صباح يوم الإثنين 25 يونية 2007 قال مذيع نشرة أخبار الحادية عشر صباحاً ضمن حزمة الأخبار التي قام بقراءتها أن جماعة جيش الإسلام التي تختطف الصحفي البريطاني آلان جونستون مراسل هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C. في غزة ( منذ نحو 14 أسبوع ) نشرت تسجيلاً مصوراً على شبكة الانترنت ظهر فيه الصحفي المخطوف وقد ألبس حزاما ناسفا، وأضاف quot; والجزيرة تعتذر لمشاهديها لعدم بث الشريط لأنها لم تتأكد من صحته quot;..
ضمن سياق النشرة قال المذيع أن الدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أذاع شريطاً مسجلاً دعا فيه إلى دعم حركة حماس ضد العملاء والخونة، وقامت الفضائية ببث جزء من الشريط وجه الرجل من خلال كلماته اتهاماً صريحاً للحكومة المصرية بأنها كانت على وشك إرسال خمسة ألآف من قواتها لدعم الرئيس الفلسطيني ضد حكومة حماس برئاسة إسماعيل هنية..
كلا الشريطين ينطبق عليه quot; مهنياً quot; قاعدة quot; عدم التأكد quot; الإعلامية الشهيرة، لكن التناول الذي بثته قناة الجزيرة فرق بينهما لأسباب quot; نود ان نتعرف عليها من أولي الأمر quot;.. وكلا الشريطين يتعلق بقضية لها حساسيتها الخاصة : الأول اختطاف مراسل أجنبي منذ يوم 12 مارس الماضي، والثاني يرتبط بمحاولة ليس فقط اختطاف تنظيم القاعدة للقضية الفلسطينية التي ليست في حاجة إلى مزيد من الضياع والإختطاف، بل بتوزيع الاتهامات بلا ضابط عقلاني او بينة موثقة..
لكن الفرق الجوهري الذي ربما يكون هو السبب المباشر وراء الإفراج عن شريط الدكتور أيمن الظواهري بالكامل وعدم الإفراج عن الشريط المختطف آلان جونستون، يرجع إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية سارعت إلى نشر بلاغ جددت فيه المطالبة بالإفراج عن مراسلها قالت فيه بوضوح quot; إن مثل هذه المشاهد التي يظهر فيها جونستون تحت التهديد مروعة بالنسبة لأسرته quot;.. بالإضافة إلى ذلك أعربت وزارة الخارجية البريطانية عن أسفها لنشر الرسالة المصورة وقالت quot; نحن ندين النشر المستمر لتسجيلات من هذا النوع والتي لا تؤدى إلا إلي مزيد من الترويع لعائلة آلان وأصدقائه quot; وطالبت بإطلاق سراحه فوراً ودون شروط quot;..
وهكذا وجد المتابعون للخبر أنفسهم أمام اختيار بين بديلين لا ثالث لهما : إما بث الشريط المصور كما نُشر على شبكة الانترنت كسبق صحفي لمن لم يره ومن ثم تحمل تبعة ذلك من جانب هيئة الإذاعة والحكومة البريطانيتين أي كانت النتائج اليى ستنجم عن هذا الفعل!! وإما الاعتذار لمشاهديها لأي سبب من الأسباب، فاختارت البديل الثاني معلنة على الملأ أنها لم تتأكد من صحة ما جاء إليها..
أما بالنسبة لشريط الدكتور أيمن الظواهري فليس هناك ما سيعود بالضرر علي فضائية الجزيرة بعد بثه والتعليق عليه إذا أساءت إلى حكومة مصر أو إلى شعبها، خصوصاً إذا تعارض ما بثته مع المنطق!! ونعني بذلك عقلانية السؤال الذي سأله مذيع النشرة للمحامي المصري منتصر الزيات quot; ما هو تعليقك على ما ذكره الظواهري من أن مصر كانت على وشك إرسال خمسة الآف من قواتها لمناصرة قوات فتح ضد حكومة حماس quot;.. الأمر الذي حرص على نفيه بشده بعد بحوالي ثلاث ساعات الدكتور ضياء رشوان الخبير المصري في شئون الجماعات الإسلامية عندما وجه إليه نفس السؤال من ذات المذيع، موضحاً عدم اتساقه لا مع الحقائق ولا مع الإستراتيجية المصرية التي تتعامل مع ملف القضية الفلسطينية منذ أكثر من خمسين عام..
لو لم يقع الحدثان في يوم واحد، ربما لم يلفتا النظر كما حدث اليوم.. فهل من تفسير منطقي من جانب القائمون على أمر فضائية الجزيرة!!..

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
[email protected]