شكة دبوس
لم استغرب أو اندهش كما اندهش الكثيرون، من موقف حسن نصر الله الداعي إلى عدم التدخل عسكرياً ضد عصابة فتح الإسلام في مخيم نهر البارد، حتى وان كان قد دافع عن هذه العصابة بالشكل التمويهي التضليلي الذي لم يعد يخدع أحدا. فقد زعم بأنه يخشى على سكان المخيم من الأذى وواقع الأمر انه لا يريد الأذى لعصابة فتح الإسلام وهزيمتها. سبب عدم اندهاشي من تصرف حسن نصر الله ومساواته بين الجيش اللبناني وعصابة فتح الإسلام بأن جعل كلاهما خطاً احمر، هو أنني وكما كررت في مقالات سابقة، لا أرى فرقاً بين نصر الله وأسامة بن لادن والزرقاوي وفتح الإسلام وبقية منظمات الجهاد، لأنني أرى إن كل هذه الجهات عبارة عن منظومة واحدة لا فرق بينها إلا في حالات التعصب القصوى بين الشيعي والسني عندما يستدعي الأمر، وفي هكذا حالة يكون العداء بينهم أقوى من عداء كل منهم لإسرائيل وهذا ماتقوله أدبيات الأكثر تطرفاً بينهم. أما من ناحية العقلية والممارسة فهما منظومة واحدة تؤمن ( أو تعلن الإيمان) بان الدين هو الذي يجب أن يسيطر على الحياة، أو بمعنى آخر أن يكون المفهوم الديني هو السائد سوى كان ذلك من خلال دولة الخلافة أو دولة الولي الفقيه وكلاهما شئ واحد وهو أن يسيطر الكهنوت الديني على حياة الناس كما سيطر الكهنوت المسيحي في القرون الوسطى. وبالطبع يريدون أن تكون هذه السيطرة من خلالهم كما يحدث الآن في إيران وكما حدث سابقاً في أفغانستان، ومحاكم الصومال، وكما يحدث جزئياً في السودان. إذاً السيطرة هي هدفهم غير المعلن، والدفاع عن الأمة ضد أعدائها المتوهمين هو الهدف التمويهي المُعلن. لذلك نجدهم في الكثير من المواقف يدعمون بعضهم البعض بشكل مباشر أو بتمويه ساذج يكتشفه أي مبتدئ في السياسة، وهذا ما يحاوله حسن نصر بخطوطه الحمراء، أي الدفاع المبطن عن أمثاله من عصابات فتح الإسلام. وأيضا قد يكون هناك سبب آخر لموقف نصر الله، فحسب التقسيمات السائدة الآن، فان سوريا وإيران في جانب والعالم كله، بأممه المتحدة، في الجانب الآخر، والقاعدة وحزب الله وكل المتطرفون الدينيون والقوميون يقفون في جانب سوريا وإيران. وبما أن الأمر أصبح الآن في حالة مواجهة جدية لا تقبل حلولاً وسط ومساومات، إذ انه لا بد أن ينتصر احد الفريقين، لذلك فنصر الله يستميت دفاعاً عن فريقه بدعمه غير المباشر لفتح الإسلام، اما لأنه تلقى أوامر صارمة بفعل ذلك أو انه خائف من أن يكون الدور عليه في المواجهة، إذ أن سوريا إذا فشلت في مواجهتها من خلال فتح الإسلام فسوف تطلب من نصر الله القيام بالدور بوجهه المكشوف، وهنا تكون الورطة التي سوف تكشفه أمام الأغبياء، إذ أن الناس العاديين، ولا أقول الأذكياء، ليسوا في حاجة لمثل هذا الكشف.
(كاتبة من منازلهم)
التعليقات