رد على د. كامل النجار (3): الخلط بين الاسلام والمسلمين القرآن الكريم ليس حمّال أوجه: ردا على د. كامل النجار هذا العلمانى الضحية.. صريع السلفية..!!
هذا العلمانى الضحية.. صريع السلفية (4):
فى الكلام عن المنهج: الخلط بين الاسلام والمسلمين:
مقدمة:
نزلت الرسالة السماوية الاخيرة قرآنا محفوظا من التحريف والتغيير في نصه ولفظه ليكون حجة علي البشر حتي قيام الساعة. وفي القرآن جانب هام يعزف المسلمون عن التدبر به لأنه يخالف نوعيات التدين السائدة عندهم، وهو العتاب واللوم الذي كان يوجهه الله تعالي الي الانبياء خصوصا خاتم النبيين عليهم السلام، اذ ان أديان المسلمين الأرضية تؤلّه الانبياء فضلا عن غيرهم من الصحابة والائمة والاولياء. والتدبر في هذا الجانب يهز ذلك الاعتقاد عند المسلمين.
ونشرح ونعطى بعض التفصيلات القرآنية:
أولا: ـ
لو كان الأنبياء والبشر الصالحون وغير الصالحين مجسدين لدين الله تعالى ما كان هناك حساب يوم القيامة. فالحساب بما فيه من ثواب وعقاب يعنى وجود فجوة بين الأوامر وتطبيقها، وأن هذه الفجوة تختلف من شخص الى آخر حسب تطبيقه للأوامر، وأن هذا يشمل الأنبياء أنفسهم لأنهم سيتعرضون للحساب يوم القيامة شأن البشر تماما، يقول تعالى (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (الأعراف 6) فهنا مساواة بين المرسلين والبشر جميعا فى استحقاق الحساب يوم القيامة فكل منهما فى كفة. بل هناك تاكيد على حساب المرسلين أكثر لأن عددهم مجرد آلاف ولكنهم فى كفة مقابل كفة اخرى فيها بلايين البلايين من البشر جميعا.
ويأمر الله جل وعلا خاتم النبيين بالتمسك بالقرآن الكريم: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) ثم يقول عن خاتم النبيين وعن قومه مساويا بينه وبينهم فى المسئولية والحساب (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (الزخرف 43 ـ) فهنا أيضا مساءلة له فى كفة مقابل قومه كلهم. ونقول ايضا انها ليست مساواة لأنه فرد فى كفة تقابل كفة اخرى فيها كل القوم.
ثانيا:
هناك فرق بين مصطلح النبى ومصطلح الرسول.
النبىquot; هو شخص محمد بن عبد الله فى حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله، وتصرفاته البشرية.
ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى، لذا كان العتاب يأتى له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ؟!﴾ (التحريم 1).. ويقول له ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ) أى لا ينبغى لأى نبى أن يقع فى الغلول و الظلم، فماذا إذا وقع؟ يقول تعالى (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (آل عمران 161). وحين استغفر لعمه أبى لهب ـ وليس لأبى طالب كما تقول أكاذيب التراث ـ قال له ربه تعالى ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ (التوبة 113). وعن غزوة ذات العسرة قال تعالى ﴿لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (التوبة 117).
وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينهاه عن طاعة المشركين ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا..﴾ (الأحزاب 1: 3). كل ذلك جاء بوصفه النبى.
وكان الحديث القرآنى عن علاقة محمد عليه السلام بأزواجه أمهات المؤمنين يأتى أيضاً بوصفه النبى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) (الأحزاب 28). ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا.﴾ (التحريم 3). (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) (الاحزاب 28) وكان القرآن يخاطب أمهات المؤمنين، فلا يقول يا نساء الرسول وإنما ﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء ﴾ (الأحزاب 32، 30).
وكان الحديث عن علاقته بالناس حوله يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ (الأحزاب 59) ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ (الأحزاب 6) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ﴾ (الأحزاب 53) ﴿ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ﴾ (الأحزاب 13).
وهكذا فالنبى هو شخص محمد البشرى فى سلوكياته وعلاقاته الخاصة والعامة، لذا كان مأموراً بصفته النبى باتباع الوحى.
أما حين ينطق النبى بالقرآن فهو الرسول الذى تكون طاعة ما ينطق به طاعة لله ﴿ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ..، وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ..﴾ (النساء 80، 64).
وهكذا فان طاعة الرسول ليست طاعة لشخص محمد، لأن النبى محمدا بصفته البشرية أول من يطيع الوحى القرآنى وأول من يطبقه على نفسه، وكان (النبى) مأموراً باتباع الوحى أى بطاعة (الرسول) أى طاعة الرسالة أى القرآن ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ..﴾ (النور 54).
إن طاعة الرسول أو الرسالة أو القرآن تعنى طاعة الله جل وعلا مرسل الرسالة كما تعنى حامل الرسالة وهو الرسول محمد عليه السلام لذا جاء قوله تعالى فى ايجاز واعجاز (.. وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النور56) فبطاعة القرآن تكون طاعة الله جل وعلا وطاعة الرسالة أى الرسول، فالمطاع هنا واحد هو الله جل وعلا فى رسالته التى بلغها رسوله، وكان النبى أول من يقوم بالطاعة.
ولم يأت مطلقاً فى القرآن quot;أطيعوا الله وأطيعوا النبىquot; لأن الطاعة ليست لشخص النبى وإنما للرسالة أى للرسول، أى لكلام الله تعالى أى القرآن الكريم الذى نزل على النبى والذى يكون فيه شخص النبى أول من يطيع..
كما لم يأت مطلقا فى القرآن عتاب له عليه السلام بوصفه الرسول.
ويلفت النظر هنا أنه كما تكرر فى القرآن الكريم الأمر بطاعة الرسول بمعنى طاعة الرسالة أو صاحب الرسالة وهو الله جل وعلا، فإن طاعة النبى جاءت مقيدة بالمعروف، أى طاعة تشريع القرآن الكريم، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (الممتحنة 12).
لوقال فى مقدمة الاية (يا أيها الرسول) ما قال (ولا يعصينك فى معروف) لأن طاعة الرسول أو الرسالة مطلقة لأنها أوامر الله جل وعلا. أى هى معانى ليست متجسدة فى شخص. أما النبى فطاعته مقيدة بالمعروف.
ثالثا:
الأنبياء بشر يسرى عليهم ما يسرى على البشر من الوقوع فى الخطأ:
1 ـ للنبى نفس بشرية، وقد قال تعالى عن كل نفس بشرية: (نَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (الشمس 7 ـ) أى أن نفس النبى قد ألهمت الفجور و التقوى، شأن أى نفس بشرية، ثم انها ـ نفس النبى ـ تقوم بتزكية ذاتية.
2 ـ النبى يدخل ضمن (الناس)، والله تعالى يقول عن الناس (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ) (النحل 61) (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ) (فاطر 45) أى لو عاقب الله تعالى الناس بظلمهم وذنوبهم لأهلكهم جميعا و ما بقى على الأرض دابة. وهذا يشمل الأنبياء.
3ـ النبى يدخل ضمن الانسان ـ طالما ظل حيا يسعى، وينطبق عليه قوله تعالى (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (العاديات 6 ـ) (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) (العلق 6 ـ) (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) (عبس 17)
رابعا:
ولكن الأنبياء بكل ما فيهم من بشرية فهم أفضل البشر، لأن الله تعالى إختارهم لمهمة الوحى، (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (الحج 75) والله لا يختار إلا أفضل البشر،وهوجل وعلا أعلم أين يضع رسالته (اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام 124)
والله تعالى لا يرسل رسولا إلا من من جنس قومه، فان كانوا عربا كان عربيا، (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ) (الجمعة 2)ولو افترضنا انهم ملائكة كان ملكا مثلهم (قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً) (الاسراء 95).
والله تعالى يعلم النبى و يؤدبه، قال تعالى عن بعض الأنبياء مثلا (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) (يوسف 6) وقال عن خاتم الأنبياء (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (الأنبياء 113) وقد نزلت هذه الآية بعد آيات تذكر كيف تعرض النبى محمد لعملية خداع فاقدم على الدفاع عن ظالم لأن أهل الظالم تآمروا على إخفاء الحقيقة عن النبى. وفى الاية الكريمة السابقة وما قبلها تاكيد على وقوع النبى محمد للخطا، حين دافع عن الظالم، وفى الاية السابقة تاكيد على أن الله تعالى هو الذى علّم النبى محمدا الكتاب والحكمة وما لم يكن يعلم. ومن ذلك التعليم كان الوحى ياتى له ينبهه على ما يقع فيه من أخطاء.
خامسا:
عصمة النبى بالوحى الالهى الذى يوجهه و يؤدبه ويهديه:
يقول تعالى لخاتم النبيين (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) (النساء 79)، أى إذا أصابته سيئة فان ذلك لذنب وقع فيه، وقد غفر الله تعالى له كل ذنوبه (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) (الفتح 2) أى كانت له ذنوب، ولكن الله تعالى غفرله وهداه. والقانون القرآنى أن النبى إذا وقع فى ضلال فإن ذلك من نفسه، وإذا إهتدى فأن الهداية من الله تعالى، وهذا ما أمر الله تعالى خاتم الأنبياء ليعلنه بنفسه و ليقوله: (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) (سبأ 50)
سادسا:
وفى إطار تعليم الأنبياء و هدايتهم وتوجيههم للقيام بمسئوليتهم تردد فى القصص القرآنى ذكر أخطاء بعض الأنبياء وتوبتهم. والله تعالى يذكر هذا ليس فقط لتعليم خاتم النبيين ولكن أيضا لنتعلم نحن أيضا أن الأنبياء بشر، حتى مع تمتعهم بالوحى الالهى ـ فالله تعالى أمر خاتم الأنبياء أن يقول إنه فى البشرية مثلنا، ولكنه يوحى اليه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف 110). والعجيب بعد هذه الآية أن يقوم المسلمون بتقديس النبى محمد واعتباره الاها لا يخطىء.. فالله تعالى هو وحده الذى لا يخطىء لذا نقول (سبحانه و تعالى) أى تعالى و تنزه و تقدس ع الوقوع فى الخطأ الذى يقع فيه البشر أو أن يوصف بما يوصف به البشر، جل وعلا. إنه وحده ذو الكمال الأكبر و ذو الجلال الأعظم، وأى وصف لمخلوق بالقداسة هو انتقاص من مساحة التقديس التى يجب أن تكون لله تعالى وحده خالصة لا يشاركه فيها أحد من خلقه.
سابعا:
والاسلام هو اوامر ونواهى جاء بها الوحى القرآنى، ولو كان عليه السلام مطبوعا مفطورا على الطاعة المطلقة و العصمة المطلقة من الوقوع فى الخطأ لأصبح تجسيدا للاسلام. ولكنه كان بشرا مثل بقية البشر ولكن تميز عنهم بالوحى. إن خاتم رسل الله جل وعلا ـ وهو من أعظم خلق الله ـ لم يكن يجسد الاسلام، بل كان متبعا لأوامر الله جل وعلا، ومأمورا بذلك، فقال له ربه جل وعلا: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)(الانعام 106) (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ) (يونس 109) (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) (الأحزاب 2)
بل امره ربه جل وعلا أن يعلن أنه مأمور باتباع القرآن (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) (الانعام 50) (قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي) (الأعراف 203) (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) (يونس 15) (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) (الأحقاف 9).
وفى تنفيذه لأوامر الله جل وعلا كان بشرا يخطىء و يصيب، لذا كان من تصرفات النبي محمد ما كان مستوجبا للعتاب واللوم، ومنها ما كان مستوجبا للمدح والإشادة.مدحه الله تعالي ومدح المؤمنين حين بايعوا تحت الشجرة (الفتح 18) وحين جاهد وجاهدوا معه بأموالهم و انفسهم (التوبة88:89:92). وعاتبه برفق حين سمح للمنافقين بالقعود عن القتال (التوبة 43) وعاتبه بقسوة قائلا (وتخشى الناس والله احق ان تخشاه: الاحزاب 37)في موضوع زواجه من مطلقة زيد بن حارثة الذي كان يتبناه.
وفي حركته في الدعوة عاتبه كثيرا بسبب حماسه الزائد الذي كان يقترب من الاكراه في الدين فيقول له ربه(ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا، افأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين:يونس 99) وأكد علي ان يترفق بنفسه فلا يحزن علي عناد قومه (الكهف 6 فاطر 8، هود 12، النحل127،الحجر 97،آل عمران 176،المائدة 41،الانعام 33).
وفي حركته بالدعوة عاتبه الله حين كان يتقرب من المشركين اصحاب السطوة املا في هدايتهم، وقد يطرد المؤمنين الفقراء ليستجيب الي هؤلاء الاغنياء (عبس 1-،الكهف 28-، الانعام 52)
ثامنا:
وبالتامل فى الايات السابقة يظهر لنا أن التكرار فى النهى يعنى انه لم يلتزم بطاعة الأمر الأول فجاء تكراره أكثر من مرة. وهذا يستلزم توضيحا:
فى البداية أعرض النبى محمد عليه السلام عمن شخص أعمى جاءه يسعى يطلب الهداية، و كان السبب حرص النبى على أن يتألف قلب أحد أولى الجاه، فقال جل وعلا يلوم النبى محمدا (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى) بعدها قال له ربه يحذره: (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) (عبس: 1 ـ).
لكنه عليه السلام نسى ولم يتذكر فكرر نفس الخطأ، فامره الله جل وعلا ان يرغم نفسه على الصبر على صحبة الفقراء المؤمنين، وألا يفارقهم متقربا من أصحاب الجاه و السيطرة، وهم مهما داهنوه فهم ضد قيم الاسلام وعدله: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف 28)
فهل فعل النبى ذلك؟ كلا.. إنه قام بطرد أولئك المؤمنين الفقراء من مجلسه فقال له ربه جل وعلا: (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) أى طردهم فأنذره ربه إن عاد الى ذلك أن يكون من الظالمين، (الأنعام 52: 54)
وبالتوازى مع ذلك كانت علاقته بأهل الجاه وتقربه اليهم، وهذا ما كان منهيا عنه لأنهم أعداؤه الحقيقيون، ولكنه كان يأمل أن يعتمد عليهم فى نشر الاسلام، وكانوا ينتهزون حضوره فيخوضون فى آيات القرآن الكريم ويتخذونها لهوا ولعبا.
ونتتبع النواهى التى جاءته فى هذا الصدد، وكيف كانت استجابته لها.
فى البداية قال له ربه جل وعلا (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (المعارج 42) فلم يستجب، فتكرر نفس الكلام بالنص والحرف (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (الزخرف 83)
ولم يستجب فجاءه تحذير اقوى واكثر ايلاما، يقول له ربه جل وعلا: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هل هناك ايلاما اكثر من قوله تعالى له (وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ثم أمره أن يتقى الله جل وعلا و يتخذ من ذلك ذكرى حتى لا يقع مجددا فى نفس الخطأ فيؤاخذ به يوم القيامة (وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ثم يعيد النهى بالابتعاد عن أولئك المتلاعبين بدين الله جل وعلا (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ) (الأنعام 68 ـ)
وقد التزم النبى محمد عليه السلام اخيرا بالتطبيق ولكن بعض المؤمنين ومنافقى المدينة بعد الهجرة ـ ظل فى عصيانه، فنزل قوله جل وعلا يذكّرهم بالأوامر السابقة التى لم ينفذوها، ويحذرهم: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (النساء)
وفي كل هذه التصرفات التي استلزمت المدح او العتاب واللوم كان النبي محمد يناضل بجهده البشرى فيخطىء ويصيب ويأتيه العتاب واللوم أو الاشادة و المدح. وفى كل الأحوال كان النبى محمد عليه السلام معبرا عن نفسه وشخصه، إن أصاب فلنفسه وبهدى الله جل وعلا، وإن أخطأ فمن نفسه وليس من الاسلام، كما يقول تعالى فى الآيتين المشار اليهما (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) (سبأ 50) (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) (النساء 79).
تاسعا:
التأسى والإقتداء
الأنبياء أئمة البشر، ولكن لأنهم بشر فان الله تعالى لا يجعل الاقتداء بهم مطلقا ولكن يربطه بالوحى أو بالموقف المحدد الذى يكون فيه تطبيق ذلك النبى للوحى فى أفضل حالاته.
ونضع بعض الأمثلة:
1 ـ أمر الله تعالى محمدا بأن يتأسى بهدى الأنبياء السابقين، فالهدى هنا هو الوحى الذى نزل عليهم: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (الانعام 6 /:90) لم يأمره بالاقتداء بالأشخاص ولكن بالوحى الالهى.
2 ـ وأمره الله تعالى أن يتاسى بابراهيم ومن معه فى موقف معين تعرضت الآيتان (4، 6) من سورة الممتحنة: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). وواضح فيها أن التأسى ليس بشخص حتى لو كان هذا الشخص هو النبى إبراهيم عليه السلام، ولكنه التأسى بموقفه، حين أعلن إبراهيم والذين معه تبرأهم من أقاربهم المشركين.
وفيما بعد تعرض النبى محمد للوم مجددا حين نسى هذا التوجيه فاستغفر لعمه أبى لهب ـ وليس لأبى طالب كما تقول أكاذيب التراث ـ فقال له ربه تعالى ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ (التوبة 113). ثم قال له يذكره بالتوجيه السابق الذى نساه: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) ثم يوضح له رب العزة منهج هدايته للنبى والمؤمنين: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التوبة 114،115).
3 ـ ونفس الموضوع حين أمر الله تعالى المؤمنين بالتأسى بالنبى محمد وشجاعته فى غزوة الأحزاب: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 33 / 21)
4 ـ وبالتالى فلا يمكن أن نتصور أن يطلب الله جل وعلا من المؤمنين أن يقتدوا بالنبى محمد عليه السلام حين وقع فى خطأ استوجب العتاب: كقوله تعالى له: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) (التحريم 1)
وأخيرا:
فى الدين الالهى فان محمدا عليه السلام لا يجسد الاسلام، مع أنه نبى الاسلام والذى قام بتبليغ رسالة الاسلام.. وبالتالى فلا يوجد اى بشر بعده يكون تجسيدا للاسلام.
أما فى الأديان الأرضية فأئمتها هم اصحابها وهم مالكوها ومخترعوها، ولذا يتمتعون بالعصمة المطلقة فى عقائد أتباعهم، وبالتالى يكون كفرا وخروجا على الملة عند أصحاب الأديان الأرضية أن تناقش أقوال أولئك الأئمة أو أن تعاملهم كالبشر الذين يخطئون. ولقد تعرضنا ـ ولا زلنا نتعرض ـ للاضطهاد وفتاوى القتل لأننا جرؤنا على مناقشة البخارى وغيره ولأننا انتقدنا تلك الصورة الكاذبة المزورة لأصحاب تلك الأديان الأرضية والتى صوروا بها النبى محمدا عليه السلام، وجعلوه مع الصحابة و التابعين والأئمة مجسدين للاسلام العظيم.
ثم جاء على أثرهم علمانيون ملحدون يتابعونهم فى هذا الافك للطعن فى الاسلام.
ولو اكتفوا بمناقشة أديان المسلمين الأرضية من سنة و تشيع وتصوف وتراث لكانوا منصفين حيث سيؤاخذون أصحاب تلك الديانات بأقوالهم وتراثهم المكتوب.. ولكنه الهوى الذى يريد أن يهاجم الاسلام بأخطاء المسلمين معتبرا أولئك المسلمين تجسيدا للاسلام.
ولهذا فان ما نقوله هنا لن يعجب السلفيين ولن يعجب العلمانيين الملحدين معا. هم خصوم لبعضهم البعض، ولكن يتفقون معا ضد الحق القرآنى ومن يقوله طلبا للاصلاح..
والى اللقاء فى الحلقة القادمة..
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات