أخيراً، كان رئيس فانزويللا هوغو شافيز في لندن زائراً. وكانت الزيارة محلّ ترحيب اليسار البريطاني الذي يضمّ عمدة لندن quot;كن ليفينغستونquot;، الممثّلة quot;فانيسّا رد غريفquot;، المسرحي quot;هارولد بنترquot;، وأعضاء لجنة أصدقاء فانزويللاّ التابعة لحزب العمّال البريطاني. والسالفون جميعاً يناوئون رئيس الوزراء توني بلير، ويطلقون عليه صفة: quot;حليف هتلر الرئيسيquot;، فيما يصفون الرئيس الأميركي جورج بوش بأنّه: quot;أخرقquot;.
هذا وتكشف استقصاءات الرأي الغربيّة أنّ كلاًّ من بوش وبلير يواجه مصاعب سياسيّة، علماً أنّ كليهما سيخليان منصبيهما مع نهاية عام 2008. الأوّل لمعطيات تشريعيّة تحدّد فترة بقائه في الحكم، والثاني لقراره قبل سنة أنّه سيتقاعد قُبيل الإنتخابات البريطانيّة المقبلة. والمرجَّح أنّ الديمقراطيين سيخلفون الجمهوريين في البيت الأبيض، فيما المحافظون سيخلفون الحكومة العمّاليّة في بريطانيا.
والملاحظ أنّ المجتمعات الغربيّة بعد الحادي عشر من أيلول 2001، وبعد تفجيرات بالي في الثامن عشر من أكتوبر 2002، وتفجيرات لندن في السابع من تمّوز 2005، الملاحظ أنّها تعيش إنقسامات حول خياراتها السياسيّة، فالبعض فيها يعتقد أنّ العالم قد تغيّر منذ خمس سنوات، وأنّ المتشدّدين الإسلاميين عازمون على تدمير quot;المجتمعات الديمقراطيّة الغربيّةquot;، وبعض الحكومات quot;الإسلاميّةquot;، سواء بسواء، ويجب أن يؤخَذ المتشدِّدون الإسلاميّون على محمل الجدّ. والبعض الآخر لا يرى في القاعدة ومتفرِّعاتها خطراً وجوديّاً، لأنّها منظّمة quot;ليست ثوريّةquot; في العمق، ونهجها هو في الأغلب الأعم ردّ فعل على السياسات الغربيّة ذاتها. وعلى رغم ذلك فقطاعات واسعة وتحديداً في الولايات المتّحدة الأميركيّة هي من ضمن البعض الأوّل، وراهناً فإنّ جون ماكين quot;الجمهوريquot; وهيلاري كلينتون quot;الديمقراطيّةquot; يبدوان الأكثر حظّاً لخوض الإنتخابات الأميركيّة في نوفمبر 2008، وماكين وكلينتون معاً يفضِّلان التشدّد ضدّ التشدّد الإسلامي، ومعاً يفضِّلان عدم إنسحاب الجيش الأميركي فوراً من العراق. وإن كانت شكوى من الأجهزة الأمنيّة البريطانيّة من أنّ دايفيد كاميرون محور المحافظين البريطانيين ليس صلباً بما يكفي لمواجهة الإرهاب.
وأوروبيّاً بشكل عام، فالقوى المتشدّدة تحظى بتأييد لا يُستهان به، ومثالاً فإنّ زعيم الدانمرك المحافظ راسموسين رفض الإعتذار بما يتعلّق بالرسومات الكرتونيّة التي تشخّص الرسول محمّد على خلفيّة حريّة التعبير، واستقصاءات للرأي كشفت أخيراً أن شعبيّة راسموسين قد تنامت خلال الأشهر القليلة الفائتة، وفي الخامس من أيّار نقلت quot;واشنطن تايمزquot; أنّ راسموسين مستنداً إلى شعبيّة قويّة قرّر عدم سحب قوّاته من العراق حتى النهاية، أمّا في السويد فإنّ وزيرة الخارجيّة ليلى فرايفالدز فقد أُرغِمتْ على الإستقالة بعد محاولتها منع نشر الرسومات الكرتونيّة على إحدى الشبكات الألكترونيّة.
وعلى مستوى الأنتلجنسيا المسلمة، فيبدو أنّ الوسط النسائي المعارض للإسلام المتشدّد إلى تكاثر، ومن المعروفات مثالاً لا حصراً، الكاتبة الأميركيّة السوريّة الأصل وفاء سلطان، السياسيّة الصوماليّة الأصل التي تعيش في أوروبّا آية هيرسي علي، المؤلّفة الكنديّة إرشاد مانجي والقانونيّة الإيرانيّة الأصل شيرين عبّادي.
لكن يبقى السؤال: ما هي شعبيّة اليسار الغربي المناوئ؟ أحدٌ لا يستطيع أن يقدّم جواباً مؤكّداً.
[email protected]