استمعت يوم 21-1-2007 لخطاب بعض النواب اللبنانيين من المعارضة وبالضبط ميشيل عون وسليمان فرنجية، وياللاسف اصابني الذهول من مستوى خطابهما، كنا نحن غير اللبنانيين عندما نستمع لخطاب احد السياسيين اللبنانين ننشدّ باعجاب مأخوذين،متأثرين لما للسياسيين اللبنانيين عبر التاريخ من قدرة على البلاغة والمنطق والرصانة في خطاباتهم، ويا للاسف وجدت خطابا لا يختلف عن خطابات مسؤولين في حزب البعث العراقي زمن صدام، خطاب مليء بالاستهتار من الآخر، ركيك ومليء بالشتائم والتهديد، خطاب هزيل وهزلي وكأن قضية اسقاط الحكومة مزحة، وان احداث اضرابات مدمرة للاقتصاد امتدت على مدى اسابيع ولا زالت تريد حرق كل شيء امام اللبنانيين بموظفيه وطلابه وعماله وفقراءه الذين يمنعون من العمل قسرا كله نكتة مضحكة..
اية معارضة هذه التي تريد شل الاقتصاد وخراب البلد بالضد من الشرعية التي اعتادت معارضات الشعوب على المطالبة بها والنضال من اجلها؟ بل ان الشرعية وانتخاب حكومة هو الحلم الذي يحلم به الكثير من الشعوب المقهورة تحت نير الديكتاتوريات الجبارة او الحزب الواحد تحت مسميات عديدة؟
إن التأريخ العربي دموي وقاس وحاضره مرعب بايغاله بالقتل والوحشية على ايدي حفنة من اللاهثين وراء المال والمناصب والشهرة، ومشكلة لبنان كمشكلة اي بلد عربي يدمر بعنتريات هؤلاء كما دمر العراق وضاعت قضية فلسطين ودمرت السودان وتخلفت غيرها من البلدان العربية او هي الان تنتظر التخريب مع الاسف، ليس هذا الكلام آتٍ من السوداوية التي طبعت اغلب الكتابات العربية في هذا العصر، والتي هي نتيجة حتمية لما يحدث من محاولات للقفز على الحقائق من قبل من يمتلك القوة المجنونة التي تمدها عقول الاغلبية الغافلة التي جرى تجهيلها عبر سنوات من قبل الديكتاتوريين والانتهازيين والمنتفعين والمستعمرين الذين استغلوها وعطلوها لتبقى موهومة بفكر القرون الوسطى ومشغولة بمعجزات السماء..
مهما كانت نوايا رموز المعارضة اللبنانية، صادقة او مزيفة، وحتى لو كان من يقودها نبيا منزلا من السماء، فان ما تفعله هذه المعارضة اليوم لا يمكن ان يقبله اي انسان يدعي حبه للسلام والامن وحبه للانسان ولوطنه اولا، انه فعل عصابة تقطع الطرق وتختطف الشوارع لصالحها كرهينة، هذا الفعل الذي تجاوزه لبنان الديمقراطي منذ زمن لتكون الشرعية هي الفيصل، نراه يعود الان وبشكل اكثر همجية وتمويه وباسم الوطنية والدفاع عن الشعب.
ليس بالضرورة على المتتبع للاحداث ان يكون خبيرا بالشؤون اللبنانية ليدلو بدلوه، فالامر واضح لكل ذي عقل وهو ان المعارضة اللبنانية المتمثلة بحزب الله المغامر الذي لازال يعتقد ان نصره بجولة واحدة على اسرائيل يعطيه الحق لتخريب البلد عشرات المرات مع حلفاءه اعداء الامس، تسيء للبنانيين ولوطنهم اكثر ماتفيدهم، وهل يفيد العنف في شيء؟ هذه المعارضة التي تضم بعض الوجوه الكالحة التي جرى تبييضها مع الاسف في ازمان اليأس والاحباط والتراجعات العربية والاضطراب، كالسيد ميشيل عون الذي هرب وترك جيشه وبلده يحترق ليتوسل السفير الفرنسي انقاذ حياته حينما تهددت والذي شبع من مساعدات الطاغية صدام واسلحته، يتصرف اليوم كعسكري فاشل يهدد الشرعية من اجل منصب ظل طوال حياته راكضا وراءه بشتى الاساليب، والمؤسف بالامر انه يخطب ويحرض على المشانق والعنف والقتل والحرائق ويجد من يصفق له على خطابه الركيك والمستهتر بمصلحة وارواح اللبنانيين، فاية ايام سوداء اتية للبنان لو ان هذا الرجل يحقق ما يريد؟ وما الذي سيفعله باللبنانيين؟
كما لا يحتاج المتتبع كبير الجهد ليعرف ان ذات الاسلوب الذي اتبعه صدام للخروج من ازماته بافتعال الحروب والغزو والاعتداء، تمارسه المعارضة اللبنانية اليوم محاولة التغطية على جرائم اغتيال الرموز الوطنية اللبنانية الحقة كالشهيد الحريري الذي استقطب الشعب بشكل فعلي وعملي بالبناء والعطاء لا بالخطابات والحروب والعنتريات غير المجدية.
ان القلب ليدمى على لبنان،البلد الحبيب لكل العرب والذي كان يوما ملاذا لنا - نحن اهل العراق- حينما كانت جلاوزة الطاغية تطاردنا لتقبرنا احياء.
لا نقول سوى قلوبنا معك ايها اللبناني الصابر والمطلوب رأسك جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد وبترحيب من بعض ابناءك الغافلين..
قلوبنا معكم ياعقلاء لبنان الذين تحاولون اعادة لبنان كما كان من قبل مركزا لتعليم الديمقراطية، وحرية الكلمة وواحة لنشر المحبة والجمال..
ملاحظة:
الفتوّة في لهجة اهل لبنان والشام هو الشقاوة في لهجة أهل العراق ولا أعتقد ان القاريء العربي يحتاج شرح لمعنى هذه الكلمة.
التعليقات