quot;الإنسان عدو ما يجهلquot;، هل تؤمن بهذا القول؟ أنا شخصيا لى تجربة فى مجال الجهل، فأنا منذ طفولتى أكره أكلة quot;الباميةquot; وهى من أشهر الأكلات المصرية، وتتنافس مع quot;الملوخيةquot; وquot;الطعميةquot; على إحتلال المركز الثانى فى الأكلات المصرية، بعد quot;الفول المدمسquot; والذى يحتل بجدارة المركز الأول بدون منافس لأكثر من خمسة آلالاف سنة.
ولا يوجد أحد فى أسرتى يكره البامية سواى، ولقد حاولت أمى رحمها الله أن تقنعنى بشتى الطرق والكبارى على أن آكل البامية بدون فائدة، وكان إصرارى حاسما على رفض البامية وعلى رفض التطبيع معها ولو حتى على سبيل التذوق، وحاولت أمى أن تضع لحم ضأن فى طبق البامية على أمل إقناعى بمجرد تذوق البامية، ولكنى رفضت بإباء وشمشم، ليس هذا فحسب ولكننى أيضا رفضت تذوق لحم الضأن داخل طبق البامية لمجرد وجود علاقات بينه وبين البامية، وإستمر رفضى للتطبيع مع البامية حتى يومنا هذا، وبعد أن تزوجت حاولت كلا من زوجتى وحماتى الضغط علىّ لمحاولة تذوق البامية وإستخدمن كل وسائل الإغراء والتهديد، ولكنى بقيت على مبدئى وهو رفض التعامل وإنشاء أى علاقة طبيعية بينى وبين البامية، لأن الموضوع فى نظرى هو مسألة مبدأ، والمبدأ لا يتجزأ، وإذا تساهلت اليوم مع البامية، فماذا سوف أفعل مع القلقاس الذى لا آكله أيضا، فالمبدأ فى نظرى لا يتجزأ ولن أتساهل أيضا مع quot;الخبيزةquot;، معقولة الواحد يأكل أكلة إسمها quot;خبيزةquot;؟
وموقفى من رفض التطبيع مع البامية هو موقف غريب، حيث أننى لم أتذوقها فى حياتى، ولا يوجد لدى أى سبب منطقى أو عقلانى لهذا الموقف الرفضى، وخاصة وأنا أعتبر نفسى ذو عقل رياضى تحليلى، والعقل يمثل لدى قيمة كبيرة، ولكن عقلى يتوقف تماما أمام البامية، وأرفض أى نقاش عقلى أو منطقى ومازلت على موقفى الرفضى، وسوف أظل على موقفى حتى نهاية العمر، ولن أتزحزح عن موقفى قيد أنملة.
والتبرير الوحيد لدى لموقفى من البامية هو أن quot;الإنسان عدو ما يجهلquot;، وأنا حتى لم أحاول أن أزيل جهلى بالبامية وقد رفضت تذوقها ورفضت كل ما له علاقة بالبامية، وظلت البامية على رأس أعدائى فى قائمة الطعام.
...
وإذا إنتقلنا من البامية إلى السياسة، فمن أكثر العداءات المنتشرة حاليا هو عداء بعض العرب العرب لأمريكا، وعداء بعض الأمريكان للعرب، والموضوع فى تقديرى أن أغلبية هذا العداء نتيجة للجهل، صحيح أن هناك مبررات لهذا العداء مثل جريمة 11 سبتمبر 2001، وكذلك تأييد أمريكا المطلق لإسرائيل سواء على حق أم على خطأ، وكذلك غزو العراق بحجة القضاء على أسلحة الدمار الشامل (والتى يبدو أنها تبخرت)، ولكن يجب أن نعترف أن العداء العربى لأمريكا كان موجودا قبل أحداث 11 سبتمبر وقبل غزو العراق وأن هذه الأحداث حدثت نتيجة لهذا العداء وليس العكس.
...
ولقد إستمعت هذا الأسبوع فى الراديو خبر طريف يعطيك فكرة عن خطورة الجهل بالآخر وخطورة تكوين الأحكام السبقة على الآخرين، تماما مثل حكمى المسبق على البامية، وقد إستمعت إلى هذا الخبر الطريف فى إذاعة من أكثر الإذاعات إنتشارا على مستوى أمريكا هى الإذاعة الأهلية القومية
National Public Radio (www.npr.org)
ففى البرنامج الأسبوعى الفكاهى
Wait hellip; Wait hellip; Donrsquo;t Tell me
يحكى مقدم البرنامج بيتر ساجال عن القصة الطريفة التالية:
القصة تحكى أن لجنة من لجان الكونجرس الأمريكى إكتشفت أن إثنين من ضباط المباحث الفيدرالية الأمريكية فى شمال ولاية كاليفورنيا قد كتبوا تقريرا يقترحون وسيلة جديدة لتتبع الإرهابيين فى أمريكا وهى متابعة مبيعات الفلافل (الطعمية) فى أمريكا!! ولقد حفظ رئيس الضباط التقرير (منذ سنتين) حتى إكتشفته لجنة من لجان الكونجرس، وللإستماع إلى القصة كاملة فى البرنامج الإذاعى يمكنك أن تضغط على الرابط التالى:
http://www.npr.org/templates/player/mediaPlayer.html?action=1amp;t=1amp;islist=falseamp;id=16178459amp;m=16178449
....
ولقد تخيلت أن رئيس مكتب المباحث الفيدرالية فى شمال كاليفورنيا (بدلا من أن يرفض التقرير) قد إقتنع بوجهة نظر ضباطه وقرر القيام بعملية واسعة لتعقب مبيعات quot;الفلافلquot; وأطلق على عمليته:
ldquo;Operation Falafel Bel Tahinardquo;
وقامت قوة من ضباط المباحث الفيدرالية (إف بى أى) بمداهمة أكبر محل لبيع المأكولات العربية فى مدينة سان فرانسيسكو (بقالة السلام للمأكولات الشرقية).
والقوة تقدر بحوالى مائة وخمسون من ضباط ال (إف بى أى) بسياراتهم المصفحة السوداء ويرتدون السترات الواقية من الرصاص، وتعززهم خمس طائرات هيليكوبترأباتشى تابعة للحرس الوطنى الأمريكى، وفى نفس الوقت إنتشر قناصة المباحث الفيدرالية فوق أسطح المنازل المجاورة للمحل العربى.
وإقتحم إثنان من الضباط واللذان تعلما اللغة العربية حديثا ويتقنونها إتقان الخوجة (بيجو)، ويبدأ الحوار التالى بينهم وبين صاحب المحل وفى نفس الوقت يوجهان سلاحهما الرشاش فى وجهه:
- إنتى صاخب المخل؟
- مخل إيه، أنا عندى مخلل آه، وإيه المدافع الرشاشة دى كلها؟
- رد على قد السؤال يا خبيبى. المخل ده بتاع الإنته؟
- أيوه المحل بتاعى، وأنا والله أوراقى سليمة ومعايا جرين كارد، ومقدم على الجنسية.
(ويسأل الضابط زميله عن معنى كلمة quot;جنسيةquot;، وعما إذا كان يعنى quot;سكسquot;، فإيتسم زميله والذى يبدو أن يعرف العربية أكثر، وشرح له المقصود)
- إنتى عندك فلافل؟
- أيوه عندى فلافل، تحبوا أعملكو سندويتش فلافل بالطحينة؟
(الضابط يوجه كلامه بالإنجليزية إلى زميله)
- الظاهر عليه عرف إسم العملية بتاعتنا (فلافل بالطهينة)!
- إنتى إيه إللى عرفك خبيبى يإسم (فلافل بالطهينة)
- أنا بأعمل كل يوم أكثر من ميت سندويتش فلافل بالطحينة.
(يدخل ضباط آخرون ويقلبون المحل رأسا على عقب، ويبدو أنهم يبحثون عن شئ محدد، ويحتج صاحب المحل فى يأس)
- إنتو بتعملوا إيه، ومعاكم أمر بالتفتيش؟
(يطلعه الضابط بسرعة على أمر تفتيش، ولم يتسن لصاحب المحل أن يقرأه)
وسأله الضابط:
- إيه إللى تعرفه عن البرنامج النووى لتخصيب الفلافل؟
- إحنا بنخصب الفلافل دائما، وبنحط عليها طحينة فى السندويتش وكمان ساعات بنحط عليها شطة وفلفل أسود، والمصريين بيحطوا عليها كسبرة.
- إيه كسبرة دى؟
(ويتوجه المحقق بالأمر إلى ضابط يكتب ويسجل كل الحوار)
- إكتب عندك كسبرة دى، وروح إعمل بحث فى جوجل عن إيه كسبرة دى.
ويستمر فى التحقيق مع صاحب المحل:
- عندك زباين من الشرق الأوسط؟
- أنا معظم زباينى من الشرق الأوسط، ده المحل بتاعى أسمه بقالة السلام للمأكولات الشرقية.
- عندك زباين من إيران؟
- آه بس مش كثير.
- وإزاى همه بيخبوا ياكلوا فلافل؟ يعنى همه بياكلوا فلافل مخصبة برضه؟
- آه بيخبوها (قصدى بيحبوها) مخصبة بالسمسم.
- عاوزين نشوف حجم مبيعاتك من الفلافل والطحينة وكمان الكسبرة دى والسمسم.
- أنا بأبيع فلافل كثير، كل الناس بتحب تاكل فلافل.
- بلاش لؤم، عاوزين نعرف بالضبط مين بياكل فلافل عندك، وعاوزين نعرف عناوينهم، وصور من جواز سفر تبعهم.
- أنا ما أعرفش أى حاجة، عن مين بيشترى إيه.
- إعترف وأخنا خنساعدك، إنتى ختبقى شاهد فى القضية.
- قضية إيه، أنا راجل شغال رسمى وما فيش تحريم ببيع الفلافل.
(يتوجه ضابط من الذين قلبوا المحل رأسا على عقب إلى المحقق ويقول له بالإنجليزية):
- بعد التفتيش وجدنا 150 قرص فلافل مخصب بالسمسم، و120 قرص بدون تخصيب، ومائتين وثلاثين صندوق فلافل خام جاهزة للتسويق، وخمسة وخمسين برطمان طحينة، ولم نجد أى كسبرة.
يوجه المحقق كلامه إلى صاحب المحل:
- فين الكسبرة بتاعة التخصيب النووى.
- نووى إيه، أنا ما عنديش غير شوية نوى مشمش وبلح، إذا كانوا ينفعوا فى النووى، خدوهم.
(المحقق يطلق تحذير بجهاز الووكى توكى إلى رؤسائه):
- يبدو أن عنده نووى، ويقول أن النووى مكون من نوى المشمش ونوى البلح (ويبدو أن هذا أسم الشفرة السرية)، نريد خبراء الأسلحة النووية للحضور فورا للتعرف على أسلحة الدمار الشامل والتى يبدو أنها موجودة هنا، أكرر نريد خبراء النووى فورا.
...
يوجه المحقق كلامه مرة أخرى إلى صاحب المحل:
- فين الكومبيوتر بتاعك خبيبى؟
- أنا ما عنديش كومبيوتر.
- أنا قلت لك خبيبى الإنكار مس كويس علسان إنتى، إعترف بكل خاجة وإخنا نساعدك.
- أناما بأعرفش أستخدم كومبيوتر
- فين مستندات إنتى، وخصوصا مستندات فلافل بتشترى لمين وبتبيع لمين؟
يفتح صاحب المحل ويأخذ ملفا ويعطيه للمحقق:
- آدى كل الفواتير بتاعتى وآدى دفتر الحسابات.
(يعطى المحقق الملف والدفتر إلى أحد مساعديه)
يوجه المحقق كلامه مرة أخرى لصاحب المحل:
- أنتى باين عليك خبيبى واخد لئيم ومس ختيجى بالذوق، وضرورى تيجى معانا فى المكتب عسان ناخد أقوال إنته، إنتى إسمك إيه:
- إسمى أبو جهاد.
(ينزعج المحقق من أسم أبو quot;جهاادquot; ويتكلم مرة أخرى فى التووكى ووكى لرئيسه، إسمه quot;جهادquot; ماذا نفعل به...؟... أوكى)
- إنت متأكد إن إسمك أبو quot;جهادquot;؟
- أيوه إسمى أبو جهاد.
- يبقى ضرورى تشرفنا خبيبى فى معتقل جوانتنامو!!
[email protected]
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات