجاز مثل هذا كان يجب ان يعجبني ويعجبني ( ويعجب كل زول) حتى وان كان من تسبب في حدوثه وانجازه هو شارون... ولكن ياااااخسارة، لا استطيع تأييد هذه الخطوة وهذا الاتفاق او الوقوف خلفه ودعمه وذلك لاسباب كثيرة لا تخفى على العين!!
bull;فحتى اذا ادى هذا الاتفاق لايقاف الحرب وحفظ الدماء النازفة،
bull;وحتى اذا ادى لفرحة آلاف الامهات والآباء لامنهم وامن اولادهم من شرور هذه الحرب،
bull;وحتى اذا ادى الى الى الهدوء والاستقرار والأمن والطمأنينة و وبالتالي الى التطور الاقتصادي والثقافي وحفظ الثروات لبناء الوطن والمواطن بدلاً من تدميرهما،
bull;وحتى اذا ادى لإستقرار المواطن، وحياته الحياة الطبيعية التي يتوفر فيها التعليم والصحة وبقية ضرورات الحياة العصرية.
حتى اذا ادت هذه الاتفاقية لكل ما سبق، فانني لن استطيع الخروج من جلدي المناكف لكي اقوم بتأييدها والموافقة عليها، وذلك لاسباب ظاهرة للعيان كما ذكرت سابقاً، ومن هذه الاسباب:ـ
اولاً: هذا الاتفاق اذا تم فانه يتم بدعم امريكي ودولي، وهذا سبب كافي للوقوف ضده، لانه وكما هو معروف، فان امريكا والعالم (يتربصون بنا) كما تقول ادبياتنا، او على الاقل السائد منها، وبالتالي فان مناكفة امريكا ومناطحتها والوقوف في الضفة المعاكسة لها، اهم عندنا من دارفور وستين دارفور.
ثانياً: ان الاهتمام بمشاكل بسيطة مثل مشكلة دارفور، تلهينا عن قضيتنا الاولى ومواجهتنا الاساسية مع العدو الخارجي والتي يجب ان يُعطَّل كل شئ ويُؤجل حتى الانتهاء منها،ثم بعدذلك نلتفت الى مثل هذه الامور الصغيرة، الا تعرفون انه لا صوت يعلو فوق......!
اما السبب الثالث والاخير لعدم موافقتي على هذه الاتفاقية فهو ان حزبي،( كل حزبٍ يده مُش في النار)، الذي انتمي اليه، واموت واعيش في (دباديبه)، لم يشترك في المحادثات ـ اسف، المؤامرات ـ التى نتجت عنها هذه الاتفاقية، وبالتالي ليس له مصلحة في نجاحها، بل ان نجاحها قد يسحب الكثير من الابسطة من تحت ارجلنا، ويُعتبر سحباً لاحد اسلحة مناكفتنا، ذلك اننا في الحزب نرى ان أي انجاز يجب ان يأتي من خلالنا، وللا بلاش، وبالتالي فإن أي انجاز ياتي من سوانا مرفوضٌ..مرفوضٌ.. مرفوضْ، تِرِرِمْ..تِرِرِمْ تَرَرَمْ.
فاصلة: كل الاتفاقيات التي تحدث في العالم قد تكون بها عيوب ومثالب، ولكن تختلف النظرة لهذه المثالب، فالبعض ينظر لها بعين الباحث عن تعديل واصلاح لتلافي هذه العيوب حتى تستقيم الامور، والبعض الآخر ينفخ في هذه العيوب ويضخمها ويختلق لها المزيد لفركشة الموضوع برمته.

كاتب سوداني