أجيال متواصلة من (الشعب العربي) نشأت وتنشى على دوي الخطابات العروبية عن فلسطين وقضيتها ((الساخنة))، حقبة زمنية مديدة مُدت بالشعارات والأصوات العالية ومُكبرات الصوت والخطب المتعاقبة داعية لـتحرير فلسطين من البراثن القذرة، والعدوان الغاشم من قوى الصهاينة، ثمّ ماذا بعد؟!

من المستفيد من مدّ الأمد لكل هذا مع المستفيد الإسرائيلي؟ هل الشعب العربي بحاجة لكل هذا الضجيج الذي يلف صبحه وممساه!
لا أنكر أن للقضية بهذا الامتداد فوائد جمة من حيث تشكيل العديد من اللجان التي تأوي الكثير من الموظفين في كفاح لابأس به للبطالة، وصرف الكثير من الأضواء وساعات البث الفضائي، وملئ جدول البرامج في قنوات (الأخبار العاجلة) كلما خفت ضجيج الحروب، فلنا أرض لاتكف ndash; ولا يراد لها ذلك ndash; عن العصف بمسامعنا ومشاعرنا على حدٍّ سواء، تستلهم لنا أعتا صور الجُرح والنزف، وتحيلنا إلى مازوشيين بجدارة لاتنتهي.

أيها السادة حررونا من فلسطين قبل أن تحرروا فلسطين، أنا لاأنفي الحق العربي هاهنا، و لا أدافع عن الظلمة والغاصبين، كل ماهنالك أن خففوا الوطء فلنا حقوق لايجوز أن تصادر لحقوق لن تسترد بهذه المصادرة!
لقد بذلت بلادي وبهدوء وحنكة الكثير من جهود السلام الصادقة والصامتة ndash; التي لاتروق لعشاق الإثارة والأكشن من الدول والقنوات ndash; لكن يأبى أهل تلك الأرض المعنيون على الخصوص أن يشكروا ذلك.. لقد سكبوا حرارة القضية مؤخرا في نهر بارد! !

هل تسألنا يوما أأعاقنا الغوص الزائد في القضية عن مشاريع تبني أمجادا تشفع، وأحلام تشفي المواطن من بؤسه بدلا من مضاعفته بهذا الألم.. أيها القوم رفقًا بنا.