السيد رئيس الوزراء العراقي ذاهب إلى البيت الأبيض بزيارة عمل، عمل يخص العراق، والعراق وحده، وليست للزيارة علاقة بما يجري خارج العراق إلا بما يصب في صالح العراق، وفي هذا السياق أعتقد أن السيد المالكي سوف يصارح السيد بوش بما أضافته حرب إسرائيل وحزب الله من صعوبات إلى مهمته الكبيرة في العراق، وفي مقدمتها القضية الأمنية. فأمريكا أسقطت مشروع وقف أطلاق النار، وحملت حزب الله مسؤولية ا لحرب الجارية الآن،وفي العراق شبه أجماع أن إدارة بوش تشجع إسرائيل على العنف، وتقف مع الظالم ضد المظلوم، ومن هنا ينادي بعضهم السيد المالكي بقطع الزيارة، لأن ذلك شبه خيانة للشعب اللبناني والفلسطيني، لا أريد الدخول في مناقشة هذه النقطة، خاصة عندما تصدر من قوى دينية (شيعية!!! عراقية)، لما تحمل من براءة (شيعية ساذجة ومسكينة إلى حد اللعنة)، ولكن ما أريد أن أقوله هنا، أن السيد المالكي سوف يستعرض هذه القضية مع بوش، وبموجبها يؤكد له ضرورة إطلاق يد الحكومة (العراقية ) لمعالجة الوضع الإشكالية الأمنية، فأن تداعيات هذه الحرب قد تضخم وتسرع من وتيرة العنف في العراق بشكل وآخر، واستطرادا، يجب معالجة الموضوع بسرعة وحزم، وذلك لا يكون إلا بإطلاق يد الحكومة بهذه النقطة بالذات، ومن ضمن ما يعنيه ذلك تزويد أمريكا للعراق بما يضمن له محاربة الإرهاب بقوة وفاعلية، وسوف يصارح المالكي السي د بوش ليقول له: سيدي الرئيس: لا أعتقد أنكم عاجزون عن تزويدنا بمعدات وممكنات وقدرات تمكننا من حسم الموضوع، لا نعتقد، أبدا، فأن أمريكا اليوم تحتل ا لعالم كله، فهل تعجز حقا عن تزويد حكومتنا ما من شأنه القضاء على العنف الرهيب الذي ينذر بالخطر علينا وعليكم؟
نعم!
السيد المالكي شجاع جدا، وجري جدا، وموضوعي عملي،ولذا سوف يصارح بوش بما أضفت الحرب بين إسرائيل ولبنان من صعوبات جديدة على مهمته، وسوف يشرح له مستحقات هذه الحرب ونتائجها على تأدية دور حكومته، وبالتالي، سوف يصارحه بضرورة دعم الحكومة، على كافة المجالات، وفي مقدمة ذلك القضية الأمنية.
لا نعتقد أن السيد المالكي سوف يستجيب لأي ضغط أمريكي بإدانة طرف معين في هذه الحرب، وربما يكتفي بكلام دبلوماسي عام،لأن المهمة الخطرة التي يحملها السيد المالكي هي العراق، وليس هناك شي أخر خارج العراق، والعراق وحده.
من المؤكد أن السيد بوش سوف يطرح على السيد المالكي مشكلة المليشيات المسلحة، وربما يقدم له بعض الاقتراحات التي تقدم بها إليه ضباطه في العراق، ولكن السيد المالكي سيقول للسيد بوش، أن حل المليشيات أمر جوهري وحاسم ومهم، وهو من بنود برنامج حكومتي، ومشروع المصالحة الوطنية يصب في هذا الهدف، ولكن طريقة الحل، وآدوات الحل هي عراقية، شأن داخلي، فيما نطالبكم يا سيادة الرئيس أن تهاتفوا بعض الملوك والرؤساء العرب والمسلمين ممن لكم معهم كلمة صداقة وعلاقة حميمة، تطالبوهم أن يضغطوا على بعض هذه المليشيات لتتجاوب مع مشروع المصالحة، وأن تكف عنها يد المساعدة، وفي الأثناء سوف يقدم السيد ا لمالكي أرقام عن دعم هذا الجار أو ذاك، لهذه المليشية أو تلك. ربما يندهش بوش لهذه الأرقام، ولكن هي حقيقية، وقد لا تكون تحت طاولته لسبب من الأسباب.
سيقول السيد ا لمالكي لبوش: سيادة الرئيس، لم أكن مجازفا عندما قبلت مسؤولية ا لرئاسة،بل هي رسالة،وقد وعدتني بالدعم المطلق، لا أريد أن أذكر شخصكم الكريم بـ (كرازاي)، ولكن أنت وعدتني، وأريد سقفا زمنيا سريعا لإنجاز هذا الوعد، ومرقم بعناوين وتفاصيل، وبغير ذلك، سأكون مضطرا أ ن أصارح الشعب العراقي بالحقائق، وأصارح العالم، العالم كله، وعندئذ ستكون كارثة،ليس تهديدا يا سيادة الرئيس،ولكي كي أبرئ ذمتي أمام الشعب العراقي الذي اختارني للحكم.
سيقول السيد المالكي للرئيس بوش: يا سيادة الرئيس أن بريمر هو المسئول عن مأساة الحدود العراقية مع دول الجوار، هو المسئول عن تسيبها، وتسبب بذلك تدفق الإرهابيين على العراق، وهناك من يقول أ نها خطة مقصودة، وضعها بريمر مع إلادارة الأمريكية لاصطياد الإرهابيين، ولا نريد أن نناقش هذا التاريخ، ولكن يا سيادة الرئيس أنتم تعلمون أن حماية وحفظ هذه الحدود يحتاج إلى تقنيات عالية، والنقطة الحدودية تكلف كثيرا، والحدود العراقية مع الجيران طويلة معقدة، فهل تعجز التقنية الأمريكية من تزويدنا بما يمكننا من ضبط حدودنا؟
نعم يا سيادة الرئيس، انسيابية الحدود أكبر مشكلة نعاني منها، وأنتم خبراء بهذه القضية، لما تملكون من مشاكل حدودية مع المكسيك، حيث باشرت يا سيادة الرئيس بنفسك القضية، وسافرت بنفسك هناك، وقررت أن تضبط هذه الحدود، وتصورنا أنكم أمرتم بمعالجة الأمر بسرعة وبتوفير ممكنات عالية الجودة والإنجاز.
سوف يقول السيد المالكي للسيد بوش، أ ن تهريب النفط مشكلة أخرى يا سيادة الرئيس، وهي في غاية التعقيد،والسيد وزير النفط من ألأكفاء، ولكن الكفاءة وحدها لا تنجز، ومن هنا سوف يشرح لكم السيد وزير النفط ما يحتاجه من تقنيات لازمة لمنع وصد التهريب الذي يضر باقتصادنا وباقتصادكم، بل قد يوفر منابع مالية للإرهابيين الذين نعاني من شرهم سوية، أرجو يا سيادة الرئيس أن تدرسوا مع وزير النفط العراقي بدقة هذه النقطة.
السيد المالكي سوف يطرح مفهومه للحليف، فقد قال بوش أكثر من مرة أن أمريكا حليفة الحكومة العراقية، بل حليفة العراق، سوف يبين السيد المالكي للبوش، أن صدق هذا الكلام يتوقف على ما تقدم إدارة بوش من مساعدات كونية، مساعدات راقية، مساعدات على مستوى الأزمات التي يعيشها العراق، وليس بتواجد جيش أمريكي، مهما كان عدده، ومهما كان انتشاره.
ولذلك قد يلتفت بوش إلى وزير الكهرباء ليقول له: لنضع خطة إنارة العراق، وهو أمر ليس صعبا ما دامت النوايا موجودة، وما دام هناك كفاءات عراقية راقية، وإذا كان ذلك صعبا في المناطق الملتهبة، فهو أمر سهل يسير في المناطق الآمنة، هل شمال العراق بدعة هنا؟!!!