في بداية اختياري لتخصصي الجامعي ، ذهبت الى أستاذة جامعية من أوائل من حملن شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة من السعوديات وقلت لها عن التخصص الذي أحبه لكن ما يرددني أنني أخشى ألا يكون له مجال للعمل في المملكة ، وأتذكر كلماتها التي أدين لها بها اليوم حيث قالت لي: quot; لو أنني اتبعت المنطق الذي تتحدثين به اليوم ، لكنت تزوجت في المتوسط ولم أكمل دراستي فلم يكن هناك وقتها مجالا لأي شيء ، اختاري ما تحبين اليوم وابدعي فيه وانت ستصنعين مستقبله quot;
المرأة الخليجية -غالبا -، تعرف حدودها جيدا، وتعرف ما هو غير مسموح لها وما هو صعب عليها بحكم العادات والتقاليد والأعراف ، لكنها تحدق كثيرا في الباب المغلق أمامها وتتجاهل الكثير من الأبواب المشرعة حولها والنوافذ التي تستطيع أن تصنعها ، وكأنها اعتادت على القيود وكبلت يديها ورجليها وحتى عندما فكت هذه القيود بقيت هذه القيود في عقلها وكل ما تحتاجه هو حركة بسيطة لتدرك أن هذه القيود لم تعد هنا .
كنت أتابع برنامج الحدث الذي تقدمه الاعلامية المتمكنة شدا عمر ، وقد تناول موضوع ظهور المرأة في الاعلام ، وقام باستفتاء حول ظهور المرأة السعودية في التلفزيون فكانت نتيجة الاستفتاء - المشكوك في صحته -أن أكثر من تسعين بالمئة من السعوديين يرفضون ظهور المرأة السعودية في التلفزيون !!- صح النوم ؟-هناك مقولة غربية تقول (اذا لم تكن مكسورة لا تصلحها )، فلماذا اجراء مثل هذا الاستفتاء ، والاتيان بالضيوف من التيارات المختلفة والزج باسم خادم الحرمين الشريفين لتبرير هذه القضية المحسومة وكأن ظهور المذيعة السعودية شيء جديد ؟أنا من يوم ولدت وأنا أشاهد سلوى شاكر وبنات بكريونس في التفزيون السعودي عندما لم يكن هناك سوى القناة الأولى ولم أسمع أحدا يناقش تظهر المذيعة أو لا تظهر ؟فما هو الجديد لمناقشة مثل هذه القضية اليوم سوى (الفضاوة )؟
اليوم تعلن قناة العربية عن مسابقة للافلام الوثائقية ، فكم فتاة خليجية فكرت بالمشاركة بمثل هذه المسابقة ، رغم عدم مخالفتها لعاداتنا وتقاليدنا ، لكنها القيود الوهمية والانهزام الداخلي الذي يمنعها من المبادرة .
مجال التجميل مثلا ، هو فن ومهنة مربحة جدا وتكفي زيارة واحدة لمراكز التجميل في آخر الأسبوع لتجد الازدحام والمضاربات على المواعيد ، ومع ذلك لا تزال النظرة له في الخليج نظرة دونية ويترك للجنسيات الأخرى ، فلماذا لا تبادر الفتاة الخليجية في اقتحام هذا المجال واثبات نفسها فيه وهو لا يخالف ديننا ولا عاداتنا .
الانترنت وحده فتح مجالا واسعا للمرأة الخليجة مع (قرارها )في بيتها فهناك التجارة عبر الانترنت وهناك المدونات وهناك الكتابة وهناك التعلم الالكتروني لكنها لا تزال تصر على الاستسلام للفراغ والشكوى .
دائما هناك أول مرة ، وأول سعودية ذهبت الى الدراسة في الخارج وجدت قبيلتها تتربص لها في المطار لكن بعد ذلك لحقت بها آلاف السعوديات ، وأول سعودية فتحت بوتيك لقيت نظرات الاستهجان والانتقاد من مجتمعها ، واليوم نجد آلاف (البوتيكات )التي لا تشكو شيئا باستثناء ضرواة المنافسة ، ولا تزال هناك الكثير من المجالات التي تنتظر المرأة السعودية في المحاماة والاعلام والصحافة ، وكل ما تتطلبه فقط شيء من الايمان بالنفس والشجاعة والمبادرة فعلى مر التاريخ هناك أناس بادئون وآخرون يلحقون بهم

وكما يقول أنطونيو ما تشادو:
quot; شيئا فشيئا، خطوة خطوة
أيها المسافر ليس هناك درب
المسير يصينع الدرب
المسير يصنع الدرب quot;:
[email protected]