بفكر شيطاني جر بن لادن الولايات المتحده إلى مواجهة شامله بين الفكر الإسلامي المتطرف وبين كل الأديان الأخرى ممثلة في القوة العظمى.... حقيقة أن هدفه الأول كان جرها إلى السعودية للقضاء على آل سعود وبعث الدين كما يراه ويحلله ويبرره.. ولكن لا بأس بقدومها إلى العراق.. واستغل وحشية الإحتلال الإسرائيلي تحت فكر صهيوني متشدد لفتح جبهة أخرى تغذي فكرة التطرف.. لتقسيم العالمين الشرقي والغربي كما إدعى إلى دار الكفر ودار الايمان... وبسذاجة واعتمادا على القوة العسكرية بدون إستعمال قوة المنطق والمبادىء التي جعلت الولايات المتحدة القوة العظمى حين إحتضنت كل الشعوب بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العقيدة.. إنجرت الولايات المتحده وبدعم معظم الدول الغربيه إلى المنطقة العربية خوفا من التطرف.. وحرصا على مصالحها الإستراتيجيه من الوقوع بأيدي االمتأسلمين الذين لن يهمهم إنعزال وعزل المنطقه عن العالم ما داموا سيعودون إلى أيام البداوة والدين الخالص الذي يملك الحقيقة الغيبية المطلقة والعلاقة المتميزة مع الله كما ظهر من الصور التلفزيونية لمعيشة بن لادن.. والنتيجه أنه وبعد خمس سنوات على هذا الحدث لم تتقدم الولايات المتحده ولا العالم الغربي خطوة واحده للقضاء على هذا الفكر الأصولي المتطرف الذي يرى العالم بعين واحده.. وأصبحنا عرب ومغتربن وغربين.. مسلمين ومسيحيين وبوذيين وجميع البشر من كل الأديان.. نكتوي بنار الحرب المشتعله بينه وبين أميركا.. في أشكال متعدده..
الخطر الأكبر يكمن في المنطقه العربيه.. وفي ما آلت إليه من تخلف معنوي وأخلاقي أكبر مما كانت عليه..حين غذّت أفكار الإسلام الأصولي الذي ينادي بالإسلام السياسي كحل.. عقول أكبر شريحه من سكان المنطقه وإختاروا طوعا إقفال نعمة التفكير والتدبير تحت شعارات أن القوة الإلهيه ستنقذهم عاجلآ ام آجلآ من طغيان أميركا وأن الإسلام السياسي منتصرا لا محاله على كل ما عداه ليسود العالم وتعم العدالة الإجتماعيه.. وينتهي الكفر ومن ثم العمل بشريعة الخالق فقط.. البدايه بتضييق الخناق على الأقليات quot;الكافرهquot; الموجوده بيننا.. المسيحيون المتواجدين منذ الآف السنين.. والذين هم الأصل السكاني في مصر.. وفي لبنان.. والعراق وكل المنطقه العربيه نظرأ لأن المسيحيه جاءت قبل الإسلام.. وأن الحقيقه ان الغزو الإسلامي هو الذي أدخل شعوب المنطقه إما طوعا وإما قهرا في دينه.. وبالتالي ولتنفيذ خطتهم الجهنميه أنطلقوا في حملة مسعوره لحمل مسيحيي المنطقه العربيه على الهجرة الطوعيه.. ثم وفي محاولة لتنميط كل السكان خوّنوا وحللوا دم كل من يحاول الدخول في حوار حول ما هو الأصلح للمنطقه وللشعوب حول فصل الدين عن السياسه.. وصّعد هؤلاء المتطرفون الصراع ورفض إسرائيل كشعب ودوله سواء في حدود 48 أو 67. مستغلين وحشية وضراوة الإحتلال الإسرائيلي لتصعيد فكر العنف والمقاومه العنفيه والتي أثبتت عدم جدواها إطلاقا لا مع إسرائيل في الأرض المحتله ولا مع اميركا في العراق برغم الخسائر الفادحه التي مني بها الطرفان..
تحت شعار الجهاد والمقاومه.. قتل الآف بدون ذنب إلا لوجودهم في المكان الغير مناسب في الوقت المناسب لإرهابيين غذتهم أفكار القاعده ووردتهم مع منظمات إرهابيه أخرى لإسقاط أميركا أكثر وأكثر في وحل الحرب..ونجحت خطتهم... وبالفعل تنهزم أميركا كل يوم في العراق.. ولكنهم ليسوا بمنتصرين على الإطلاق..
الهدف في كل الأحوال ليس الحرص على شعب العراق أو تحرير العراق.. ولا الشعب الفلسطيني بقدر ماهو الحرب المسعوره بين الفكرين... وهو ما يتأكد يوميا من وجود وتغلغل هذا الفكر المتطرف في العراق وفي غزه وفي دول عربية أخرى تتأرجح أنظمتها ما بين السماح لهذه المنظمات بالدخول في العملية السياسيه تحت شعار التعدديه وبين رفضها درءا لما ينتظرها من إقصاء من السلطه.. وليس خوفا على شعوبها من سلطة هذه التنظيمات ومن فتاوي فقهائها..
نعم.. انا اؤمن بأن الحرب الحقيقيه ليست بإحداث الدمار الشامل للدوله وللإنسان.. ولكن في المحافظه على مؤسسات الدوله وإصلاحها ورفع قيمة الإنسان وإحترام كرامته الإنسانيه وعدم تعريضه لإذلال أكبر مما يردح فيه.. سواء في العراق... أو في غزة.. أو في أي مكان في العالم..
لقد نجح هذا الفكر في مسح أي تعاطف أو رابط إنساني بين الشرق والغرب.. حين غذى الكراهيه بين مسلميه ومسيحييه. وبين مسلميه وكل ديانات الأرض. حين قرر فقهاءه بأن الدين عند الله الإسلام وحده.. وأن ما عداه من الأديان إنما هي كفر وشرك بالله..
عن سابق إصرار أعاد فقهاء السلاطين الفتاوي لتحل محل سلطة القانون الهزيل أصلا في هذه الدول... ولم تحاسبهم أي من الأنظمه حين حرقوا الكنائس في صعيد مصر.. وحين إعتدى مجهولون على عائلات بغداديه مسيحيه ووضعوهم أمام واحد من ثلاثة خيارات.. إما إعتناق الإسلام وإما دفع الجزيه.. وإما الهجره وترك أملاكهم..
تحت تفسير فقه التقيه.. رفضوا الديمقراطيه جملة وتفصيلا لأنها تتعارض مع الدين.. لأن البنيه التحتيه للديمقراطيه تنبني على المساواة.. فكيف نساوي بين المراه والرجل.. وكيف نساوي بين المسلم والكافر وإن كانوا مواطنين منذ الآف السنين.. وتحت فقه الولاء والبراء أجمعوا على تخوين وإرتداد كل مسلم يحاول إستنباط فكر جديد يدعو إلى إعلاء قيمة التسامح والتعايش مع الآخر وترسيخ قيمة المواطنه. في محاولة مستميته للدفاع وإظهار إنسانيه الدين. ودعوا إلى تطبيق الحد الشرعي على كل مسلم يصادق الغرب ويساند قوانينه الوضعيه أو يطبق قوانينه بدلا من تطبيق الشريعه لأنه في نظرهم خرج عن الايمان الحقيقي بالإسلام....
فإذا كان هذا هو تفسيرهم.. ترى هل هل ينطبق هذا التبرير للرده وللقتل على جميع المغتربين المسلمين لأنهم قطعا سيلتزمون بالقوانين الغربية التي يعيشون تحت كنفها والتي إحترمت كرامتهم الإنسانيه أكثر من بلادهم الأصليه ؟؟؟؟
فتاوي القرن الواحد والعشرون التي أقرت بتكفير الشيعه.. حسب وصف رجل الدين السعودي الشيخ عبد الرحمن البراك على موقع ميدل ايست أون لاين..بإعتبارهم من الرافضه وأنهم شر طوائف الأمه..
تفشي ثقافة وأيدلوجية النفاق.. فتبدو اكثر وضوحا حين أفتى الشيخ عبد الله سليمان المنيع بجواز دخول المسلم للكنيسة والإطلاع ( وهو ما لا ترفضه أي كنيسة على الإطلاق ) وجواز دخول المسيحيين للجوامع وحتى الصلاة فيها ما عدا المسجد الحرام.. ترى هل كان يمهد في ذلك لجواز دخول اليهود إلى الجامع الأقصى وحقهم في الصلاة فيه ؟؟؟ أنا أعتقد أن كلها بيوت مفتوحه للعباده ولا ضير من وجود كل البشر من جميع الأديان في أي من هذه الدور فقد تعلّم الإنسان كيفية التعايش وقبول الآخر.. فقد نستطيع معا بناء ثقافة سلام جديده تستند على حقوقنا جميعا في العيش بأمن.. ثقافة تخرج من ظلمات جيتو الإستعلاء والإستقواء.. سواء بالقوة العسكريه.. أم بأديان يجب أن تخضع للتحليل العقلي وللمصالح البشريه.. وإلغاء التحكيم الإلهي المطلق على العقل البشري..
التخبط العشوائي في الفتاوي على كل أصعدة المجتمع أوصلت الإنسان المسلم إلى تخبط واضح في القيم.. فتحت محاولة إيجاد حلول للكبت الجنسي المتفشي في المنطقه.. ينادي البعض بتحليل زواج المتعه.. والمسيار.. وكلها أسماء تتحايل عن المسمى الحقيقي لها.. ثم زواج البوي فرند أو كما يسميه الشيخ عبد المجيد الزنداني مؤسس جامعة الايمان بالزواج المّيسر.. وغيرها من أشكال التحايل..
المستفيدين الوحيدين هما ايران.. وإسرائيل.. استغلت ايران هذا التخبط العشوائي.. لتعّين نفسها وكيلا للأمه الإسلاميه المقبله لتحقيق مصالحها ومطامعها لأن تصبح قوة دوليه على قدم المساواة مع اميركا. الشيطان الأكبر.. وبهدف محو الدوله الإسرائيليه الشيطان الأصغر من الخارطه السياسيه وتطهير أرض المسلمين.. ومن يدري فقد تدخل هي بنفسها يوما ما لإحتلال مكه..بعدما كفّرها الشيخ ووصفها بشر طوائف الأمه..
إستغلت ايران العزله الدوليه المفروضة على الشعب الفلسطيني وفقره وجوعه لتقدم لحماس كل المساعدات الماليه الممكنه لغسل عقول اكبر عدد ممكن من الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل.. تجهيزا لإستعماله كوقود في المعركه التي تجهز لها..والتي تتواطأ فيها شيطنة التفكير الإسرائيلي برفضه أي حلول للخروج من الصراع ووحشيته في إذلاله للإنسان الفلسطيني...
وإستغلت إسرائيل هذا الفكر المتطرف لتثبت للعالم بأن الإنسان الفلسطيني الذي وصل فكر القاعده المتطرف وعشعش في عقله وقلبه.. خطر عليها وعلى العالم. و زادت من إذلالها.. وهدمها لروح الإنسان.. في محاولة شيطانية لتهجيره طواعية إلى أي مكان آخر لتنعم هي فقط بالدوله اليهوديه.. كلاهما لا يختلف كثيرا عن فكر القاعده سوى بعمليات تجميل سطحيه..
كلها مجتمعة. فكر القاعده ومشتقاته.. فكر العنصريه الإسرائيليه.. وفكر التطرف المسيحي الذي يغذي ويتستر على وحشية إسرائيل.. كلها مجتمعه تخدم أطماع واهداف ليست من الإنسانية بشيء
السؤال موجه إلى...
الأميركيين أنفسهم.. هل ما يحصل في العراق وفلسطين يدعو العالم الإسلامي لفهم القيم التي بنيت عليها الديمقراطية الغربية؟؟؟ والتي أقر وأعترف بأننا كمغتربون نتمتع بها...
كل مسلمي الأرض.. في الشرق والغرب..هل عقلية الجهاد والشهاده هي ما ستنصرنا وتعيد حقوقنا.. هل الصحوة الإسلامية التي أتت بتفسيرات فقهيه زادت من دونية المرأه وإضطهادها وإنتهاك حقوقها لتجعلها عبدة مسيّرة لخدمة إستعلاء وشهوات الرجل ستجعل الدول الغربيه تنظر لنا بإحترام.. ام أننا بالعلم والمعرفه والوصول إلى مستويات العالم المتحّضر بإنسانية تنبع من ضمائرنا تنادي بالمساواة.. هي التي ستجبر العالم كله على الإعتراف بمساواتنا وبحقوقنا..؟؟
وإلى يهود العالم..هل عقلية المستوطن الذي يعتقد ويدّعي بأن الله وهبه هذه الأرض على حساب بؤس وشقاء الإنسان الفلسطيني المجاور ستجلب الإمن والأمان لإسرائيل.. وليهود العالم أجمع ؟؟؟..
نعم كلنا في قرية كونية واحده يجب ان تبنى على كونية الحقوق لتهدم مفهوم وخرافة الوطن المقدس.. ومفهوم الأمه الواحده.. لأن القدسيه الحقيقية هي للإنسان واحترام كرامته الإنسانية سواء في وطنه الأول أم في الوطن الجديد.. كلنا قريب من الآخر بحيث نستطيع إما معايشته وضمان مستقبل أطفالنا وإما قتله وقتل اولادنا جميعا في مستقبل مظلم لا يبشر بأي نور...

ناشطة وباحثة في حقوق الإنسان في لندن